وزير المالية: موازنة 2023 واقعيّة علميّة أظهرت واقع الخزينة على حقيقته
مدار الساعة ـ نشر في 2023/02/15 الساعة 17:45
مدار الساعة - تاليا نص كلمة وزير المالية الدكتور محمد العسعس في رد الحكومة على مناقشات النواب حول مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2023
يسرّني أنّ استهلّ كلمتي هذه بالإعراب عن عميق الشّكر والتّقدير للجنّة الماليّة في مجلسكم الكريم رئيساً ومقرراً وأعضاءً على الجهد المميّز في إعداد التّقرير الشّامل الّذي تميّز بالتّحليل الموضوعي، واستعرض القضايا الّتي تعتلي سلّم أولوياتنا الوطنيّة في مختلفٍ المجالات، إضافةً إلى اشتماله على توصياتٍ حصيفةٍ في مختلف القطاعات، ستحظى من قبل الحكومة بكلّ اهتمامٍ وعناية.
كما أتوجّه بعظيم الشّكر وبالغ العرفان إلى جميع الأخوات والإخوة النّوّاب الكرام على ما تضمّنته كلماتهم خلال الأيّام الماضية من أفكار وآراء قيّمة كانت على مستوى عال من الشّفافيّة والموضوعية، وتعبّر عن الحرص على مستقبل الوطن ومصالحه العليا ومستقبل أجياله، كما تعبق بالإنتماء للوطن الغالي وقيادته الهاشميّة الحكيمة .
كما أتوجّه بالشّكر والتّقدير إلى الكتل النّيابيّة الّتي تضمّنت كلماتها برامج عمل ومقترحات وأفكار تهدف إلى تعزيز مسيرة البناء والنّهوض بأداء اقتصادنا الوطنيّ. وإذ توكّد الحكومة على أنّها ستبدأ وبعد إقرار مشروع قانون الموازنة العامّة للسّنّة الماليّة 2023 بتنفيذ ما أمكن من التوصيات والمطالب الّتي تقدّم بها مجلسكم الكريم ووفقاً للإمكانات المتاحة وفي مقدّمتها زيادة مخصّصات صندوق الطّالب المحتاج.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترمين ،،،
لقد قامت الحكومة بإعداد مشروع الموازنة العامّة لعام 2023 وفق معايير وأسس أخذت بعين الاعتبار التحديات الإقتصادية العالمية غير المسبوقة التي تعصف بالعالم أجمع، والأردن كجزء من الإقتصاد العالمي يتأثر بها. كما أخذت بعين الإعتبار المطالب الّتي قد تكون محقّة، ولكنّها مجتمعةًتتجاوز قدرة الحكومة على الاستجابة لها وتلبيتها في موازنة عامٍ واحدٍ، وفي الوقت ذاته راعت هذه الموازنة الأولويات، وحرصت على توفير الإحتياجات وتقديم الخدمات الّتي تؤثّر بشكل أساسيٍّ على حياة المواطن ضمن معايير تهدف إلى تحسين جودتها لتنعكس نتائجها بشكل إيجابيّ على حياة المواطنين. وفي الوقت ذاته، فإنّ هذه الموازنة حرصت على استقرار الماليّة العامّة وتجنيبها العواقب غير المحمودة الّتي كانت ستحدث لو تراخت الحكومة في سياستها حول الإصلاحات الماليّة والإقتصادية واتجهت نحو سياساتٍ من شأنها توجيه الموارد نحو إجراءات غير مستدامة ومعاكسة في بعض صورها للإستقرار الماليّ. في مقابل ذلك كانت سياسة الحكومة في هذه الموازنة تسعى إلى تعزيز الاعتماد على الذّات ما أمكن ذلك ، ومواصلة الخطى نحو الاستخدام الأفضل للموارد المتاحة وتوجيهها وفقاً للأولويات الوطنيّة والّتي يأتي في مقدّمتها استمرار التزام الحكومة ببرنامجها الوطنيّ للإصلاح الماليّ والاقتصاديّ المتضمّن أهدافاً واضحةً على صعيد عجز الموازنة العامّة والدّين العام.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترمين ،،،
وإذ تدرك الحكومة المطالبات المشروعة للسّادة النّوّاب والكتل النّيابيّة المتعلقة بتنفيذ العديد من المشاريع الهامة في مجالات شتّى، منها ما يتعلّق بإقامة المدارس وإنشاء المستشفيات وفتح الطّرق وغيرها. كما تتّفق الحكومة في الوقت ذاته مع عدالة المطالبات بالتّحوّل التدريجي في العبء الضّريبي غير المباشر مثل ضرائب المبيعات على السّلع والخدمات إلى الضّرائب المباشرة مثل ضرائب الدخل كونها أكثر عدالة. والحكومة تتّفق أيضا مع مجلسكم الكريم حول القلق من استمرار العجز والدّين، وارتفاع فوائد الدّين العامّ الّتي تشكّل نسبةً كبيرةً من نفقاتنا الجارية والّتي يشكل استمرار نموّها بوتيرةٍ متسارعةٍ تهديداً حقيقياً لاستدامة الماليّة العامّة. إلّا أن الحكومة تقوم بالمواءمة بين جميع هذه المطالب والتحديات لتحقيق ما أمكن منها دون المساس بالإستقرار المالي الذي ننعم به ويتمنّاه غيرنا، ودون التوجّه نحو رفع العبء الضريبي على المواطن.
إن موازنة عام 2023 الّتي بين أيديكم اليوم وكباقي الموازنات التي قدّمتها هذه الحكومة تعتبر موازنةً واقعيّةً علميّةً أظهرت الواقع الماليّ للخزينة على حقيقته حتّى لا تضطرّ الحكومة في منتصف العام إلى إجراءاتٍ عشوائيّةٍ تضرّ بالاقتصاد الوطنيّ عندما تظهر الفجوة بين التوقعاتالمستندة إلى الأماني لا الإستشراف العلمي وبين الواقع، وهي أيضاً موازنة لم تتضمّن أي إجراءات تجميلية غير حقيقيّة للإيرادات والنّفقات، كما لم تتضمّن أي إجراءات تسكينية آنية تستنزف الإمكانات والموارد على نحوٍ غير مستدام .
