ما الذي سَيقوله 'بوتين'... اليوم؟؟
لم يكن عبثا إختيار الرئيس الروسي/ بوتين تاريخ 21 شباط (اليوم), لتوجيه خطابه المنتظر «الى الأمة», وقبل ثلاثة أيام فقط على الذكرى السنوية الأولى لإطلاق العملية العسكرية الخاصة (24/2/2022). كون 21 شباط الجاري يُصادف مرور عام على «إعتراف» موسكو باستقلال جمهوريّتي الدونباس/ لوغانسك ودونيتسك, اللتيّن أعلنتاه من طرف واحد في 12 آيار 2014. (تم لاحقاً ضمّهما الى قوام روسيا الإتحادية مع مُقاطعتيّ خيرسون وزابوروجية, بعد إستفتاءات شعبية. ثم صادق عليها بوتين في 5/10/2022).
وإذ ينقضي عام على إندلاع الحرب وسط أجواء دولية مشحونة خاصة بعد فشل الهجوم المضاد الذي شنته اوكرانيا في الخريف الماضي وفقدان زخمه (6 أيلول الماضي) والذي حققت ككييف في بدايته تقدما في منطقة خاركيف, لم تلبث القوات الروسية ان استوعبته وبدأت عملية استعادة ما خسرته، ما أنهك الجيش الاوكراني على نحو بعث اليأس في نفوس حلفائه الغربيين, الذين بدأوا بالتقليل من أهمية مدينة «باخموت» الاستراتيجية,بعدما تفاقمت فيها الخسائر الاوكرانية وآلت للسقوط، فان الانظار متجهة الآن نحوالكرملين وما سيقوله بوتين خاصة بعد كل ما قاله الر?يس بايدن في زيارتِه السرِية لكييف وما حفلت به عبارات تحدٍ واستِفزاز للرئيس الروسي, خاصة قوله: أن «بوتين أخطأ عندما ظنّ أنه قادر على الصمود أمامنا», ناهيك ما دار في النسخة الـ«59» من مؤتمر ميونيخ للأمن, حيث تبارى الزعماء الغربيون في حفلة خطابات اتسمت بالمزايدة، كان لافتاً فيها ما قاله كل من الرئيس الفرنسي/ماكرون والمستشار الالماني/شولتس ونائبة الرئيس الاميركي/هاريس, كما وزير الخارجية/بلينكن. اذ قال ماكرون: انه «يسعى» الى هزيمة روسيا وليس سحقها. (سارعت موسكوالى تذكيره بمصير نابليون بونابرت. مُتهمة دبلوماسية ?اكرون مع الكرملين بأنها «قائمة على الرياء»). فيما المستشار الالماني الذي بدا متناقضاً, عندما «أكد» على مواصلة حلف شمال الاطلسي دعم اوكرانيا عسكرياً, معتقداً انه من «الحكمة» الإستعداد لصراع طويل في أوكرانيا. اما السيدة كمالا هاريس، فقد حذّرت بشكل استعراضي تفوح منه رائحة الغطرسة: بان «السماح» لرئيس روسيا بوتين بالانتصار في حربه في اوكرانيا, ستكون له تداعياته وسوف يشجِّع غيره من النظم السلطوية بأن تحذو حذوه,(تقصد الصين بالطبع).
امام مشهد اميركي/غربي/ ناتوِيّ كهذا, أَغلقَ باب التفاوض عاقداً العزم على إلحاق هزيمة بروسيا، محمولاً ذلك كله على سلسلة لا تنتهي من العقوبات الاميركية ونسخة عاشرة من عقوبات الاتحاد الأوروبي اضِف اليها البريطانية. يستعد الرئيس بوتين لإلقاء خطاب بات مُنتظراً لأسباب عديدة, اهمها غياب اي افق لجلوس الطرفين الاوكراني والروسي على طاولة المفاوضات خاصة بعدما وضعت ادارة بايدن «فيتو» على مقاربة كهذه, عبر تقديم مزيد من الدعم العسكري للجيش الاوكراني المُنهك وسحب «المُعارَضة «الأميركية الشكليّة» الاستهداف اراضٍ روسية. من?خلال تقديم صواريخ وذخائر بعيدة تطال عمق الاراضي الروسية. وخصوصا عدم «ممانعتها» استهداف شبه جزيرة القرم, والتي تعلم واشنطن قبل غيرها ان ذلك يشكل خطاً أحمر لدى الكرملين, ما سيرفع من منسوب المواجهة التي قد تتدحرج الى ابعد واسوأ مما يحدث الآن بكثير.
اللافت ان الدوائر الغربية وبخاصة الاستخبارية منها (دع عنك آلة الأنغلوساكسونية المهولة, التي تضخ على مدار الساعة, كمّاً لا ينتهي من الاخبار المزيفة والتسريبات ذات المصادر المجهولة, والتحليلات التي تبشِّر بهزيمة نكراء للجيش الروسي «غير المُحترف", كما الانقسامات داخل الكرملين والخسائر الجسيمة التي تكبدها الجيش الروسي, وخاصة خسارته نصف عديد دباباته فضلا عن مئات آلاف القتلى والمصابين). نقول:لاقت صمت تلك الدوائر في انتظار ما سيقوله بوتين على اكثر من صعيد, وجلّ ما تطرحه هو تساؤلات وتكهّنات حول ما اذا سيُعلن «الحر?» على اوكرانيا؟, ام سيقوم باعلان تعبئة شاملة غير تلك الجزئية التي اعلنها من قبل؟، ناهيك ما اذا سيُعيد اطلاق تحذيراته بان استخدام الاسلحة النووية الروسية, لن يتم الا اذا تعرّضت روسيا الى تهديد وجودي، أو ما اذا سيُعلن عن مرحلة جديدة في علاقات روسيا مع بيلاروسيا والتحذير من مغبة اي محاولة (بولندية) للتحرش بها (بيلاروس). خاصة بعد تأزم العلاقات بين مينسك ووارسو. التي/وارسو سيوُجه الرئيس الاميركي/بايدن غدا الثلاثاء «رسائل» الى نظيره الروسي, على ما سرّبت وسائل اعلام اميركية فضلا عما سيكون رد فعله في شأن ما انطوى ?ليه خطاب بوتين. إذا ما وعندما يتعرض (وهو سيتعرّض بالتأكيد) لمعظم الملفات التي إستجد بعضها, مثل المسؤولية الأميركية عن تفجير خَطّيّ نورد ستريم 1+2, كما كشف عن ذلك صحفي الإستقصاءات الأميركي الشهير/ سيمور هيرش. وقرار اليابان بالتسلح وإقتناء صواريخ فرط صوتية. ناهيك عن تأكيد بوتين فشل سياسة العقوبات الغربية, ونجاح موسكو في تجاوزها.
kharroub@jpf.com.jo