واشنطن 'قلِقة جداً' والاتحاد الأوروبي 'يَرفُض'.. أمّا إسرائيل فـَ'غير مُتفاجِئة'؟!
في وقت يُهدد فيه رئيس حكومة العدو الصهيوني/نتنياهو بِـ«شنّ» عملية عسكرية واسعة في القدس الشرقية والضفة الغربية (وصفها الفاشي بن غفير بـ«السور الواقي2» استكمالاً لعملية اجتياح مجرم الحرب/شارون للضفة الغربية في 29/3/2002، مُطيحاً بذلك - ورسمياً - باتفاق أوسلو).. يمضي نتنياهو في اتخاذ قرارات بتوسيع الإستيطان وخاصة قرار حكومته شرعنة «9» بُؤر استيطانية في شمالي الضفة الغربية المحتلة (المنطقة ج), رغم الأزمة المُتدحرجة التي تعصِف بإئتلافه وتطاله على نحو شخصي, بعد أن بدأ بتنفيذ خطته «إصلاح القضاء» التي يروم من ورا?ها ليس فقط وضع يده على السلطة القضائية واستتباعها للسلطة التشريعية/الكنيست, التي يتوفر فيها ائتلافه على أغلبية مريحة تسمح له بتمرير أي قرار يريده (64نائباً من 120), بل خصوصاً التملص من المحكمة والحؤول دون دخوله السجن وفقدان مستقبله السياسي والشخصي أيضاً, فيما يُحاول رئيس الكيان الصهيوني اسحق هيرتزوغ (الذي جاء به نتنياهو إلى موقع رئيس الدولة), حماية نتنياهو من السقوط عبر طرح ما وصفه «مُبادرة», تُمهد لحوار بينه وأحزاب المعارضة التي اشترطت لقبول الحوار, تراجع نتنياهو عن مسعاه تكبيل الجهاز القضائي والمسّ بمحكم? العدل العليا.
نقول: في خضم مشهد إسرائيلي مُحتقن ومفتوح على احتمالات عديدة، خرج علينا رئيس الدبلوماسية الأميركية/بلينكن, بتصريح تفوح منه رائحة النفاق وبيع الكلام المعسول الذي دابت إدارة بايدن الترويج له وتسويقه, وبخاصة في «كل» ما يتعلق بالقضية الفلسطينية من إجراءات عنصرية إستيطانية إعدامات ميدانية ضد الشعب الفلسطيني, قائلاً عبر بيان صادر عنه: إن إدارة الرئيس بايدن «تُعارض» قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي المُصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) بشرعنة تسع بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية، مُحذِّراً من أن «إضفاء ا?شرعية» على هذه البؤر الاستيطانية من شأنه أن «يُؤجِّج التوتر الأمني في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، ولم ينسَ بالطبع أن يُعيد علينا اسطوانته المشروخة بالقول: نحن «قلِقون جداً» إزاء قرار إسرائيل هذا.
وكعادة الإدارات الأميركية المُتعاقِبة في «المَشيِ والعَلّك» في الوقت نفسه, بمعنى قول الشيء وعدم العمل أو العمل ضده، لم ينطوِ بيان المستر بلينكن على أي إشارة أو تلويح بأن واشنطن في صدد اتخاذ أي إجراء ضد إسرائيل.
على المسار نفسه تجري سياسات الاتحاد الأوروبي (الذي يُشارِك أميركا قِيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير وحق الشعوب في تقرير مصيرها بالطبع), اذ أعرب الاتحاد الأوروبي في «بيان» مساء أول أمس/الاثنين عن «رفضه» قرار الحكومة الإسرائيلية شرعنة 9 بؤر استيطانية، ولم ينسَ كعادته التأكيد على أن الاستيطان «غير شرعي» بموجب القانون الدولي وأنه لن يعترف بأي تغييرات لحدود عام 1967، «غير تلك التي يتفق عليها الطرفان»، (فيما يُصرّ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على أنهم «لا» يعترفون إلاّ بحدود أوكرانيا كما كانت في?العام 1991, ولم يُضمنوا في كل بياناتهم وقراراتهم, عبارة إلاّ تلك التي يتفِق عليها الطرفان الأوكراني/ والروسي)..خاصة أن الاتحاد لفت في بيانه العتيد حول شرعنة البؤر الاستيطانية إلى «استعداده لمُساعدة (الأطراف) على إعادة بناء مسار نحو الحوار والعمل معاً لعكس دورة العنف السلبية، وتجنّب أي خسائر في الأرواح (أما في أوكرانيا فهم الأوروبيون/ والأميركيون منعوا ويمنعون أوكرانيا من الجلوس على طاولة المفاوضات مع روسيا).
ما علينا..
بصرف النظر عن الإدانات التي صدرتْ عن عواصم إقليمية وعربية. إلاّ أن «إسرائيل» لم تُولِ أي اهتمام لتلك الإدانات أو حتى تُكلّف نفسها الرد عليها، وجل ما اعتنت به هو بيان «بلينكن", إذ جاء على لسان مسؤول «دبلوماسي» اسرائيلي في إحاطة لوسائل إعلام محلية ودولية في تل أبيب/أول أمس أن إسرائيل «لم تُفاجأ باعتراض واشنطن على شرعنة البؤر الاستيطانية»، في وقت لفتت فيه تقارير إسرائيلية إلى أن وزير الشؤون الاستراتيجية الصهيوني/رون دريمر, كان قد «أطلعَ» المسؤولين في واشنطن على قرارات الكابينت قبل الإعلان عن اتخاذها رسمياً، ت?ى تل أبيب بحسب المسؤول «الدبلوماسي» الإسرائيلي أن «الخلافات مع واشنطن في هذه القضية مُتواصلة منذ عقود».. مُشدِّداً (وهنا تكمن الأهمية والخلاص الصافية) المسؤول الإسرائيلي, على أن «هذه الاختلافات في الرأي» حول تعزيز المشروع الاستيطاني وإضفاء الشرعية على بؤر استيطانية عشوائية في الضفة » لم ولن تضرّ بالتحالف القوي بين إسرائيل والولايات المتحدة»..
فهل ثمَّة تعسّف أو شطط القول: أن الأميركيين والأوروببيين يواصلون بيعنا الكلام المعسول بل والمغسول. الذي لن يُفضي إلى أي مكان أو نتيجة؟
kharroub@jpf.com.jo