فهي موازنةٌ سعت الحكومة من خلالها إلى تحقيق جملةٍ من الأهداف بشكل مرحليٍ تدريجيٍّ حتّى لا تظهر تداعياتٌ سلبيّة على الجوانبالاجتماعيّة والإقتصادية. حيث سعت هذه الموازنة إلى الحفاظ على الإستقرار المالي الّذي يعتبر القاعدة المتينة لأيّ تحسن مستدام في دخول المواطنين ومستوى معيشتهم. وحرصت على توجيه الموارد نحو تعزيز الإنفاق الرّأسمالي وعدد من الأولويات، دون اللّجوء إلى إثقال كاهل المواطنين بأيّ أعباءٍ ضريبيةٍ أو جمركيةٍ جديدة أو زيادة المستويات الحاليّة في الوقت الّذي تواصل فيه الحكومة نهجها الإصلاحي بتوسيع القاعدة الضريبية وتعزيز نسب الامتثال وإرغام المتهربين على الوقوف في صفّ الوطن والمواطن، حيث لم يعد من المقبول ولا بالإمكان استمرار النّهج الّذي يحمّل المواطن والمستثمر الملتزم تداعيات تهرّب البعض وتجنّب البعض الآخر، ولتتمكن الحكومة وفقاً لذلك كلّه من تحقيق الخفض التدريجي لعجز الموازنة والدّين العام، بما يضمن في ذات الوقت استمرار وتيرة النّشاط الاقتصاديّ وعدم الإضرار بفرص النّموّ وتعزيز خلق الوظائف.
وحيث أنّ تقرير اللّجنة الماليّة لمجلسكم الكريم ومداخلات بعض السّادة النّوّاب قد حذّرت من خطورة التحديات والإختلالات الّتي يعاني منها الإقتصاد الوطنيّ وفي مقدّمتها العجز المزمن في الموازنة العامّة، فإن الحكومة تتّفق تماماً مع هذا التشخيص الموضوعي مؤكّدةً على أنّ هذه التحديات والإختلالات قد تفاقمت خلال السّنوات الماضية لأسبابتفاقمت خلال العقد الماضي، منها ما لا تتحمّل الحكومات الأردنيّة المتعاقبة مسؤوليتها، وكانت جرّاء تداعيات الأزمات الماليّة والإقتصادية العالميّة ولم تسلم منها على الغالب باقي دول العالم. في حين أن بعض التحديات تفاقمت جرّاء التّأخّر أو التّأجيل في المعالجة الحصيفةللإختلالات الهيكلية والّتي كان لها آثار سلبيّة إضافيّة على أداء اقتصادنا الوطنيّ وبالتالي على وضع الماليّة العامّة، حيث أبت هذه الحكومة ترحيل معالجة هذه الإختلالات.
وفي هذا السّياق، فقد أشار بعض السّادة النّوّاب إلى ارتفاع أرقام العجز والدّين بالقيم المطلقة، فلا بدّ من التّوضيح بأن المعايير الدولية تعتمد قياسعجز الموازنة والدّين العامّ كنسبة من النّاتج المحلّيّ الإجماليّ، وفي ضوء ذلك، فإننا نؤكد على تراجع عجز الموازنة والدّين العامكنسبةٍ من الناتج خلال سنوات عمل هذه الحكومة.
وعليه، فقد قدّمت الحكومة لمجلسكم الكريم مشروع قانون الموازنة العامّة للعام 2023 الّذي يهدف من جملة ما يهدف إليه التّعامل باقتدار مع التحديات الاقتصاديّة والماليّة والاجتماعيّة وما يواجهه المواطنون من صعوبات في حياتهم المعيشيّة اليوميّة، وعلى نحو يفضي إلى استعادة التّوازن للماليّة العامّة وتعزيز مبدأ الاعتماد على الذّات وتسريع عجلة النّموّ الاقتصاديّ.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترمين ،،،
أنّ ما حقّقه الأردن على صعيد مؤشرات الاقتصاد الكلّيّ في ظلّ الظّروف العصيبة يدعو للتفاؤل خاصّةً إذا أمعنّا النّظر في التأثيرات السّلبيّة لهذه الظّروف الّتي مرّت وما زال العالم كلّه يمرّ بها، وحدّة تأثيراتها المتسارعة على المستوى المعيشي للسّكّان. فبالرغم من التحديات والمصاعب الّتي أشرت إليها فإن اقتصادنا الوطنيّ سيسجل نسب نموّ إيجابيّة لن تقل عن 2.7 بالمائة في عام 2022، إن شاء اللّه، والمحافظة على مستويات تضخم بحدود 4 بالمائة، كما يشكل نموّ الصادرات الوطنيّة وتدفّق الإستثمارات الأجنبيّة حجر الزّاوية في سياستنا الاقتصاديّة والّتي يوازيها نجاح السّياسة النّقديّة في المحافظة على استقرار الدّينار الأردني وتعزيز جاذبيته والمحافظة على المستوى المرتفع من الإحتياطيات من العملات الأجنبيّة بما يفضي إلى تعزيز الاستقرار النقدي الّذي يعتبر ركناً أساسيّاً لتعزيز البيئة الإستثمارية وزيادة الثّقة بالاقتصاد الوطنيّ. ومن المهمّ أن أشير إلى أنّ الهدف الّذي يتصدّر اهتمام السّياسات الحكوميّة في مثل هذه الأوضاع الاقتصاديّة العالميّة المضطربة هو حماية المستوى المعيشي للمواطنين من التّراجع، حيث تتفاقم التحدياتالإقتصادية على نحو لم تتمكّن فيه العديد من حكومات الدّول الأخرى من حماية مواطنيها من تآكل الدّخول وتدهور القوّة الشرائية. وفي الواقع، فإن أساس نجاحهذه الحكومة في الحفاظ على المستوى المعيشي وحماية القوّة الشرائية للمواطنين من التدهور يتمثّل في السّياسات الحصيفةالتي تبتعد عن الأهداف الإسترضائيةٍالمرحليةٍ قصيرة المدى، فضلاً عن الاستناد إلى إجراءاتٍ تحفظ استقرار اقتصادنا الوطني وتحتوي التضخّم في الأسعار وتهدف إلى تعزيز شبكة الحماية الإجتماعية. في الوقت الّذي تركّز فيه أيضاً على تحفيز النّموّ الإقتصاديّ باعتباره الرّكيزة الأساسيّة لمعالجة التحديات الاقتصاديّة وإيجاد فرص العمل.
