فيصل الشبول: هذا ما أبلغه الملك لنتنياهو بشكل واضح
مدار الساعة - محمد العرسان - كشف وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية فيصل الشبول، في حوار خاص مع "عربي21"، عن بدء الحكومة بمشروع لاستخراج معادن أرضية نادرة ضمن خطة الحكومة لمواجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وقال الشبول إن المشروع تضمن توقيع 12 مذكرة للبحث عن النحاس والذهب والنفط، وغيرها من المعادن.
وتحدث الوزير عن "مشاريع استراتيجية كبرى"، بين الأردن ودول عربية تتضمن ربط الأردن كهربائيا مع العراق خلال يونيو/ حزيران المقبل، إلى جانب عزم الأردن على إنشاء خط للناقل الوطني للمياه ومشاريع سكك حديدية وقطار خفيف ومدينة جديدة.
وفي ملف القضية الفلسطينية، بين الوزير أن الملك عبدالله الثاني أبلغ نتنياهو بشكل واضح عندما زار عمان، بأن "الوصاية الهاشمية شيء لا يمكن العبث فيه"، محذراً من "مغبة فقدان الأمل لدى الفلسطينيين من إقامة دولتهم".
وفي ما يأتي النص الكامل للحوار:
ما هي الخطط الحكومية للنهوض بالاقتصاد في ظل التحديات الاقتصادية المحلية والدولية؟
إذا أردنا قراءة واقع الأردن يجب أن نأخذه من جانبين: الوضع الاقتصادي المحلي والجانب الإقليمي والعالمي.
فإذا أردنا فهم الوضع الاقتصادي الأردني يجب أن نعود إلى الربيع العربي في الـ2011، وإذا استثنينا دول التعاون العربي الخليجي الست، كل الدول العربية الأخرى تضررت بدرجات متفاوتة وتغيّرت أنظمة وسادت فوضى ووقع ضرر اقتصادي كبير.
ثم جاءت جائحة كورونا التي أحدثت أيضا ضررا باقتصادات عالمية وتحديدا الاقتصادات الصغيرة وشهدنا انهيار عملات وانهيارات سياسية في بعض الدول حتى إن النفط أصبح يباع بالسالب، بعد ذلك جاءت الحرب الروسية الأوكرانية وفرضت على العالم إيقاعا جديدا ورفعت كلف المعيشة على كل دول العالم وانقطعت سلسلة التوريد.
بالتالي بلد مثل الأردن أغلب مستهلكاته مستوردة ويحتاج إلى العملة الصعبة دائما، ومع ذلك استطعنا في فترة كورونا تأمين أربعة أنواع مطاعيم، ولم تنقص لدينا المستودعات من مادة غذائية واحدة، بينما في اقتصاديات كبيرة اختفت سلع عن الرفوف، واستطعنا الحفاظ على الاستقرار النقدي وهذا أصعب مهمة تقوم بها دولة صغيرة باقتصادها.
نسب التضخم في الأردن في أعلى مستوياتها وصلت إلى 4.2% بينما لامست في دول صناعية كبرى حاجز الـ10% ودول مجاورة وصل التضخم فيها 86% وخسرت جزءاً كبيراً في قيمة عملتها.
ما هي الإجراءات الحكومية لتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي في الأردن؟
لدينا إطار رباعي يضم الى جانب الأردن كلا من مصر والإمارات والبحرين ومفتوح لأي دولة الهدف منه استثمار البيئة الاقتصادية المحفزة في هذه الدول لإقامة مشاريع مشتركة،الحل الوحيد لدولة مثل الأردن باقتصاد يتعرض لضغوطات هو تكبير حجم الاقتصاد من خلال مشاريع استراتيجية نبحث لها عن تمويل مثل مشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر والذي سيوفر 300 مليون متر مكعب من المياه سنويا.
أيضا لدينا مشروع سكة حديد العقبة، للميناء البري في الماضونة، أيضا لدينا مشروع قطار خفيف بين عمان والزرقاء، إلى جانب مشروع المدينة الجديدة.
