مسخرة

عبدالهادي راجي المجالي
مدار الساعة ـ نشر في 2023/02/28 الساعة 01:41
... بعد أعوام قليلة، ستدرك إسرائيل أنها لم تعد تحتاج لتوصيات الخارجية الأميركية.. لم تعد تحتاج لمبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط, لن تحتاج أيضا لضغط الرباعية... حتى الاتحاد الأوروبي لن يفعل لها شيئا, ستدرك أن أغنية عبدالحليم حافظ: (وستعرف بعد رحيل العمر بأنك كنت تطارد خيط دخان) كانت وصف حال لمستقبلها... وستدرك أيضا أن الشاباك والشين بيت, والقوات المحمولة والقوات المجوقلة... لم يعد بمقدورها كلها أن تغير بما في عقل الفلسطيني من عقيدة وفكرة.
انا سأرسم لكم مشهد ال (20) سنة القادمة, إسرائيل ستحتاج أن تتفاوض مع (ابو العبد) صاحب محلات الكنافة في نابلس, (وأبو العبد) سيرفض الشروط المسبقة وسيضع هو شروطه..
سيصل قائد قوات الإحتلال فيما يسمونه تزويرا (يهودا والسامرة) لمرحلة يطلب فيها من (حمودة) رئيس مجلس طلبة مدرسة في جنين, الجلوس على الطاولة وعقد تفاهمات.. حول المعابر (وحمودة) سيرفض.. ربما سيقول له: يجب أن أعود إلى قاعدتي الجماهيرية.. وربما أيضا سيخبره حمودة أنه سيقوم بتأجيل الاجتماع لأن لديه صبة باطون..
صدقوني أن اسرائيل ستصل لمرحلة, تطلب فيها أيضا من (أم العبد) أن لا تمشي في شوارع (رام الله).. لأن أم العبد حين تمشي هناك وتشاهد جيش الاحتلال على المعابر تبصق دوما عليهم.. (وبصقات) أم العبد تظهر على السوشيال ميديا, وتجوب عواصم الغرب كله.. (أم العبد) قادرة على قلب جميع جنودهم إلى (مسخرة)..
حتى قيادات (الليكود) هي الأخرى سترسل برسائلها عبر مبعوث أمريكي لمختار قرية في قضاء الخليل, من أجل اقناعه بقبول اعتذارها عن قيام سيارة مدرعة بدهس مجموعة من اغنامه.. ولكنه سيرفض الاعتذار وسيقرر الرد بالطريقة والزمان والمكان الذي يختاره هو.
الفلسطيني الان يستطيع أن ينتج من صاج الفلافل عبوة ناسفة, الفلسطيني الان يستطيع أن ينتج من عجل (الكاوتشوك) قصة ويستطيع عبر اشعال عجل واحد, أن يلحق خسائر مالية بجيش الاحتلال تقدر بألوف الدولارات, الفلسطيني الان هو من يحرك الجيش اتجاه المكان الذي يختاره, فهو إن قام بتفجير (فتيشه) في القدس, حتما سيجبر جيشا كاملا على أن يعيش حالة طوارئ, وهو إن قام بقتل جندي في نابلس يجبر العالم كله أن يتصدر الخبر كامل الشاشات.. تخيلوا أن اطلاق طلقة واحدة باتجاه جندي اسرائيلي, تكون تكلفتها الملايين من تحرك طواقم البث واستئجار ال?رددات والمكالمات الدولية وأجور المراسلين.. وأجور المحللين, وأجور عربات البث..الخ.
كانت اسرائيل قبل عشرين عاما, هي من تصنع الخبر.. الان الفلسطيني صار هو من يصنع الخبر هو من يحدد زمان العملية, ومكانها.. هو من يتحكم بالوقت, وبحالة الطوارئ.. وبتحريك الوحدات، وحتى باجتماعات مجلس الوزراء.. أنا أراهنكم أن (ابو سمير) بائع التمرية في نابلس لو أراد عقد اجتماع مصغر لمجلس الوزراء الإسرائيلي فبمقدوره ذلك.. فقط يستطيع أن يفجر اسطوانة غاز بجانب (جيب صهيوني).. وسيعقد بعدها بنصف ساعة مجلس وزارء أمني مصغر..
اسرائيل صارت (مسخرة)..
Abdelhadi18@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2023/02/28 الساعة 01:41