وأود الإشارة هنا إلى أن نتائجرفع التّصنيف الإئتماني للأردن من قبل المؤسّسات الدّوليّة المختصّة ونتائج مراجعات بعثات صندوق النّقد الدّولي تعتبر بمثابة شهادة وتأكيد على أنّ الأردن يسير على الطّريق الصّحيح للإصلاح الماليّ والاقتصاديّ، وعلى نجاح السّياسات والإجراءات الحكوميّة في كبح جماح التّضخّم والحفاظ على الإستقرار المالي والنقدي في الأردن.
وإذا كان أداء اقتصادنا الوطنيّ من حيث معدلات التضخم وعجز الموازنة ونسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجماليّ والتّقييم الإئتماني والإستقرار الماليّأفضل نسبياً مقارنةً بأداء العديد من اقتصادات الدّول وخاصّةً في المنطقة وفقاً للمؤسسات الدولية، فلا يعني ذلك أنّ الأداء كان بمستوى الطموحات على الإطلاق، وخاصّةً عند الحديث عن مستوى البطالة الّذي لم يبلغ مستواه المرتفع في العامين الأخيرين منذ عقودٍ طويلةٍ من الزّمن .
لذلك، فإن السّياسة الماليّة للحكومة في موازنة عام 2023 ترتكز إلى الخفض التدريجيّ للدّين العام وعجز الموازنة العامّة، وترشيد النّفقات العامّة.
حيث ستواصل الحكومة إدارة الدّين العام بما يفضي إلى تخفيض نسبته إلى النّاتج المحلّيّ الإجماليّ الاجمالي بعد إستثناء ما يحمله صندوق إستثمار أموال الضمان الإجتماعيإلى نحو 84.2% في عامٍ 2025 .كما ستواصل الحكومة تعزيز كفاءة تحصيل الإيرادات والحدّ من التّهرّب الضريبي والجمركي.
وبطبيعة الحال، فإنّ مثل هذه النّتائج الإيجابيّة الّتي يصعب تحقيقها في مثل تلك الظّروفالعالمية الصّعبة لم تكن لتتحقق لولا الإجراءات الماليّة والإقتصادية الإصلاحية الّتي تبنّتها الحكومة ضمن برنامجها الوطنيّ، وكما أوضحت ذلك بشكلٍ مفصّل في خطاب الموازنة أمام مجلسكم الموقّر في بداية هذا العام .
وعليه، ورغم تحدّث بعض السادة النواب عن عجز الموازنة، وفي ضوء إجراءات الحكومة وسياستها الماليّة الّتي تشهد لها المؤسّسات الدّوليّة المختصّة بالحصافة، فسوف يتراجع عجز الموازنة الأوّلي (الذي يقارن بين الإيرادات المحلية والنفقات العامة مستثنياً منها خدمة الدين العام) وللسّنة الثّالثة على التّوالي في عام 2023 إلى نحو 2.9 بالمائة من النّاتج المحلّي الإجماليّ، وصولاً إلى نحو 0.9 بالمائة في عامٍ 2025 . وسيكون لهذه السّياسة الماليّة أثراً واضحاً في تعزيز الاستقلال الماليّ والاعتماد على الذّات، حيث سترتفع نسبة تغطية الإيرادات المحلّيّة للنفقات الجارية إلى نحو 89.1 بالمائة في عامٍ 2023 مقارنة بنحو 87.5 بالمائة في عامٍ 2022 ولتواصل ارتفاعها التدريجي إلى نحو 91.8 بالمائة في عامٍ 2025. وهذا من شأنه أن يعزّز السّياج الّذي يحمي الموازنة العامّة واقتصادنا الوطنيّ من الصّدمات الخارجيّة ويمكّن الحكومة من التّصدّي للتحديات الّتي لا زالت تواجهنا بكفاءةٍ واقتدار، ويساهم في تمتين استقرار الاقتصاد وتعزيز نموّه.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترمين ،،،
إنّ هذه الحكومة لم تأل جهداً في تقديم برامج المساعدة للمحتاجين والمستحقين من ذوي الدّخل المحدود والفئات الأشدّ ضعفاً والأكثر تأثراً بتداعيات الأزمات لتمكينهم من تحملّ الأوضاع المعيشيّة الصّعبة،حيث قامت الحكومة بزيادة الإنفاق على شبكة الحماية الاجتماعيّة بجميع مكوناتها، ومراعاة تداعيات الإرتفاعات العالمية في أسعار النفط على المواطنين حيث قامت بتثبيت أسعار المحروقات لجزء من عام 2022 وتوفير المخصصات المالية لتغطية كلفة ذلك على الرغم مما يمثّله من عبءٍ كبيرٍ على الموازنة العامة والتزامات الحكومة في برنامجها للإصلاح المالي والإقتصادي، إضافةً إلى القيام بكلّ ما أمكن لضمان الاستقرار النّسبيّ في أسعار السّلع الهامة من خلال تعزيز منظومة الأمن الغذائي والحفاظ على المخزون الإستراتيجي من السّلع والموادّ الأساسيّة، وزيادة مخصّصات صندوق المعونة الوطنية/ الدّعم النقدي الموحّد ، وتحسين إجراءات إيصال الدّعم لمستحقيه، وزيادة مخصّصات دعم التّعليم الجامعيّ لأبنائنا غير المقتدرين ليصار إلى استيعاب الطّلبات الّتي تمّ التّقدّم بها للحكومة للحصول على المنح والقروض للطّلّاب، إضافةً إلى مخصّصات التغذية المدرسيّة ومكرمة جلالة الملك المفدّى لأبناء العسكريّين والمعلّمين وغيرها .
