وطن الحكمة
ليس في هذه الحياة الدنيا شيء سيئ بالمطلق، ففي باطن كل ما هو سيئ بعض الخير، لذلك قال الله تعالى في محكم التنزيل "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" {البقرة:216}. من هنا يمكننا القول: إن من فوائد المحن والنكبات ،أنها تكشف عن المعادن الحقيقية للناس أفرادا وجماعات، وهو بالضبط ما فعلته نكبة الزلازل التي أصابت اهلنا فى سوريا جار الجغرافيا وشريك الروح والتاريخ، وكل ما هو جميل، فقد هب الأردنيون كل على طريقته لنجدة الأهل في سوريا، وكانت شرارة الانطلاق، هي المحادثه الهاتفية التي أجراها قائد الوطن جلالة الملك عبدالله الثاني مع الرئيس السوري بشار الأسد مواسيا ومعزيا ومعربا عن تضامن الأردن والأردنيين مع اهلهم وامتدادهم في سوريا، لتنطلق بعد ذلك قوافل الإمدادات والمساعدات الطبية والغذائية، تقودها الهيئة الخيرية الهاشمية، التي صارت عنوانا لإغاثة الملهوف اينما كان في هذا العالم، وهذه إحدى مزايا الأردن الذي اعتاد على أن يعطي رغم ضيق ذات اليد، كما أنها إحدى تجليات حكمة هذا الوطن الذي اختارت له قيادته الحضور المؤثر من خلال مؤسسات العطاء مثل الهيئة الخيرية الهاشمية، وقبلها قواتنا المسلحة، ومعهما فريق البحث والإنقاذ الأردني المكون من كوادر الأمن العام والخدمات الطبية الملكية الأردنية فقد صارت هذه المؤسسات الوطنية عنوان لوطن الحكمة التي تقدم الدليل العملي على قدرة الاردن على العطاء،كما صارت عنوان من من عناوين العطاء الاردني رغم ضيق ذات اليد.
لقد انطلق الجميع في بلدنا خلف قيادتهمللمساهمة في إنقاذ من يمكن إنقاذه من تحت الرماد في سوريا الشقيقة.كل على قدر عزمه فكانت في الطليعة من الجميع شركة الحكمة للصناعات الدوائيه، التي تبرعت بهدؤ، وبعيدا عن الاستعراض والبهرجة بما قيمته مليون دولار من المساعدات ،وهو أمر لا يستغرب من شركة جعلت من أعمالها وانجزاتها دليلاً عليها ، حتى وصلت إلى العالمية، دون أن تنسى مسؤوليتها الاجتماعية ،على مستوى الوطن والأمة ،رافعة راسنا في الأردن على ما وصلت اليه صناعتنا في مجال الادوية،وهي مكون أساسي من أمننا الصحي ،وسياحتنا العلاجية التي بها نفاخر.
وفي مارثون السباق لإغاثة أهلنا في سوريا، برز دور النقابات المهنية، فكانت نقابة المهندسين الاردنيين اول من أعلن عن فتح باب التبرعات من أجل سوريا ،مما يذكرنا بالدور الوطني لنقاباتنا المهنية.
ومثلما كشفت كارثة الزلزال الذي ضرب الشقيقة سوريا ،عن أصالة بلدنا ،فقد قدمت دليلاً جديدا على ازدواجية المعايير لدى مايسمى بالراي العام العالمي خاصة في مكونة الغربي ،اتضح ذلك من ضألة التعاطف مع سوريا والسوريين، ومن ثم ضآلة المساعدات التي قدمت لسوريا ، مما يؤكد لنا من جديد أن وحدة أمتنا، واولها وحدة بلاد الشام والهلال الخصيب،ثم تنمية مبدأ الاعتماد على الذات من خلال التكامل وخاصة على الصعيد الاقتصادي بين هذه البلاد هو طريقنا للخلاص مما نحن فيه.
رحم الله شهداء الزلزال وحمى الله وطننا