أيضا نحن بدأنا منذ العام الماضي بمشروع وطني للتنقيب عن كل المعادن في الأردن وهو مشروع مًبشر، هنا نتحدث عن عناصر أرضية نادرة وكميات من النحاس والذهب والنفط، هنالك ورشة عمل قائمة، لدينا منجم فوسفات جديد بامكانيات تصل إلى 75 مليون طن متري لن نصدر منه طنا واحدا وهو معروض للاستثمار لإنتاج الأسمدة خصوصاً كونها أكثر فائدة من تصدير الفوسفات الخام، وتم توقيع 12 مذكرة تفاهم لاستخراج المعادن والعناصر الأرضية.
لكن، البطالة شبح يقلق الأردنيين ما هي خطط الحكومة في هذا المجال؟
استهدفنا ذلك من خلال الرؤية الاقتصادية التي وضعت الحكومة برنامجاً تنفيذياً لمرحلتها الأولى، القطاع العام والعسكري في الأردن لا يستوعب توظيف أكثر من 15 ألف شخص سنويا، بينما يدخل سوق العمل سنويا 100 ألف، الحل في توسيع الاقتصاد لاستيعاب هذا العدد من خلال المشاريع الكبرى التي تحدثنا عنها.
وقعنا عدداً من المشاريع مثل الاتفاقية مع الصندوق الأردني- السعودي للاستثمار لإنشاء مستشفى تعليمي وجامعة طبية بكلفة 400 مليون دينار، كما وقعنا مع الإمارات مشروع الميناء ومطار الملك حسين في العقبة.
يعاني المواطن الأردني من ارتفاع الضرائب وأسعار المحروقات.. هل يوجد لدى الحكومة توجه لإعادة النظر في ذلك؟
موازنة الأردن مع المساعدات التي تأتي بشكل ثابت كالمساعدات الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، واليابان، ومع الضرائب، وإيرادات الدولة كل ذلك يشكل 87% من الإنفاق، بينما يتم استدانة 13% من الإنفاق سنوياً، هذا يضغط على الخزينة.
صحيح أن العبء الضريبي مرتفع ولكن الحلول ستكون مرة خرى بتحسين الاقتصاد وتحسين معيشة المواطنين.
اليوم في ظل الأزمة الموجودة عالميا، الحكومة الحالية لم تقم بفرض أي ضريبة جديدة، لكن ارتفاع أسعار النفط العالمي زاد من الضغوطات على المواطن الأردني، الآن إعادة النظر في الضرائب سيأخذ وقتا، لكن الأهم هو أن تنظر للعبء الضريبي بشكل عام بحيث نذهب للضرائب المباشرة (ضريبة الدخل) اكثر من الضرائب غير المباشرة مما يحقق العدالة، ونحن بصدد دراسة ذلك.
نشهد تعاونا مشتركا عربيا أردنيا غير مسبوق في مشاريع اقتصادية (الشام الجديد) ما الجديد في هذا الملف؟
بالإضافة إلى الإطار الرباعي الذي تحدثنا عنه، هنالك ايضا إطار ثلاثي (الأردن، مصر العراق) ونعول عليه كثيرا، سياستنا التي يقودها جلالة الملك الأولوية للتعاون الإقليمي، اليوم الأردن ينتج 30% من الطاقة من الطاقة المتجددة ونحن نزود الضفة الغربية بجزء من احتياجاتها من الكهرباء.
رغم أن الأردن ليست دولة نفطية أجرينا ربطاً كهربائياً مع لبنان عبر سوريا والأعمال على الأرض جاهزة، ولكن يعيقه إجراءات مالية تخص الجانب اللبناني، ومعيقات قانونية لسنا طرفاً فيها، وفي شهر يونيو/حزيران المقبل سنربط شبكة الكهرباء مع العراق.
نحن نعول على الإطار العربي، لدينا علاقات تاريخية مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي كافة وهنالك مؤشرات جيدة بأن الأشقاء يدرسون هذه المشاريع.