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترمين ،،،
وإذ تتّفق الحكومة مع توصية اللّجنة الماليّة والكتل النّيابيّة حول تنفيذ المشاريع الواردة في قانون الموازنة العامّة وخاصّةً المتعلّقة منها ببرنامج رؤية التّحديث الاقتصاديّ وخطةتحديث القطاع العامّ مع التركيز على المشاريع الكبرى مثل مشروع النّاقل الوطنيّ، فأرجو أن أوكد على أنّ الوزارات والدّوائر والمؤسّسات الحكوميّة ذات العلاقة ستبدأ بتنفيذ البرنامج التّنفيذي للرّؤية ضمن الأطر الزمنية المحدّدة للتّنفيذ ، وفقاً لمؤشراتٍ واضحةٍ لقياس الأداء، وستقوم الحكومة بإصدار تقارير لمتابعة الإنجاز وتقدّم سير العمل، وسيتم إطلاع مجلسكم الموقّر على المسار التنفيذي لهذا البرنامج . وفي هذا الصّعيد ، أرجو أن أوكد على أنّ منهجية الموازنة الموجّهة بالنتائج المعتمدة في إعداد الموازنة العامّة والّتي تستند إلى خطط الوزارات والدّوائر والوحدات الحكوميّة وعلى مؤشرات لقياس أدائها، ستمكّن الحكومة من متابعة وتقييم أداء الوزارات والدّوائر والوحدات الحكوميّة.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترمين ،،،
لقد أشار بعض السّادة النّوّاب الكرام إلى وجود مبالغةٍ في تقديرات الإيرادات المحلّيّة لعام 2023 ، فأود أولاً أن أؤكد على أنّ هذه الحكومة تراهن على الثّقة والمصداقية في إعداد الموازنة، وفي تعزيز جسور الثّقة مع مجلسكم الكريم ، وهي خطوةٌ ولبنةٌ أساسيةٌ لتمكين الحكومة من المتابعة الدّقيقة والفاعلة لتنفيذ الموازنة. وقد أثبت هذه الحكومة في سنوات عملهادقة تقديراتنا الماليّة، حيث تمكّنت الحكومة من تحصيل الإيرادات المقدرة، كما كانت النّفقات ضمن السّقوف المقدّرة لها. لذلك، تؤكد الحكومة على أنّ تقديرات الإيرادات المحلّيّة واقعيّةٌمبنيةٌ على أسسٍ علميةٍ ستتحقّقإن شاء الله.وأشير في هذا المجال إلى إشادةالمؤسسات العالمية بالأردنّ، باعتباره نموذجاً صنع سياساته بأيدٍ أردنيةٍ صرفة لتحقيقإيراداته رغم التشكيك في جديّة الحكومة في محاربةٍ جادةٍ للتهرب الضريبي دون رفع الضرائب.
وإذ تقدّر الحكومة عالياً توصيات اللّجنة الماليّة وكلمات السّادة النّوّاب والكتل النّيابيّة بدعم وتوفير المخصصات اللّازمة للجهاز العسكريّ وكافّة الأجهزة الأمنيّة لتؤكد الحكومة على أنّها أولت الأجهزة الأمنيّة والعسكرية الاهتمام والرّعاية لتلبية متطلباتها، ولتقوم بكلّ كفاءة واقتدار بالحفاظ على أمن الوطن حيث إنّها تشكّل الرّكيزة الأساسيّة للإستقرار الأمني والاقتصاديّ والماليّ، مؤكّدةً قيامها برصد المخصّصات الماليّة اللّازمة للقوات المسلّحة والأجهزة الأمنيّة في مشروعٍ قانون الموازنة العامّة للسّنّة الماليّة 2023، وستستمر بدعمها لهذه الأجهزة لتمكينها من القيام بمهامها بالشّكل الأمثل .
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترمين ،،،
لقد اشتمل تقرير اللّجنة الماليّة الموقرة وكلمات السّادة النّوّاب والكتل النّيابيّة على توصياتٍ تخصّ مختلف القطاعات،ستقوم الحكومة بدراستها وتنفيذ ما أمكن منها.
وقبل الختام، أرجو أن أوكد لمجلسكم الكريم بأن قانون الموازنة العامّة لعام 2023 يعتبر خطوةً إضافيّة هامّةً على طريق الإصلاح الماليّ والإقتصاديّ في ظلّ الظّروف السّياسيّة والاقتصادية الّتي تشهدها الساحتين العالميّة والإقليمية على حدّ سواءٍ . كما يعتبر هذا القانون ترجمةً واقعيّةً لتوجهات الحكومة وخطوةًأولى لتنفيذ خطّة التّحديث الاقتصاديّ وخطة تطوير القطاع العامّ الّتي تم تطوريها بمشاركة طيفٍ واسعٍ من خبراء ومستشارو القطاع الخاص. وقد راعت الحكومة عند إعداد تقديرات النّفقات أهمّيّة توفير المخصّصات الماليّة لتنفيذ محاور الخطتين .
وتؤكّد هذه الحكومة لمجلسكم الكريم على أنّ توصياتكم ومقترحاتكم ستكون موضع العناية والاهتمام والاسترشاد بها، وتنفيذ ما أمكن منها خلال المرحلة القادمة، فبمساندة مجلسكم الكريم سوف تتضاعف الجهود لترجمة رؤى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه، الهادفة إلى تحسين المستوى المعيشي للمواطنين والارتقاء بها وتعزيز رفعة وطننا الغالي وتقدّمه وازدهاره بإذن اللّه تعالى. وستقوم الحكومةبإعداد تقرير شاملٍ ومفصلٍ حول ما تمّ إتّخاذه من إجراءات وتدابير تجاه التوصيات والمقترحات الواردة في تقرير اللّجنة الموقرة وتزويد مجلسكم الموقّر واللجنة الماليّة بنسخةٍ من هذا التّقرير.
وفي الختام، تستحضرني كلماتٌ درر، نثرها جلالة الملك عبداللّه الثّاني ابن الحسين المعظّم حفظه الله ورعاه، تشيع الأمل وتستنهض الهمم، قائلاً أعزّ اللّه ملكه “التشاؤم لا يبني مستقبلًا ، والإحباط لا يقدّم حلولًا ، ولن نمضي خطوةً إلى الأمام إن لم يكن الطّموح دافعنا الّذي لا يهدأ . وأعرف أن الأردنيين هم أهل العزم الّذين لا يقبلون إلّا الأفضل ، ومعًا سنصنع هذا المستقبل الأفضل”.
