أدوات الدبلوماسية البرلمانية تبدع.. فهل حان الوقت لأكثر من ذلك؟

سلطان عبد الكريم الخلايلة
مدار الساعة ـ نشر في 2023/02/14 الساعة 08:45
رَاقَب الأردنيون مؤخراً الأداء الدبلوماسي الاردني لكن هذه المرة من شقه البرلماني، وما تبدو عليه الأمور اليوم أن الماكينة السياسية الأُردنية تعمل اليوم ضمن فريق واحد، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي.
لقد أثبت مجلس النواب مؤخراً فعاليته الدبلوماسية ودوره الفاعل في الدبلوماسية الخارجية، لكن هنا ركن يبدو بحاجة إلى التوقف عنده وهو تفعيل هذا الدور عبر شراكة المجلس في صناعة وتوجيه السياسية الخارجية وليس فقط المشاركة في تنفيذها، فاليوم نلاحظ النجاحات التي حققها مجلس النواب باعتباره أحد أدوات السياسة الخارجية الأردنية من خلال دور يشارك فيه مع وزارة الخارجية في فتح ما ينغلق من الأبواب الخارجية.
كل هذا يأتي ضمن التحركات الإيجابية والجيدة، ولكن الجيد أيضاً درجات التنسيق الإيجابي والتشبيك الفعال التشاركية للصالح العام، كما لوحظ ذلك في الآونة الأخيرة من خلال عدد اللقاءات الدبلوماسية في غاية الأهمية التي قام بها رئيس المجلس، وهذا أحد أهم أدوات الدبلوماسية البرلمانية والمتمثلة أيضاً بعملهِ بإطار الاتحادات البرلمانية العربية والدولية والاسلامية.
كل هذا يُضاف إلى أدوار رئيس المجلس أيضاً في إدارة السياسة الخارجية الأردنية والتي شهدناها في بغداد والقاهرة والجزائر، وما نلاحظه من شراكة في تنفيذ السياسة الخارجية الأردنية، دون أن ننسى أيضاً زيارة سفراء معتمدين في عمّان لمجلس النواب وتشكيل لجان الصداقة والأُخوُّة البرلمانية، بالإضافة للجنتين دائمتين في غاية الأهمية وهما لجنة الشؤون الخارجية ولجنة فلسطين.
ولعل ما لمسناه مؤخراً من وشهدناه من حِراك دبلوماسي قاده رئيس مجلس النواب والوفد البرلماني الذي زار الجزائر مؤخراً وشارك في قمة العالم الإسلامي وحصل على إجماع ٥٤ دولة حول دعم الوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية في القدس، ورافق ذلك مشاركة برلمانية واسعة في القاهرة ونجح الأردن من خلال رئيس المجلس بتبنّي مقترح لإنشاء مركزاً للأمن الغذائي مقرّه الأردن حيث جاءت هذه الفكرة بطلب ملكي كان قد تم عرضه قبل أكثر من عام، الأمر الذي يتطلّب متابعة من كافة مؤسسات الدولة مع الدول الشقيقة والصديقة لإتمام هذه المشاريع القومية الكبيرة في الفترة المقبلة وتنفيذها على أرض الواقع.
يعلم الجميع بأنّ سياستنا الخارجية تتسم بالاعتدال وفهم عميق، وتعمل على تحقيق الانسجام ما بين الخطاب السياسي والممارسة الفعلية، ولعل ما يميزها حمل جلالة الملك للعديد من ملفات السياسة الخارجية الأُردنيّة، وهذا يضفي خصوصية وتميزاً وحكمة لجلالة الملك الجليّة دوماً، وتظهر أكثر اليوم بالدبلوماسية التي تعتبر الأداة الأكثر فاعلية في تنفيذ السياسة الخارجية للدولة.
لقد اعتادت الدول على تعدد أدواتها في السياسة الخارجية، بل أنّ دولة مثل امريكا تعتبر حتى منظمات الـNGOS - برغم أنّ المعلن عنها أنها منظمات غير حكومية - تستعمل هذه الأدوات في الخارج الأمريكي لصالح السياسة الخارجية الامريكية، وكذلك يفعل الحزبين الديمقراطي والجمهوري من خلال أدواتهم المتعددة، وليست الأحزاب والمنظمات الأُوروبية ذات اليافطات الانسانية بعيدة عن كل ذلك.
إنّ صانع القرار الأُردني أدرك أن هامش المناورة والمساحة التي يمكن إتاحتها للدبلوماسية البرلمانية أوسع من هامش مناورة وزارة الخارجية، فتم استخدام هذه الأداة الفعّالة بكفاءة بالغة، بل إن الدبلوماسية البرلمانية لم تُعدّ فقط معزز يكمل الدبلوماسية الرسمية؛ بل ورديف مهم لها، لكن من أجل تفعيل الدور المهم لمجلس النواب في هذا الجانب فإنّ الجميع يتطلّع لتفعيل الدور الرقابي على وزارة الخارجية من خلال المساءلة والرقابة وليس الاكتفاء ببعض الحالات للقاء الوزير للاطلاع والعمل على تفعيل لجان الأُخوُّة والصداقة، وهذا من شأنهِ العمل على انخراط المجلس في السياسة الخارجية بعيداً عن ركود تلك اللجان وعدم فعاليتها، كما أن ذلك يعطي دوراً أكبر لتنظيم العلاقات مع البرلمانات الأُخرى، ويعطي هذا النهج المجلس الحالي اهتمام كبير بخطوات مدروسة تأخذ دروب تتوازى بالشأن السياسي والإقتصادي ويعطي أيضاً دور برلماني وجهد عظيم يستحق الإضاءة بشكل أفضل رغم عمله في الظل.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/02/14 الساعة 08:45