180 ألف سوري بدون مأوى في حلب
مدار الساعة - بوعلام غبشي - خلّف الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا أضرارا كبيرة في البلدين، وكانت الأخيرة في أزمة إنسانية وسياسية وأمنية منذ سنوات قبل أن تضاف لذلك هذه الكارثة الطبيعية، التي زادت من معاناة مئات الآلاف من السوريين، الذين يوجد 180 ألف منهم في حلب بدون مأوى، حسب ما جاء على لسان منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا في مقابلة مع فرانس24، فيما تطرح الكثير من الأسئلة عن الأوضاع في منطقة شمال غرب البلاد التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة المعارضة.
وانتقدت منظمات محلية وناشطون معارضون في تلك المناطق منظمات المجتمع الدولي لتأخرها في إرسال مساعدات استجابة للزلزال، خصوصا أن مناطقهم تعاني أساسا من ظروف معيشية صعبة للغاية. فيما طالب منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا القوات المسلحة غير الحكومية بالسماح للمنظمة بإيصال المساعدات "لمن يحتاجها" في مناطقها.
للمزيد - زلزال تركيا وسوريا: هل تشارك "فئران الإنقاذ" البلجيكية بمهمة البحث عن عالقين تحت الأنقاض؟
وتجاوزت حصيلة قتلى الزلزال الذي ضرب المنطقة في السادس من فبراير/شباط 41 ألف قتيل، بحسب آخر حصيلة رسمية. وأودى الزلزال بحياة ما لا يقل عن 38044 شخصا في جنوب تركيا، بينما أبلغت السلطات في سوريا عن مقتل أكثر من 5800. وناشدت الأمم المتحدة الخميس العالم جمع أكثر من مليار دولار لدعم عملية الإغاثة في تركيا، وذلك بعد يومين من إطلاق نداء لجمع 400 مليون دولار للسوريين.
وفي أول خطاب بعد هذه الكارثة الطبيعية، شكر الرئيس السوري بشار الأسد الخميس "الأشقاء العرب والأصدقاء" على المساعدات التي قدموها لبلاده في أعقاب الزلزال المدمر، وقال إنه كان لها "الأثر الكبير" في تعزيز قدرة السلطات على التصدي للكارثة. وهبطت أكثر من 120 طائرة محملة بالمساعدات في مطارات بلده، قرابة نصفها من الإمارات العربية المتحدة.
وضرب الزلزال سوريا بعدما استنزف النزاع المدمر، الذي يوشك على إتمام عامه الثاني عشر، مقدرات البلاد واقتصادها وقدرة مرافقها الخدمية على التعامل مع كوارث طبيعية مماثلة.
منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا المصطفى بن المليح، يقربنا أكثر، في هذه المقابلة مع فرانس24، من الأوضاع الإنسانية في هذا البلد واحتياجات السكان عقب الزلزال المدمر.
هل يمكن أن نتوقف معك عند جرد إجمالي لحاجات السوريين المنكوبين بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة؟
الحاجات متعددة وتختلف حسب المناطق. ففيها المأوى والحماية والغذاء والملابس الشتوية. ومازلنا في مرحلة تحديد هذه الحاجات حسب المناطق المتضررة. وفرق الأمم المتحدة الآن تنسق مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية لهذا الغرض. وهناك احتياجات كبيرة في المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة غير الحكومية، وهي بالطبع احتياجات ضخمة نظرا لقرب المنطقة من مركز الزلزال بتركيا. وإلى حد الآن الوصول إلى هذه المنطقة محدود ويمر عبر ثلاث نقاط على الحدود مع تركيا. نتمنى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمنطقة.
ما حجم المساعدات التي وصلت حتى الآن إلى سوريا؟
وصلت عدة قوافل إنسانية وفتحت جسور جوية لإيصال المساعدات. والجهة المكلفة بتلقي هذه المساعدات هي الهلال الأحمر السوري، ونحن نحاول وننسق معه ومع هيئات الإغاثة للوقوف عند حجم المساعدات والفجوات المتبقية بهذا الشأن. وهناك تنسيق محلي جيد على الميدان، وسوف يتم تعزيزه على مستوى أعلى كذلك.