أرجو أن أكرر شكري لمجلسكم الكريم ولرئيس وأعضاء اللّجنة الماليّة سائلاً المولى عزّ وجلّ أن يوفّقنا جميعًا في خدمة وطننا الغالي في ظلّ قيادة سيّدي صاحب الجلالة الهاشميّة الملك عبد اللّه الثّاني ابن الحسين المعظم حفظه اللّه ورعاه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرّني أنّ استهلّ كلمتي هذه بالإعراب عن عميق الشّكر والتّقدير للجنّة الماليّة في مجلسكم الكريم رئيساً ومقرراً وأعضاءً على الجهد المميّز في إعداد التّقرير الشّامل الّذي تميّز بالتّحليل الموضوعي، واستعرض القضايا الّتي تعتلي سلّم أولوياتنا الوطنيّة في مختلفٍ المجالات، إضافةً إلى اشتماله على توصياتٍ حصيفةٍ في مختلف القطاعات، ستحظى من قبل الحكومة بكلّ اهتمامٍ وعناية.
كما أتوجّه بعظيم الشّكر وبالغ العرفان إلى جميع الأخوات والإخوة النّوّاب الكرام على ما تضمّنته كلماتهم خلال الأيّام الماضية من أفكار وآراء قيّمة كانت على مستوى عال من الشّفافيّة والموضوعية، وتعبّر عن الحرص على مستقبل الوطن ومصالحه العليا ومستقبل أجياله، كما تعبق بالإنتماء للوطن الغالي وقيادته الهاشميّة الحكيمة .
كما أتوجّه بالشّكر والتّقدير إلى الكتل النّيابيّة الّتي تضمّنت كلماتها برامج عمل ومقترحات وأفكار تهدف إلى تعزيز مسيرة البناء والنّهوض بأداء اقتصادنا الوطنيّ. وإذ توكّد الحكومة على أنّها ستبدأ وبعد إقرار مشروع قانون الموازنة العامّة للسّنّة الماليّة 2023 بتنفيذ ما أمكن من التوصيات والمطالب الّتي تقدّم بها مجلسكم الكريم ووفقاً للإمكانات المتاحة وفي مقدّمتها زيادة مخصّصات صندوق الطّالب المحتاج.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترمين ،،،
لقد قامت الحكومة بإعداد مشروع الموازنة العامّة لعام 2023 وفق معايير وأسس أخذت بعين الاعتبار التحديات الإقتصادية العالمية غير المسبوقة التي تعصف بالعالم أجمع، والأردن كجزء من الإقتصاد العالمي يتأثر بها. كما أخذت بعين الإعتبار المطالب الّتي قد تكون محقّة، ولكنّها مجتمعةًتتجاوز قدرة الحكومة على الاستجابة لها وتلبيتها في موازنة عامٍ واحدٍ، وفي الوقت ذاته راعت هذه الموازنة الأولويات، وحرصت على توفير الإحتياجات وتقديم الخدمات الّتي تؤثّر بشكل أساسيٍّ على حياة المواطن ضمن معايير تهدف إلى تحسين جودتها لتنعكس نتائجها بشكل إيجابيّ على حياة المواطنين. وفي الوقت ذاته، فإنّ هذه الموازنة حرصت على استقرار الماليّة العامّة وتجنيبها العواقب غير المحمودة الّتي كانت ستحدث لو تراخت الحكومة في سياستها حول الإصلاحات الماليّة والإقتصادية واتجهت نحو سياساتٍ من شأنها توجيه الموارد نحو إجراءات غير مستدامة ومعاكسة في بعض صورها للإستقرار الماليّ. في مقابل ذلك كانت سياسة الحكومة في هذه الموازنة تسعى إلى تعزيز الاعتماد على الذّات ما أمكن ذلك ، ومواصلة الخطى نحو الاستخدام الأفضل للموارد المتاحة وتوجيهها وفقاً للأولويات الوطنيّة والّتي يأتي في مقدّمتها استمرار التزام الحكومة ببرنامجها الوطنيّ للإصلاح الماليّ والاقتصاديّ المتضمّن أهدافاً واضحةً على صعيد عجز الموازنة العامّة والدّين العام.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترمين ،،،
وإذ تدرك الحكومة المطالبات المشروعة للسّادة النّوّاب والكتل النّيابيّة المتعلقة بتنفيذ العديد من المشاريع الهامة في مجالات شتّى، منها ما يتعلّق بإقامة المدارس وإنشاء المستشفيات وفتح الطّرق وغيرها. كما تتّفق الحكومة في الوقت ذاته مع عدالة المطالبات بالتّحوّل التدريجي في العبء الضّريبي غير المباشر مثل ضرائب المبيعات على السّلع والخدمات إلى الضّرائب المباشرة مثل ضرائب الدخل كونها أكثر عدالة. والحكومة تتّفق أيضا مع مجلسكم الكريم حول القلق من استمرار العجز والدّين، وارتفاع فوائد الدّين العامّ الّتي تشكّل نسبةً كبيرةً من نفقاتنا الجارية والّتي يشكل استمرار نموّها بوتيرةٍ متسارعةٍ تهديداً حقيقياً لاستدامة الماليّة العامّة. إلّا أن الحكومة تقوم بالمواءمة بين جميع هذه المطالب والتحديات لتحقيق ما أمكن منها دون المساس بالإستقرار المالي الذي ننعم به ويتمنّاه غيرنا، ودون التوجّه نحو رفع العبء الضريبي على المواطن.
إن موازنة عام 2023 الّتي بين أيديكم اليوم وكباقي الموازنات التي قدّمتها هذه الحكومة تعتبر موازنةً واقعيّةً علميّةً أظهرت الواقع الماليّ للخزينة على حقيقته حتّى لا تضطرّ الحكومة في منتصف العام إلى إجراءاتٍ عشوائيّةٍ تضرّ بالاقتصاد الوطنيّ عندما تظهر الفجوة بين التوقعاتالمستندة إلى الأماني لا الإستشراف العلمي وبين الواقع، وهي أيضاً موازنة لم تتضمّن أي إجراءات تجميلية غير حقيقيّة للإيرادات والنّفقات، كما لم تتضمّن أي إجراءات تسكينية آنية تستنزف الإمكانات والموارد على نحوٍ غير مستدام .