من هذه المشاريع مدينة جديدة.. ما الغاية وما مصادر التمويل لها؟
الحكومة ستنفق على إنشاء هذه المدينة 442 مليون دينار اعتبارا من 2025 بواقع 50 مليون دينار سنويا، هذه المبالغ ستنفق على البنية التحتية يضاف لها رأسمال آخر وهو الأرض، وستكون المرحلة الأولى التي تنتهي في 2033 ستكون فرصا استثمارية للقطاع الخاص المحلي والخارجي، حيث من المقرر أن يبلغ عدد سكان المرحلة الأولى نحو 157 ألف شخص.
ستتضمن المدينة أسواق مساكن لأصحاب الدخول المتفاوتة بأسعار مقبولة، إلى جانب حدائق ونقلا الوزارات والدوائر الحكومية ما عدا السيادية منها مثل رئاسة الوزراء والبرلمان على سبيل المثال، الحاجة لهذه المدينة تأتي بعد أن أصبحت مدينة عمان مدينة مكتظة توسعت بشكل كبير تضم في الذروة خمسة ملايين شخص.
الفكرة في بناء مدينة في البداية تستوعب الزيادة السكانية، مما يخفف الضغط على البنية التحتية في عمان في ظل الزيادة السكانية، ستكون هذه أول مدينة في الأردن تبنى على قاعدة التخطيط المسبق.
دعنا ننتقل إلى الشق السياسي.. أين يمضي الأردن في الإصلاح؟
أقررنا في الأردن تعديلات دستورية، وقانوني الانتخاب والأحزاب، وهذه روافع للتحديث السياسي، نحن الآن في مرحلة التطبيق العملي مطلوب منا كحكومة تهيئة بيئة سياسية تنجح هذا المشروع، مجلس النواب المقبل سيكون 30% من عدد أعضائه حزبيين، ولأول مرة سنطبق في قانون الانتخاب مسألة العتبة للقائمة الحزبية والمحلية.
آخر انتخابات نيابية كانت نسبة الاقتراع 29%، مع البيئة والتشريعات الجديدة نأمل أن تستطيع الأحزاب استقطاب الناس وحثهم على المشاركة لنصل لباقية المراحل في تشكيلة مجلس النواب حسب القانون بحيث يكون في الانتخابات التي تليها 50% من عدد أعضائه حزبيين ثم 65%. وهذه خطوة نحو الحكومات الحزبية.
لكن ليس هذا المشروع الإصلاحي الأول، فهناك مشاريع لم ترَ النور إلى جانب اعتقالات في صفوف ناشطين سياسيين.. كيف ستعاد الثقة لدى المواطن؟
هنالك توقيف للضرورة وبالقانون وإحالة للقضاء، ورأينا في الأحداث الأخيرة يتّم توقيفهم، ومن يُوقف يكون لسبب معين ويعرف مكان إيقافه.
أما حول الجدية في الإصلاح، المشروعات الإصلاحية الأردنية كانت بإرادة سياسية حقيقية لكن الأوضاع الإقليمية أحيانا تكون معطلة، اليوم نضع مشاريعنا الإصلاحية على الطاولة والمطلوب منا كلنا أن ننخرط بها، والضمان هو رأس الدولة جلالة الملك الذي كفل هذه الإصلاحات.
حجب الحكومة تطبيق التيك توك عقب الإضرابات الأخيرة، هل هو تقييد للحريات أم إن الأردن مستهدف؟
جميع وسائل التواصل الاجتماعي لا قيد عليها، وكنا روادا في تراخيص القنوات الفضائية، والأردنيون الأكثر كفاءة في استخدام التكنولوجيا، لكن بخصوص تطبيق التيك توك، تم استهدفنا بشكل مباشر خلال حسابات وهمية بتوقيت محدد، وأصدرت تيك توك أنها حذفت أكثر من 300 ألف مقطع فيديو في الأردن.
الآن يجري حوار فني قانوني مع تيك توك من خلال أطر قانونية في الدولة الأردنية لحسم مسائل أساسية أولها حذف المحتوى المضلل الذي استهدفنا بشكل واضح، هنالك مقاطع فيديو نشرت لم تكن في الأردن وبثّت على أنها داخل مدن أردنية.
