على خطى بايدن: نتنياهو يزور 'أوكرانيا'.. قريباً؟
مباشرة بعد انتهاء الزيارة السِرية للرئيس بايدن إلى أوكرانيا, بكل ما حفلت به من خطابات تصعيدية ووعود خُلّبية, اختلف في تفسيرها ومدى جديتها محللون ودبلوماسيوين كثيرون وبخاصة في الولايات المتحدة كما في الدول الأوروبية (دع عنك زيارته الاستعراضية لبولندا واجتماعه اللافت والمثير للجدل والتساؤلات مع قادة دول «مجموعة بوخارست التسعة» (وهي 9 دول أوروبية شرقية, كانت جزءاً من منظومة الدول الاشتراكية وأعضاء في حلف وارسو المُنحل، وباتت جميعها أعضاء في حلف الناتو وهي: بلغاريا، التشيك، استونيا، هنغاريا، لاتفيا، ليتو?نيا، بولندا، رومانيا وسلوفاكيا).
نقول: مباشرة بعد انتهاء زيارة بايدن لكل من بولندا وأوكرانيا، «سرّبت» صحيفة «إسرائيل هيوم» اليومية، وهي الذراع الإعلامية لنتنياهو والذي قام باصدارها وتمويلها وتوزيعها مجاناً الملياردير اليهودي الاسترالي/ شيلدون اولسون، سرّبت خبراً مفاده أن زيارة نتنياهو لأوكرانيا قد تتم في المستقبل القريب, وبحسب مصادر - تضيف الصحيفة - فإن هذا الموضوع قيد المناقشة بالفعل في مجلس الوزراء. مُذكِّرة - الصحيفة –- بأن نتنياهو تلقّى بالفعل دعوة لزيارة أوكرانيا, لكن «شروط «الرحلة المُحتملة لم يتم الاتفاق عليها بعد.
وإذ لفتت «مصادر الصحيفة» حقيقة ان زيارة وزير الخارجية الاسرائيلي/ايلي كوهين إلى كييف (الخميس الماضي 16/2), «لم تُثر السخط من جانب موسكو، ما جعل من الممكن مناقشة زيارة محتملة إلى أوكرانيا حتى من قبل نتنياهو نفسه، فإنها أشارت إلى مسألة أكثر أهمية ودلالة بقولها: إن الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس/بايدن إلى كييف «أصبحت حُجّة» أخرى لصالح بدء الاستعدادات لمثل هذه الزيارة لنتنياهو». هنا يمكن التوقف عند «رسالة» التضليل التي تسعى الصحيفة اليمينة المتطرفة لترويجها، خاصة زعمها أن زيارة وزير الخارجية/كوهين إلى كيي? لم «تثر» سخط موسكو (وهو أمر مشكوك فيه), خاصة أن الوزير الصهيوني/رئيس جهاز الموساد السابق اطلق تصريحات عِدائية ضد موسكو, عندما أكدّ بوضوح «وقوف تل أبيب إلى جانب أوكرانيا في أوقاتها الصعبة», مُتعهِّداً حضور حفل إعادة فتح السفارة الإسرائيلية في كييف، في وقت اعتبرته الصحيفة «إسرائيل هيوم» حجة أخرى وتبريراً لزيارة قريبة يقوم بها نتنياهو.
وإذ ما استندنا إلى ما كشفته صحيفة «هآرتس» عن «الشرط» الذي وضعته كييف كي يوافق الرئيس الأوكراني/زيلينسكي على استقبال كوهين, وهو - وفق هآرتس - مشروط بالحصول على تنازلات معينة من إسرائيل، فاننا - بعدما استقبله زيلينسكي – أمام تحوّل متدحرج ومحسوب من قبل نتنياهو, للالتحاق بركب «دول العالم الحُر والديمقراطي, المُدافع عن قيم حقوق الإنسان والحريات العامة بقيادة الولايات المتحدة», أو قل هروب نتنياهو إلى الأمام في ظل أزمة حكومته المتواصلة, بعد أن مضى إئتلافه الفاشي قدماً في إقرار حزمة الإصلاح القضائي, والتي تم التصد?ق عليها بالقراءة الأولى في الكنيست الإثنين الماضي/20 شباط الجاري بأغلبية 63 صوتاً ضد 47.
هل غيّرت إسرائيل/ نتنياهو سياستها تجاه روسيا؟.
من المهم التذكير بأن نتنياهو لم يكن في الحكم عند بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في 24 شباط العام الماضي, بل كان إئتلاف «حكومة التغيير» برئاسة الثنائي بينيت/لبيد، حيث اتخذت الحكومة هذه موقفاً حذراً (أقلّه بالنسبة إلى بينيت, لكن وزير الخارجية يائير لبيد اتخذ موقفاً مُتشدداً ومُعلناً ضد روسيا, عندما قال: إن «روسيا ترتكب جرائم حرب في أوكرانيا»، ولم تُؤثر تصريحاته على تماسك الائتلاف الهجين الذي جمع أطياف أقصى اليمين وأقصى اليسار الصهيوني, مضاف إليه كتلة الإسلاموي المتصهين/منصور عباس.
فضلاً عن أن «بينيت» قام بزيارة إلى كل من موسكو وكييف وراجت أخبار عن سعيه القيام بوساطة تم تجاهلها لاحقا, إلى أن خرج علينا مؤخراً/5 شباط, بتصريحات مثيرة كشف فيها أنه أخذ وعداً من الرئيس بوتين بعدم «قتل» نظيره/زيلينسكي, مضيفاً» أنه اتصل هاتفياً بزيلينسكي قائلاً له: اسمعني يا زيلينسكي، لقد خرجت للتو من اجتماع مع بوتين، لن يقتلك، سألني - واصلَ بينيت - هل أنت متأكد؟. وأجبت: نعم مئة بالمئة لن يقتلك». المثير أن تصريحاته أغضبت أوكرانيا واصفة تصريحاته عن التعهّد المذكوربـ «الكاذبة».
أين من هنا إذاً؟.
ثمَّة مؤشرات على نِيّة نتنياهو خلط الأوراق, سواء إزاء أزمته الداخلية التي قد تنتهي بتفكّك ائتلافه قبل أن «ينجح» في إقرار قوانين الاصلاح القضائي, التي ستسمح بعدم مواصلة محاكمته الجارية الآن أقلّه وهو في منصبه (القانون البلجيكي)، أم خصوصاً لترطيب علاقاته المتوترة نسبيا ومؤقتا مع إدارة بايدن, التي تُبدي معارضة خجولة إزاء محاولاته سلب صلاحيات السلطة القضائية, مُتذرعة/ واشنطن بالقول: إن دولة بلا قضاء, هي دولة غير ديمقراطية». دون تلويح بعقوبات على إسرائيل, أو ممارسة أي نوع من الضغوط.التي تقوم بها على دول عديدة ت?واضع ارتكاباتها إزاء ما تقارفه حكومات إسرائيل المتعاقبة.
هل يرسل نتنياهو «أسلحة» إلى أوكرانيا؟.
الإنتظار لن يطول.
kharroub@jpf.com.jo