فهي موازنةٌ سعت الحكومة من خلالها إلى تحقيق جملةٍ من الأهداف بشكل مرحليٍ تدريجيٍّ حتّى لا تظهر تداعياتٌ سلبيّة على الجوانبالاجتماعيّة والإقتصادية. حيث سعت هذه الموازنة إلى الحفاظ على الإستقرار المالي الّذي يعتبر القاعدة المتينة لأيّ تحسن مستدام في دخول المواطنين ومستوى معيشتهم. وحرصت على توجيه الموارد نحو تعزيز الإنفاق الرّأسمالي وعدد من الأولويات، دون اللّجوء إلى إثقال كاهل المواطنين بأيّ أعباءٍ ضريبيةٍ أو جمركيةٍ جديدة أو زيادة المستويات الحاليّة في الوقت الّذي تواصل فيه الحكومة نهجها الإصلاحي بتوسيع القاعدة الضريبية وتعزيز نسب الامتثال وإرغام المتهربين على الوقوف في صفّ الوطن والمواطن، حيث لم يعد من المقبول ولا بالإمكان استمرار النّهج الّذي يحمّل المواطن والمستثمر الملتزم تداعيات تهرّب البعض وتجنّب البعض الآخر، ولتتمكن الحكومة وفقاً لذلك كلّه من تحقيق الخفض التدريجي لعجز الموازنة والدّين العام، بما يضمن في ذات الوقت استمرار وتيرة النّشاط الاقتصاديّ وعدم الإضرار بفرص النّموّ وتعزيز خلق الوظائف.
وحيث أنّ تقرير اللّجنة الماليّة لمجلسكم الكريم ومداخلات بعض السّادة النّوّاب قد حذّرت من خطورة التحديات والإختلالات الّتي يعاني منها الإقتصاد الوطنيّ وفي مقدّمتها العجز المزمن في الموازنة العامّة، فإن الحكومة تتّفق تماماً مع هذا التشخيص الموضوعي مؤكّدةً على أنّ هذه التحديات والإختلالات قد تفاقمت خلال السّنوات الماضية لأسبابتفاقمت خلال العقد الماضي، منها ما لا تتحمّل الحكومات الأردنيّة المتعاقبة مسؤوليتها، وكانت جرّاء تداعيات الأزمات الماليّة والإقتصادية العالميّة ولم تسلم منها على الغالب باقي دول العالم. في حين أن بعض التحديات تفاقمت جرّاء التّأخّر أو التّأجيل في المعالجة الحصيفةللإختلالات الهيكلية والّتي كان لها آثار سلبيّة إضافيّة على أداء اقتصادنا الوطنيّ وبالتالي على وضع الماليّة العامّة، حيث أبت هذه الحكومة ترحيل معالجة هذه الإختلالات.
وفي هذا السّياق، فقد أشار بعض السّادة النّوّاب إلى ارتفاع أرقام العجز والدّين بالقيم المطلقة، فلا بدّ من التّوضيح بأن المعايير الدولية تعتمد قياسعجز الموازنة والدّين العامّ كنسبة من النّاتج المحلّيّ الإجماليّ، وفي ضوء ذلك، فإننا نؤكد على تراجع عجز الموازنة والدّين العامكنسبةٍ من الناتج خلال سنوات عمل هذه الحكومة.
وعليه، فقد قدّمت الحكومة لمجلسكم الكريم مشروع قانون الموازنة العامّة للعام 2023 الّذي يهدف من جملة ما يهدف إليه التّعامل باقتدار مع التحديات الاقتصاديّة والماليّة والاجتماعيّة وما يواجهه المواطنون من صعوبات في حياتهم المعيشيّة اليوميّة، وعلى نحو يفضي إلى استعادة التّوازن للماليّة العامّة وتعزيز مبدأ الاعتماد على الذّات وتسريع عجلة النّموّ الاقتصاديّ.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترمين ،،،
أنّ ما حقّقه الأردن على صعيد مؤشرات الاقتصاد الكلّيّ في ظلّ الظّروف العصيبة يدعو للتفاؤل خاصّةً إذا أمعنّا النّظر في التأثيرات السّلبيّة لهذه الظّروف الّتي مرّت وما زال العالم كلّه يمرّ بها، وحدّة تأثيراتها المتسارعة على المستوى المعيشي للسّكّان. فبالرغم من التحديات والمصاعب الّتي أشرت إليها فإن اقتصادنا الوطنيّ سيسجل نسب نموّ إيجابيّة لن تقل عن 2.7 بالمائة في عام 2022، إن شاء اللّه، والمحافظة على مستويات تضخم بحدود 4 بالمائة، كما يشكل نموّ الصادرات الوطنيّة وتدفّق الإستثمارات الأجنبيّة حجر الزّاوية في سياستنا الاقتصاديّة والّتي يوازيها نجاح السّياسة النّقديّة في المحافظة على استقرار الدّينار الأردني وتعزيز جاذبيته والمحافظة على المستوى المرتفع من الإحتياطيات من العملات الأجنبيّة بما يفضي إلى تعزيز الاستقرار النقدي الّذي يعتبر ركناً أساسيّاً لتعزيز البيئة الإستثمارية وزيادة الثّقة بالاقتصاد الوطنيّ. ومن المهمّ أن أشير إلى أنّ الهدف الّذي يتصدّر اهتمام السّياسات الحكوميّة في مثل هذه الأوضاع الاقتصاديّة العالميّة المضطربة هو حماية المستوى المعيشي للمواطنين من التّراجع، حيث تتفاقم التحدياتالإقتصادية على نحو لم تتمكّن فيه العديد من حكومات الدّول الأخرى من حماية مواطنيها من تآكل الدّخول وتدهور القوّة الشرائية. وفي الواقع، فإن أساس نجاحهذه الحكومة في الحفاظ على المستوى المعيشي وحماية القوّة الشرائية للمواطنين من التدهور يتمثّل في السّياسات الحصيفةالتي تبتعد عن الأهداف الإسترضائيةٍالمرحليةٍ قصيرة المدى، فضلاً عن الاستناد إلى إجراءاتٍ تحفظ استقرار اقتصادنا الوطني وتحتوي التضخّم في الأسعار وتهدف إلى تعزيز شبكة الحماية الإجتماعية. في الوقت الّذي تركّز فيه أيضاً على تحفيز النّموّ الإقتصاديّ باعتباره الرّكيزة الأساسيّة لمعالجة التحديات الاقتصاديّة وإيجاد فرص العمل.
