وقفات مع ذكرى الإسراء والمعراج
ما من محنة الا في طياتها منحة، وما من شدة الا وراءها لله شدة ،وما من عسر الا معه يسران، هذه قوانين ربانية وقواعد سماوية وسنن الهية اذا أمر بها الله تعطلت قوانين الطبيعة امتثالا لأمر الله ،كل ذلك حصل في رحلة الإسراء والمعراج حيث تعرض المصطفى صلى الله عليه وسلم لشدائد جمّة وابتلاآت ضخمة واختبارات صعبة خرج منها بأمر الله اقوى إيمانا وأوسع صدرا وأثبت يقينا وأصلب عودا
حادثة الاسراء والمعراج يا سادة هي احدى ابرز الاحداث التاريخية التي غيرت مجرى التاريخ ورسمت الطريق الواضح لكل موحد والتي يستقبلها الانسان المسلم بكثير من الحفاوة والاهتمام والتقديس حيث يستدل بها على المكانة العظيمة التي حازها الرسول صل الله عليه وسلم عند ربه في الوصول الى سدرة المنتهى .
ولعظم هذا الحدث الجلل لا بد لنا أن نتوقف عند هذه الذكرى لبيان بعض ومضات هذه الحادثة
- أولى هذه الومضات أن حدث الاسراء والمعراج جاء تكريما لرسولنا صل الله عليه وسلم بعدما أغلقت في وجهه أبواب الارض وضيق الخناق عليه من كل حدب وصوب وأصبح مطاردا وهذه اشارة الى أن الدين الاسلامي دين محارب منذ مبعثه الى قيام الساعة وهذا ليس بالامر الغريب والتاريخ شاهد على ذلك
- ثاني هذه الومضات عندما اسري به صل الله عليه وسلم من مكة المكرمة الى بيت المقدس مع العلم أن المولى سبحانه قادر على معراجه مباشرة من مكة لكنه أراد سبحانه أن يعلمنا كمسلمين أنه هناك ربط عقدّي تاريخي لا ينفك بين مكة وبيت المقدس مع العلم أن بيت المقدس كان أولى القبلتين وهذه رسالة إلى أمة العرب والمسلمين على المحافظة على بيت المقدس
-ثالث هذه الومضات عندما وصل في اسراءه ليلا الى تخوم فلسطين بمعية جبريل شاهد أقوام يزرعون ويحرثون ويجنون الثمر في وقت واحد فهذا المنظر فوق قدرات العقل البشري لكنه عندما سأل جبريل عليه السلام عن هؤلاء قال له هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تضاعف اجورهم يوم القيامة هذه دلالة على أن فلسطين عامة وبيت المقدس خاصة وقف اسلامي لا تعود الى حوزة المسلمين الا بالجهاد في سبيل الله وكما قيل ما اخذ بالقوة لا يعود الا بالقوة
- رابع هذه الومضات حضور الانبياء من لدن ادم الى عيسى عليهم الصلاة والسلام وتواجدهم في بيت المقدس لاستقبال نبينا العظيم ومن ثم تقدم بهم اماما عندما اقيمت الصلاة فهذه دلالة على أن جميع الديانات السابقة هي من مشكات الاسلام وأن الاسلام هو الدين الاسلامي العالمي قال تعالى : (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) وهذا الحضور مبايعة من هذا الرهط العظيم(الانبياء ) عليهم السلام الى نبينا صل الله عليه وسلم بأن له القيادة والسيادة ولامته من بعده
- خامس هذه الومضات عندما ربط جبريل البراق بجدار الاقصى (حائط البراق ) هذه دلالة واشارة الى الامة المحمدية على ان هذا المسجد (بيت المقدس ) يحتاج الى رباط وحشد واعداد وتعبئة الى قيام الساعة وأن أردن الهاشميين هي الرئة الثانية التي يتنفس منها بيت المقدس لأنها تحت وصايتهم
- سادس هذه الومضات تعظيم ركن الصلاة التي فرضها المولى سبحانه على هذه الامة من فوق سابع سماء وهي بمثابة هوية اسلامية لكل موحد بالله
أسأل الله العلي القدير أن يعيد علينا هذه الذكرى العظيمة ونحن نرفل بثوب العزة والكرامة والنصر والتمكين وقد أعيد بيت المقدس الى حوزة المسلين وكل عام والامة الاسلامية بخير
حفظ الله الاردن وأهله وقيادته