الطيبي يطرد بن غفير.. من يجرؤ؟
من النوادر التي تعاني منها سلطة الاحتلال الإسرائيلي، أن يتم جرّ بن غفير على يدّ أفريقي أسود من الفلاشا الذين جاءت بهم سلطة الاحتلال لتعبئة ما يمكنها من شعوب الأرض بديلا عن اليهود العشرة ملايين الذين يرفضون الجنسية المُختلقة، وبأمر من أحمد الطيبي يجر الفلاشي وآخر معه من حرس الكنيست «كهائج» لا يريد التزحزح عن منصة الخطابة، ليأتي إثنان آخران لإخراجه عنوة من المنصة نحو قارعة الطريق، ولم يكتف الطيبي بطرد بن غفير، بل طلب طرد نائبة كانت تدافع عنه، فكيف يستقيم المشهد التراجيدي مع من يهادنون عصابة سياسية مغتصبة يقو?ها أعمى قلب تآمر بقتل أطفال عرب لمجرد الإشتباه.
عندما تتحرك قوة رد الفعل ضد التوغل الإجرامي لكتائب الجيش الإسرائيلي المأمور من السياسيين أشباه بن غفير وصحبه، على القيادة في تل أبيب أن تعي وتفهم أن لكل فعل رد فعل حتى لو لم يكن رد الفعل بقوة السلاح المدجج لمئات الجنود من الجيش والشرطة لينسفوا بيوت الفلسطينيين ويقتلوا كل من يواجههم بالحجارة، فهل تستقيم الرصاصة مع الحجر؟
القيادة الإسرائيلية تعلم أنها جيش استعماري من تركة بريطانيا حاولت إقامة وطن لليهود الغربيين على حساب أهل الأرض الأصليين والذين عاشوا آلاف السنين على تراب فلسطين من جميع أصقاع العرب، وبينهم اليهود التاريخيون لا الأشكناز الذين استغلت دول أوروبا وبريطانيا تحديدا فرصتها الكبيرة لإخراجهم من شرق أوروبا لتعطيهم وطنا ليس لهم، وهاهي أكثر من ثمانية وسبعين عاما يعيشون تحت السلاح خوفا من سكين طفل فلسطيني قُتل أباه.
ما فعله الطيبي يسجل للتاريخ، لأنه طرد أكبر متمرد أرعن متوحش من الكنيست دون أن يرف له جفن، وهو من يحرض على اقتحام المسجد الأقصى ويدخله بقدم قذرة، ولا يكترث لأي مقدس إسلامي أو مسيحي في مدينة السلام التي لم تر سلاماً منذ تسعين عاماً، تخللتها فترة حكم الأردن للضفة الغربية، حيث نقل الجيش الأردني حارة اليهود من شرق القدس الى غربها، قبل أن يتم احتلالها فيما بعد، ليطرد موشي دايان سكان القدس الغربية بغضون خمس ساعات، فعلت جرافات الجيش فيها أهوالا ودمارا للمنازل.
في القاهرة قبل يومين كان مؤتمر دعم القدس ملتئماً بحضور عدد من الزعماء والشخصيات وعلى رأسهم الملك عبدالله الثاني والرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والذين أرعد فيها عباس بتهديدات لمقاطعة الدول التي تدعم الكيان الصهيوني، ولكن عباس ليس بيده أن يواجه دولة عسكرية تقتل الذبابة برصاصة، ولا يستطيع منع دخول قوات الإحتلال للمدن الفلسطينية والمخميات التي تعج بالمقاومين، ومع ذلك يضع عباس روحه المعنوية على كف البندقية الإسرائيلية، حتى أن أصدقاء إسرائيل في فرنسا باتوا يبحثون عن بديل.
هنا تظهر شجاعة نواب الوسط العربي في الكنيست، وتلك الشجاعة لم تكن لولا أن هناك ديمقراطية سمحت لهم بأن يقرّعوا ويطردوا وزراءً في حكومة نتنياهو دون خوف من مصادرة رأيهم أو اعتقالهم، فهم في النهاية جزء من اللعبة السياسية في مجتمع يحارب اليسار هناك ضد همجية وعنف السلطة العسكرية الممولة من «متطرفين» وصلوا لقبة الأمر ويأمرون بالقتل المباشر بديلا عن إطلاق مشروع إصلاح العلاقات بين مكونات ما نسميه فلسطين التاريخية، فجرائم القتل الممولة ضد العرب وبعضهم البعض، تتغاضى عنها السلطات الإسرائيلية لصالح بقائهم مشرذمين، كي ير?هم العالم على حقيقة كاذبة تدعى جرائم الوسط العربي في إسرائيل.
Royal430@hotmail.com