خجلت من جهلي!
لو سألني أحد أبنائي قبل يوم الإثنين الماضي عن محمد الشريقي لقلت له لا أعرف. ولوجهته إلى «جوجل» حيث نثار المعلومات وغبار البيانات.
الحق أقول لكم انني شعرت بالخجل وأنا استمع إلى ملحمة الأستاذ محمد الشريقي، الذي كنت أجهل عنه معظم ما سمعت من المؤرخين الأردنيين الثقاة: الأستاذ علي محافظة والأستاذة هند أبو الشعر والأستاذ سمير الدروبي، في الندوة التي أدارها الدكتور جورج طريف في المكتبة الوطنية مساء يوم الإثنين الماضي.
ذهبت إلى المكتبة الوطنية لحضور ندوة إشهار مجلدات «جريدة الشرق العربي»، بمناسبة مرور مائة عام على إصدارها، وكي أهنئ هيفاء النجار وزيرة الثقافة والدكتور نضال العياصرة مدير عام المكتبة الوطنية ونوال العقيل وطلال سامي وسوسن ابراهيم أعضاء لجنة الجمع والتنسيق والمتابعة على إنجاز مجلدات الجريدة الثلاثة، التي قدمت لنا 212 عدداً من تلك الجريدة التوثيقية المذهلة، التي وصفها المؤرخون الثلاثة بأنها منجم وموسوعة ومرجع أمين دقيق، للكثير من الوقائع والأنباء والأحداث والقوانين والبلاغات والمقالات.
لقد تفاجأت بما سمعت عن الشاعر والمحامي العربي السوري محمد الشريقي إبن اللاذقية (1896-1970)، أحد رجالات أمتنا العظام، الذين ساهموا في تأسيس إمارتنا وتوطيد اركان مملكتنا.
فالشريقي أحد دعاة الوحدة العربية المخلصين، وأحد مناصري القضية الفلسطينية البارزين، الذي حكمه المجلس العسكري العثماني في عالية اللبنانية، بسبب العمل القومي السري، بالاعدام سنة 1916، لكنه أفرج عنه لصغر سنه، فلجأ إلى الأردن عام 1922، ليجد فيها الملاذ الآمن، لا بل البلاد العربية التي مكنته من تحقيق ذاته والحصول على أرفع المناصب.
فبعد موقع رئاسة تحرير جريدة الشرق العربي الرسمية، أصبح الشريقي وزيراً للخارجية والمعارف والعدلية والبلاط ورئيسا للديوان الملكي وسفيرا للأردن لدى تركيا ومصر وعيناً في مجلس الأعيان الأردني.
لقد أحسست بالخجل من جهلي بطود في مكانة وحجم محمد الشريقي، الذي كان له دور مؤثر قام به في جريدة الشرق العربي.
ولقد أحسست بعد ذلك بالرضى، لأنني أمسكت بخيط معرفة مهمة جديدة، وفّره لنا المؤرخون الكبار الأساتذة محافظة وهند والدروبي، على أمل أن تنشر وتتاح للجميع، المعلومات الثمينة التي قدموها عن الشريقي والشرق، وذلك ما أرجوه من الأصدقاء الثلاثة: الدكتور نضال العياصرة والدكتور جورج طريف، والأستاذ مصطفى الريالات رئيس تحرير صحيفة الدستور.
لقد توكأت على قول سقراط وتأسيت به: «إنني لأكبرُ ولا زلتُ أتعلم» !!