فريق الإنقاذ الفلسطيني
قرأت في الأخبار أن فريق إنقاذ فلسطيني قرر المشاركة, في أعمال الإغاثة والإسعاف للمتضررين من الزلزال الأخير في تركيا وسوريا...
الفريق الفلسطيني أجزم أنه سيكون أهم فريق, أهم من المجموعة الألمانية والفرنسية والبريطانية.. سيكون الأكثر حنانا وقوة وصلابة... وسيكون محط الأنظار, وستشهد لهم الأرض التركية والسورية..
لن يحزنوا إذا شاهدوا خيمة منصوبة أو مخيما, فأجدادهم مروا بالتجربة حين هجروا قسرا من قراهم, وحين ارتكبت اسرائيل أبشع المجازر بحق أطفالهم بحق النساء والرجال أيضا, صدقوني إن مشاهد المخيمات لن تؤثر بهم كثيرا لأنها تجربة مروا بها وأقاموا على بطن الأرض ألف مخيم...
لن يتأثروا بالردم والعمارات التي سقطت على رؤوس الأهل بل ستمنحهم عزيمة وقوة للبحث أكثر وإزالة الردم أكثر, فاسرائيل كانت في لحظة وعبر قنبلة موجهة, تردم حارات كاملة في غزة, وذات يوم أخرجوا شهيدا في عمر ال (7) أشهر, مات (واللهاية) في فمه, وحملوه لمستقره الأخير فلسطينيا أبيا.... حرا, سيصعد إلى عليين كبيرا وسيكون هناك الشاهد أمام الله على ظلم العالم وجبروته.
هل سيتأثر الفريق الفلسطيني بالدمع, ياما نزفت الأمهات دموعهن على الشباب الذين سقطوا والحجر بيد والتسبيح باليد الأخرى, ولم يكن دمع حزن بل دمع فرح...لأن الشهداء وحدهم يستحقون أن نفرح لهم, ولأن فلسطين لا تقبل البكاء على أولادها, بل هي من تحملهم على كفها للسماء.. نجوما تضيء سماء الأمة بعد أن انطفأت قلوب العرب.. فلسطين وحدها التي نفدت فيها الدموع من المحاجر ومع ذلك ما زالت العين ترى حلم التحرير قريبا.
ماذا سيشاهد الفريق الفلسطيني أيضا.. هل سيشاهد عربات الإسعاف, على الأقل في تركيا وسوريا تسير العربات امنة وتصل المستشفيات, في فلسطين حين يصاب الشباب وتحملهم سيارات الإسعاف هي الأخرى لا تنجو من الرماية, وهي الأخرى التي تفقد طواقمها من ممرضين وسائقين ويلتحقون بركب الشهداء.. أي عالم هذا الذي يستهدف الجريح؟ ويمنع سيارة تؤدي واجبا إنسانيا من ايصاله للمشفى.. أي عالم هذا الذي يصر على أن تنتظر سيارات الإسعاف على المعبر, كي يتأكد أن الفلسطيني المريض..قد مات فيها.
ماذا سيشاهد؟.. هل سيشاهد الفريق الفلسطيني أيضا... شاحنات لنقل الأدوية, في غزة كانت الشاحنات تقف على المعابر, وكان مستشفى الشفاء في أوج القصف يستصرخ العالم بأن يزوده فقط بالضمادات التي نفدت, بعلب (الجلوكوز) التي انتهت.. ولكن المعابر كلها كانت مقفلة, وكان الأطباء يستعملون اليد لوقف نزف الجريح, يستعملون (المريول).. كانوا يستعيرون من أغطية الأسرة بعض القماش لوقف النزف... وصمدوا أمام كل ذلك, وعلموا الدنيا أن إرادة الفلسطيني لا تهزم ولا تقهر.
اسرائيل كل يوم تحدث ألف زلزال في فلسطين, والفلسطيني كل يوم يردم فوقه سقف..كل يوم يصاب باليتم, كل يوم يشرد ويبعد..كل يوم يطارد, وكل يوم يفقد وظيفة...
أنا انصح الفريق الفلسطيني, أن يحتضنوا الناس هناك..أن يعلموهم بأن صبر الشعب الفلسطيني قد تجاوز ال (80) عاما, انصحهم بأن يخبروا أهل الضحايا عن الأمهات في غزة اللواتي فقدن كامل أفراد العائلة.. عن الأطفال الذين بحثوا عن أمهاتهم بعد القصف.. ووعدهم الخال بأن تأتي قريبا من المشفى ومازال ينتظر وهي لم تأت لأن الموت اختطفها, أنصح الفريق الفلسطيني بأن يعطوا تجربتهم في الصبر العظيم للأسر المنكوبة في تركيا وسوريا.
أنا لا أعرف هل أحزن على الناس في تركيا وسوريا, كل يوم حين أشاهد ما تبثه الأخبار تسرق دمعة حرى صمتي وتسفح على خدي كأنها جمرة تستقر في القلب, بالمقابل حين أشاهد ما يحدث في فلسطين ينتابني ذات الشعور.. غير أن فلسطين زلازل إسرائيل فيها مستمرة ولا تتوقف, وقتل إسرائيل مستمر أيضا وحصارها مستمر..
شكرا لفلسطين ولفريق الإنقاذ فيها.., تلك المرة الأولى في التاريخ التي سيداوي فيها الحزن حزنا اخر, تلك المرة الأولى التي يتعاطف فيها النزف مع النزف والجرح مع الجرح... وتلك المرة الأولى... التي سيذهب فيها المحاصر لإنقاذ محاصر اخر..
لكن أقول لفريق الإنقاذ الفلسطيني أرجوكم.. لا تنسوا أن تضعوا علم فلسطين على صدوركم, فالعلم حتما سيخفف من عناء وتعب المكلومين في تركيا وسوريا, حتما سيشعرهم بأننا أمة لو صبت نار جهنم فوق رأسها.. ستبقى واقفة.