وأود الإشارة هنا إلى أن نتائجرفع التّصنيف الإئتماني للأردن من قبل المؤسّسات الدّوليّة المختصّة ونتائج مراجعات بعثات صندوق النّقد الدّولي تعتبر بمثابة شهادة وتأكيد على أنّ الأردن يسير على الطّريق الصّحيح للإصلاح الماليّ والاقتصاديّ، وعلى نجاح السّياسات والإجراءات الحكوميّة في كبح جماح التّضخّم والحفاظ على الإستقرار المالي والنقدي في الأردن.
وإذا كان أداء اقتصادنا الوطنيّ من حيث معدلات التضخم وعجز الموازنة ونسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجماليّ والتّقييم الإئتماني والإستقرار الماليّأفضل نسبياً مقارنةً بأداء العديد من اقتصادات الدّول وخاصّةً في المنطقة وفقاً للمؤسسات الدولية، فلا يعني ذلك أنّ الأداء كان بمستوى الطموحات على الإطلاق، وخاصّةً عند الحديث عن مستوى البطالة الّذي لم يبلغ مستواه المرتفع في العامين الأخيرين منذ عقودٍ طويلةٍ من الزّمن .
لذلك، فإن السّياسة الماليّة للحكومة في موازنة عام 2023 ترتكز إلى الخفض التدريجيّ للدّين العام وعجز الموازنة العامّة، وترشيد النّفقات العامّة.
حيث ستواصل الحكومة إدارة الدّين العام بما يفضي إلى تخفيض نسبته إلى النّاتج المحلّيّ الإجماليّ الاجمالي بعد إستثناء ما يحمله صندوق إستثمار أموال الضمان الإجتماعيإلى نحو 84.2% في عامٍ 2025 .كما ستواصل الحكومة تعزيز كفاءة تحصيل الإيرادات والحدّ من التّهرّب الضريبي والجمركي.
وبطبيعة الحال، فإنّ مثل هذه النّتائج الإيجابيّة الّتي يصعب تحقيقها في مثل تلك الظّروفالعالمية الصّعبة لم تكن لتتحقق لولا الإجراءات الماليّة والإقتصادية الإصلاحية الّتي تبنّتها الحكومة ضمن برنامجها الوطنيّ، وكما أوضحت ذلك بشكلٍ مفصّل في خطاب الموازنة أمام مجلسكم الموقّر في بداية هذا العام .
وعليه، ورغم تحدّث بعض السادة النواب عن عجز الموازنة، وفي ضوء إجراءات الحكومة وسياستها الماليّة الّتي تشهد لها المؤسّسات الدّوليّة المختصّة بالحصافة، فسوف يتراجع عجز الموازنة الأوّلي (الذي يقارن بين الإيرادات المحلية والنفقات العامة مستثنياً منها خدمة الدين العام) وللسّنة الثّالثة على التّوالي في عام 2023 إلى نحو 2.9 بالمائة من النّاتج المحلّي الإجماليّ، وصولاً إلى نحو 0.9 بالمائة في عامٍ 2025 . وسيكون لهذه السّياسة الماليّة أثراً واضحاً في تعزيز الاستقلال الماليّ والاعتماد على الذّات، حيث سترتفع نسبة تغطية الإيرادات المحلّيّة للنفقات الجارية إلى نحو 89.1 بالمائة في عامٍ 2023 مقارنة بنحو 87.5 بالمائة في عامٍ 2022 ولتواصل ارتفاعها التدريجي إلى نحو 91.8 بالمائة في عامٍ 2025. وهذا من شأنه أن يعزّز السّياج الّذي يحمي الموازنة العامّة واقتصادنا الوطنيّ من الصّدمات الخارجيّة ويمكّن الحكومة من التّصدّي للتحديات الّتي لا زالت تواجهنا بكفاءةٍ واقتدار، ويساهم في تمتين استقرار الاقتصاد وتعزيز نموّه.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترمين ،،،
إنّ هذه الحكومة لم تأل جهداً في تقديم برامج المساعدة للمحتاجين والمستحقين من ذوي الدّخل المحدود والفئات الأشدّ ضعفاً والأكثر تأثراً بتداعيات الأزمات لتمكينهم من تحملّ الأوضاع المعيشيّة الصّعبة،حيث قامت الحكومة بزيادة الإنفاق على شبكة الحماية الاجتماعيّة بجميع مكوناتها، ومراعاة تداعيات الإرتفاعات العالمية في أسعار النفط على المواطنين حيث قامت بتثبيت أسعار المحروقات لجزء من عام 2022 وتوفير المخصصات المالية لتغطية كلفة ذلك على الرغم مما يمثّله من عبءٍ كبيرٍ على الموازنة العامة والتزامات الحكومة في برنامجها للإصلاح المالي والإقتصادي، إضافةً إلى القيام بكلّ ما أمكن لضمان الاستقرار النّسبيّ في أسعار السّلع الهامة من خلال تعزيز منظومة الأمن الغذائي والحفاظ على المخزون الإستراتيجي من السّلع والموادّ الأساسيّة، وزيادة مخصّصات صندوق المعونة الوطنية/ الدّعم النقدي الموحّد ، وتحسين إجراءات إيصال الدّعم لمستحقيه، وزيادة مخصّصات دعم التّعليم الجامعيّ لأبنائنا غير المقتدرين ليصار إلى استيعاب الطّلبات الّتي تمّ التّقدّم بها للحكومة للحصول على المنح والقروض للطّلّاب، إضافةً إلى مخصّصات التغذية المدرسيّة ومكرمة جلالة الملك المفدّى لأبناء العسكريّين والمعلّمين وغيرها .
