ابو دلو يكتب: دستورية العلاقة بين النائب والوزير
في ظل ارتفاع نسبتي الفقر والبطالة وتدني مستوى الرضا الشعبي عن الحكومات، يظهر في كل فترة ما يعزز أحقية الردود الشعبية بمواجهة الحكومات وعدم الثقة بها، ما يؤدي إلى ارتفاع منسوب الغضب وعدم الرضا الشعبي؛ ففي الاستثناءات في كل الجوانب حدّث ولا حرج وخاصة في الوظائف التي تمنح هنا وهناك.
قبل أيام قام مجلس النواب بتحويل أحد أعضائه وما أكثرهم إلى اللجنة القانونية للتحقيق في الاعتداء الذي حصل من قبله ضد أحد الوزراء وتحديداً وزير العدل، وهذا الاعتداء لم يأتِ دفاعاً عن المواطن أو بسبب الترهل الإداري في الجهاز الحكومي ولا بسبب ارتفاع نسب البطالة والفقر والمشاكل التي تواجه المواطنين، بل ناتج عن انزعاج النائب من عدم نقل ابنه المعين باستثناء إلى الجهة التي يرغب بالعمل فيها، بالطبع له الحق بالاختيار؛ فهو معين باستثناء، بغض النظر ما إذا كان من ينطبق عليهم شروط الاستثناء من عدمه.
ما قامت به الحكومة من تعيين يُعدّ محاباة لبعض النواب على حساب الآخرين، لا بل على حساب المواطنين، وهذه الحادثة أظهرت هذا الاستثناء، وبالتأكيد هناك استثناءات عديدة في شتى النواحي لا نعرف عنها.
إن العلاقة ما بين النائب والوزير محكومة بالدستور والنظام الداخلي والعرف البرلماني؛ فالدستور الأردني قد رسم العلاقة بين السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية بالفصل المرن بينهم؛ فالسلطة التشريعية تبنى على أساس الرقابة والتشريع، فالأصل أن تؤسس العلاقة ما بين النواب والحكومة على قيام المجلس النيابي بالتركيز على الدور الرقابي على أعمال السلطة التنفيذية وحسن تطبيق القانون على الجميع لضمان سيادته التي تؤكد متانة النظام السياسي مهما حاول البعض اختراقه، وبنفس السياق تجويد التشريع.
أما شكل العلاقة دستورياً بين النواب والحكومة، حددت بأدوات وآليات الرقابة النيابية على أعمال الحكومة، بأسلوب ديمقراطي يستند إلى الحوار والمتابعة والرقابة تحت قبة البرلمان أو من خلال عمل اللجان المتعددة التي يحكمها النظام الداخلي، وتضمن الدستور عدداً من الصيغ والآليات التي يمارس من خلالها النائب مهامه الدستورية، بدءاً من حقه في تقديم الاقتراحات برغبة حول مواضيع تشريعية أو رقابية يرى أنها ضرورية، إلى توجيه الأسئلة للحكومة أو أي من أعضائها حول موضوعات يرغب في الاستيضاح عنها، وصولاً للحصول على معلومات شافية ووافية بشأنها من ثم الاستجواب وأخيراً طرح الثقة.
الدستور وضح وبيّن كيفية التعامل ما بين السلطة التشريعية والتنفيذية وكيفية تمكين النائب من بسط رقابته الدستورية دون أي ضغوطات عليه بشرط أن تكون هذه الرقابة للمصلحة العامة وليس للمصلحة الشخصية.