هل هناك تجاوب من الدول لتقديم المساعدات وماهي المناطق الأكثر تضررا؟
تجاوبت الكثير من الدول وقدمت مساعدات لسوريا بينها العديد من الدول العربية. لكن حجم ونوعية هذه المساعدات مازلنا في اتصال مع الحكومة لمعرفة ذلك، حتى يكمل دعم الأمم المتحدة هذه المساعدات. وحقيقة هناك تضرر كبير في مناطق الشمال الغربي أو المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة غير الحكومية. وحسب علمي، لحد الآن، ليس هناك تقييم مستقل للأضرار بالمنطقة فيما الاحتياجات لا تزال ضخمة. ونحن، يعني فرق الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لا نفرق بين سوري في المناطق الحكومية وسوري في المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة غير الحكومية. نود إيصال المساعدات لمن يحتاجها أينما كان ومن أي منطقة عبر أي نقطة عبور سواء عبر الحدود أو الخطوط. نحن نرحب كما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بانفتاح الحكومة السورية وقرارها لاستخدام نقطتي عبور حدودية إضافة إلى باب الهوى. ونطالب القوات المسلحة غير الحكومية بالسماح للأمم المتحدة للعبور عبر الخطوط للتمكن من تغطية حاجيات من يمكن الوصول إليهم من داخل سوريا. وما زلنا ننتظر رد هذه القوات، ونتمنى أن تكون الجهود مثمرة، وفرق الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية جاهزة لإيصال المساعدات للمتضررين بالشمال الغربي.
حدثنا عن المشاهد الإنسانية الصعبة التي واجهتكم في سوريا وشعوركم نحوها؟
زرت حلب، وقضيت فيها يومين، وقمت بزيارات لمدارس ومستشفيات ومآوٍ وسوق كبير استخدمت دكاكينه لإيواء عائلات بقيت بدون مأوى. ويوجد في حلب حوالي 180 ألف شخص بدون مأوى، مساكنهم انهارت أو في وضع لا يمكنهم البقاء فيها. وشعوري، هو شعور ألم وحزن على الأوضاع الإنسانية. كانت هناك أزمة إنسانية وسياسية وأمنية معقدة قبل الزلزال، والآن أضيف إلى ذلك زلزال مدمر، وفي الحقيقة هناك نوع من الإحباط. أزمة بعد أزمة. كارثة بعد كارثة. زرت عائلات في مآوي في حلب. وهم في حالة نفسية يرثى لها. مثلا كان هناك أب في الأربعينيات مع أسرته، كان لديه ثمانية أطفال فقد منهم ثلاثة بسبب الزلزال كما فقد مسكنه جراءه. بعدما سئل كيف عاش لحظات الزلزال، قال إنه سمع صوتا مدويا لم يسبق له أن سمعه، تفوق حدته صوت الطائرات الحربية أو الصواريخ. وهذا يدل على أن الذاكرة المرجعية لديه مبنية على الحروب وويلاتها، وأقرب صورة له هي صورة الحرب لتقييم عنف الزلزال. هناك أطفال محتاجون وحالات نفسية صعبة جدا. هناك أطفال في المستشفيات لا يعرفون لحد الآن إن كانت عائلاتهم على قيد الحياة أم لا. البعض منهم فقدوا كل أفراد أسرهم ولا يعلمون بذلك بعد. أتمنى أن يكون الدعم من الجميع، والدعم لا يكون بالمال فقط، بل يمكن أن يتم سياسيا أو بالتعبئة وسط الرأي العام بمعاناة السوريين في هذا الوقت حتى تصل المساعدة لكل محتاج إليها، سواء في المناطق الحكومية أو تلك التي توجد تحت سيطرة القوات المسلحة غير الحكومية. ونتمنى إن شاء الله أن يسمح لفرق الأمم المتحدة بالدخول إلى شمال غرب سوريا لإيصال المساعدات. ونطالب القوات المسلحة غير الحكومية بذلك في أقرب وقت ممكن. الآن هناك اتصالات، نتمنى أن تؤدي المجهودات الحالية إلى نتائج إيجابية حتى نتمكن من إيصال المساعدة لكل من يحتاجها.
أنتم ممنوعون اليوم من دخول مناطق المعارضة، إلا أنكم تنشطون في المناطق الحكومية. كيف هي علاقاتكم بالسلطات السورية؟
علاقتنا مع الحكومة علاقة جيدة وليست هناك أية عراقيل تعترض عمل الأمم المتحدة، ولدينا موافقة واسعة وكاملة وشاملة، للتحركات داخل المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. أما بالنسبة للمناطق التي توجد تحت سيطرة القوات المسلحة غير الحكومية ليست لدينا أي علاقة من مركز عملنا بدمشق معها، وفي حال توفرت لنا إمكانية لإيصال مساعدات عبر الخطوط، يعني من المناطق الحكومية نحو المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة غير الحكومية، سنقوم نحن بإيصال المساعدات إلى الخط ومن هنا تقوم المنظمات غير الحكومية التي لها علاقاتها بتوزيعها. علاقتنا مع القوات المسلحة غير الحكومية تقتصر اليوم على الخطوط مع تركيا وهناك مسؤول أممي آخر في المنظمة.