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترمين ،،،
وإذ تتّفق الحكومة مع توصية اللّجنة الماليّة والكتل النّيابيّة حول تنفيذ المشاريع الواردة في قانون الموازنة العامّة وخاصّةً المتعلّقة منها ببرنامج رؤية التّحديث الاقتصاديّ وخطةتحديث القطاع العامّ مع التركيز على المشاريع الكبرى مثل مشروع النّاقل الوطنيّ، فأرجو أن أوكد على أنّ الوزارات والدّوائر والمؤسّسات الحكوميّة ذات العلاقة ستبدأ بتنفيذ البرنامج التّنفيذي للرّؤية ضمن الأطر الزمنية المحدّدة للتّنفيذ ، وفقاً لمؤشراتٍ واضحةٍ لقياس الأداء، وستقوم الحكومة بإصدار تقارير لمتابعة الإنجاز وتقدّم سير العمل، وسيتم إطلاع مجلسكم الموقّر على المسار التنفيذي لهذا البرنامج . وفي هذا الصّعيد ، أرجو أن أوكد على أنّ منهجية الموازنة الموجّهة بالنتائج المعتمدة في إعداد الموازنة العامّة والّتي تستند إلى خطط الوزارات والدّوائر والوحدات الحكوميّة وعلى مؤشرات لقياس أدائها، ستمكّن الحكومة من متابعة وتقييم أداء الوزارات والدّوائر والوحدات الحكوميّة.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترمين ،،،
لقد أشار بعض السّادة النّوّاب الكرام إلى وجود مبالغةٍ في تقديرات الإيرادات المحلّيّة لعام 2023 ، فأود أولاً أن أؤكد على أنّ هذه الحكومة تراهن على الثّقة والمصداقية في إعداد الموازنة، وفي تعزيز جسور الثّقة مع مجلسكم الكريم ، وهي خطوةٌ ولبنةٌ أساسيةٌ لتمكين الحكومة من المتابعة الدّقيقة والفاعلة لتنفيذ الموازنة. وقد أثبت هذه الحكومة في سنوات عملهادقة تقديراتنا الماليّة، حيث تمكّنت الحكومة من تحصيل الإيرادات المقدرة، كما كانت النّفقات ضمن السّقوف المقدّرة لها. لذلك، تؤكد الحكومة على أنّ تقديرات الإيرادات المحلّيّة واقعيّةٌمبنيةٌ على أسسٍ علميةٍ ستتحقّقإن شاء الله.وأشير في هذا المجال إلى إشادةالمؤسسات العالمية بالأردنّ، باعتباره نموذجاً صنع سياساته بأيدٍ أردنيةٍ صرفة لتحقيقإيراداته رغم التشكيك في جديّة الحكومة في محاربةٍ جادةٍ للتهرب الضريبي دون رفع الضرائب.
وإذ تقدّر الحكومة عالياً توصيات اللّجنة الماليّة وكلمات السّادة النّوّاب والكتل النّيابيّة بدعم وتوفير المخصصات اللّازمة للجهاز العسكريّ وكافّة الأجهزة الأمنيّة لتؤكد الحكومة على أنّها أولت الأجهزة الأمنيّة والعسكرية الاهتمام والرّعاية لتلبية متطلباتها، ولتقوم بكلّ كفاءة واقتدار بالحفاظ على أمن الوطن حيث إنّها تشكّل الرّكيزة الأساسيّة للإستقرار الأمني والاقتصاديّ والماليّ، مؤكّدةً قيامها برصد المخصّصات الماليّة اللّازمة للقوات المسلّحة والأجهزة الأمنيّة في مشروعٍ قانون الموازنة العامّة للسّنّة الماليّة 2023، وستستمر بدعمها لهذه الأجهزة لتمكينها من القيام بمهامها بالشّكل الأمثل .
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترمين ،،،
لقد اشتمل تقرير اللّجنة الماليّة الموقرة وكلمات السّادة النّوّاب والكتل النّيابيّة على توصياتٍ تخصّ مختلف القطاعات،ستقوم الحكومة بدراستها وتنفيذ ما أمكن منها.
وقبل الختام، أرجو أن أوكد لمجلسكم الكريم بأن قانون الموازنة العامّة لعام 2023 يعتبر خطوةً إضافيّة هامّةً على طريق الإصلاح الماليّ والإقتصاديّ في ظلّ الظّروف السّياسيّة والاقتصادية الّتي تشهدها الساحتين العالميّة والإقليمية على حدّ سواءٍ . كما يعتبر هذا القانون ترجمةً واقعيّةً لتوجهات الحكومة وخطوةًأولى لتنفيذ خطّة التّحديث الاقتصاديّ وخطة تطوير القطاع العامّ الّتي تم تطوريها بمشاركة طيفٍ واسعٍ من خبراء ومستشارو القطاع الخاص. وقد راعت الحكومة عند إعداد تقديرات النّفقات أهمّيّة توفير المخصّصات الماليّة لتنفيذ محاور الخطتين .
وتؤكّد هذه الحكومة لمجلسكم الكريم على أنّ توصياتكم ومقترحاتكم ستكون موضع العناية والاهتمام والاسترشاد بها، وتنفيذ ما أمكن منها خلال المرحلة القادمة، فبمساندة مجلسكم الكريم سوف تتضاعف الجهود لترجمة رؤى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه، الهادفة إلى تحسين المستوى المعيشي للمواطنين والارتقاء بها وتعزيز رفعة وطننا الغالي وتقدّمه وازدهاره بإذن اللّه تعالى. وستقوم الحكومةبإعداد تقرير شاملٍ ومفصلٍ حول ما تمّ إتّخاذه من إجراءات وتدابير تجاه التوصيات والمقترحات الواردة في تقرير اللّجنة الموقرة وتزويد مجلسكم الموقّر واللجنة الماليّة بنسخةٍ من هذا التّقرير.
وفي الختام، تستحضرني كلماتٌ درر، نثرها جلالة الملك عبداللّه الثّاني ابن الحسين المعظّم حفظه الله ورعاه، تشيع الأمل وتستنهض الهمم، قائلاً أعزّ اللّه ملكه “التشاؤم لا يبني مستقبلًا ، والإحباط لا يقدّم حلولًا ، ولن نمضي خطوةً إلى الأمام إن لم يكن الطّموح دافعنا الّذي لا يهدأ . وأعرف أن الأردنيين هم أهل العزم الّذين لا يقبلون إلّا الأفضل ، ومعًا سنصنع هذا المستقبل الأفضل”.
أرجو أن أكرر شكري لمجلسكم الكريم ولرئيس وأعضاء اللّجنة الماليّة سائلاً المولى عزّ وجلّ أن يوفّقنا جميعًا في خدمة وطننا الغالي في ظلّ قيادة سيّدي صاحب الجلالة الهاشميّة الملك عبد اللّه الثّاني ابن الحسين المعظم حفظه اللّه ورعاه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مدار الساعة ـ نشر في 2023/02/15 الساعة 17:45