بالنسبة للحريات الإعلامية في الأردن، هنالك تقارير اعتمدت على حالتيّ توقيف في المطار لصحفيين اثنين دون ذكر سبب التوقيف خصوصا في قضايا تنفيذ قضائي لا علاقة لها بقضايا إعلامية وحسبتها على الأردن وهذا نوع من التضليل.
في الملف الفلسطيني.. هل يرى الأردن هناك أفقا لعودة المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين في ظل جولات الملك الأخيرة؟
يوجد ثوابت أردنية بالنسبة للقضية الفلسطينية، هناك حكومة يمينية يقوم وزير فيها باقتحام المسجد الأقصى وهذا بالنسبة لنا أكثر من خط أحمر، صحيح أن لدينا معاهدة سلام مع إسرائيل لكننا نحكم على الأفعال وليس الأقوال.
اليوم القضية الفلسطينية على رأس جدول أعمال جلالة الملك أينما حل، الموقف الأردني واضح من الحل ودعم الشعب الفلسطيني وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران 1976 وعاصمتها القدس الشرقية، ولدينا إجماع دولي تقريباً على دعم الوصاية الهاشمية على المقدسات المسيحية والإسلامية.
نرى إجراءات على الأرض من الواضح أنها معيقة في موضوع السلام، الموقف الأردني داعم للأشقاء الفلسطينيين، والمملكة في مقدمة الجهود التي تدفع نحو عودة المفاوضات، لكن نحن لسنا اللاعب الوحيد فالبيئة الدولية تلعب دورا هنالك انصراف غربي نحو القضية الأوكرانية، ايضا هنالك ظروف متغيرة في العالم العربي.
لولا الوصاية الهاشمية على المقدسات لشهدنا فوضى دون حدود، عمر هذه الوصاية 100 سنة وتحظى بإجماع دولي، وتكفل هذه الوصاية حفظ الحقوق التاريخية وتحافظ على الهوية الإسلامية والمسيحية في القدس.
وفي ملف القضية الفلسطينية، بين الوزير أن جلالة الملك عبدالله الثاني أبلغ نتنياهو بشكل واضح عندما زار عمان، أن "الوصاية الهاشمية شيء لا يمكن المساومة فيه وضرورة احترام الوضع القائم وضرورة التهدئة كذلك"، والطريق الوحيد للسلام هو إقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهذه ثوابت لا يمكن للأردن التنازل عنها، كما حذر الملك من مغبة فقدان الأمل لدى الفلسطينيين من اقامة دولتهم حيث سيكون لذلك تبعات كبيرة وفوضى في كل مكان.
أخيراً.. كيف ينظر الأردن إلى العلاقة مع سوريا اقتصاديا وسياسياً؟
الأزمة السورية عمرها 12 سنة ونأمل أن تنتهي بأقرب وقت، موقفنا واضح منذ بداية هذه الأزمة وهو وحدة الأراضي السورية وهي مسألة استراتيجية ونحن مع ما يقرره الشعب السوري.
من جانب آخر لدينا حدود (370 كم) وهذه الحدود تكلفنا جهدا هائلا في الحفاظ عليها في مواجهة تهريب الأسلحة والمخدرات، كما اقتربت من حدودنا كل الفصائل من الجيش الحرّ وفصائل أخرى مثل داعش والنصرة وغيرها، تعاملنا مع هذا الموضع بكل حزم لحماية حدودنا.
كان لهذه الأزمة تداعيات ومازلت لدينا 1.300 مليون لاجئ سوري تقدم لهم الأردن الرعاية الصحية والتعليم وكافة الخدمات رغم الموارد المحدودة ومن بينها المياه على سبيل المثال، اليوم هنالك أطراف متعددة في الأزمة السورية مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، وايران، وإسرائيل، تركيا، نحن بالنسبة لنا أن تستقر الأوضاع في سوريا وتنتهي الأزمة ويقرر الشعب هناك مستقبله. المدتمع الدولي خذلنا في الاستجابة للأزمة السورية، فمساهمته السنوية لا تتعدّى الـ23% من احتياجات الرعاية لهم