قوات 'قَسَد' الكردية.. إذ تُشارِك في 'حصار' سوريا المنكوبة؟؟

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2023/02/09 الساعة 00:42
يواصل الغرب الأوروبي–الأميركي إدارة ظهره للنداءات والمناشدات, الداعية إلى «رفع» أو حتى «تعليق» العقوبات غير الشرعية المفروضة «أميركياً» على سوريا, (آخر تجلياته ما أعلنه وزير الخارجية/ بلينكن يوم أمس, بأن بلاده «تنسِّق مع منظمات أهلية أميركية لتقديم مساعدات لـ«الشعب السوري وليس إلى النظام»). سوريا المنكوبة بالآثار الكارثية للزلزال المدمر الذي ضرب مناطق واسعة من الأراضي السورية/ والتركية, على نحو عجِزت فيه الدولتان «كل على حِدة بالطبع» عن استيعاب آثاره وتوفير ما يمكن لمواجهتها، رغم الفوارق في الإمكانات والمو?رد المالية واللوجستية, خاصة بعد ما ألحقته بسوريا وشعبها الجماعات الإرهابية, الداخلية وخصوصاً الخارجية عابرة الحدود المدعومة من الغرب الإستعماري وبعض الدول الإقليمية, من خسائر بشرية وعمرانية واقتصادية ودمار في البنى التحتية. تكفّلت الولايات المتحدة بعد فشل مشروعها إسقاط الدولة السورية وتقسيمها, بمواصلة مساعيها الخبيثة هذه عبر فرض عقوبات قاسية وغير مسبوقة عبر ما سُميّ «قانون قيصر», الذي تُشارك في تطبيقه دول الإتحاد الأوروبي وبعض الدول الإقليمية ومنها عربية.
وإذ لم تكتفِ واشنطن برفضها رفع العقوبات أو أقله تعليقها إفساحاً في المجال لوصول المساعدات اللوجستية الخاصة بعمليات البحث والإنقاذ، إضافة إلى تلك الطبية والغذائية يشاركها في ذلك رفض أوروبي استعلائي عنصري، فإنّ ما يلفت الانتباه في «بازار» خضوع أو مشاركة بعض الدول الإقليمية والدولية, للأوامر الأميركية بـ«تشديد» العقوبات والحصار على سوريا، هو موقف قوات سوريا الديمقراطية/قسَد (الكردية)، المُعلن والمتناغم مع الأوامر الأميركية, بعدم تقديم أي مساعدات أو المشاركة في عمليات البحث والإنقاذ لمواطني المحافظات والأرياف ?لسورية التي تضرّرت جراء زلزال السادس من شباط, والمجاورة للمناطق التي تسيطر عليها «قسد», حيث تتوفّر الأخيرة على إمكانات وموارد وقدرات لوجستية مُعتبرة. علماً أنّ المناطق التي تسيطر عليها «قسد» في مناطق ما يسمى «الإدارة الذاتية» لم تتضرّر كثيراً, بل يمكن القول–دون الاستهانة بأي ضرر لحق–أنها طفيفة, إن لجهة عدد الضحايا أم المصابين أم المباني على ما قالت تقارير صحيفة كردية/سورية..
زِد على ذلك أنّ هناك مَعبراً بين الحدود السورية - العراقية، يربط المناطق التي تسيطر عليها «قسد» مع إقليم كردستان العراق يسمى معبر «سيمالكا", ما تزال قسد تغلقه أمام أي مساعدات يمكن أن تأتي من شمال العراق، علماً أنّه معبر «غير شرعي»، تستخدمه أيضاً قوات الاحتلال الأميركي في عبورها من سوريا إلى العراق وبالعكس, مُحملة صهاريجها بالنفط السوري المسروق أو لتبديل قواتها أو تعزيزها, انطلاقاً من قواعدها العسكرية المعروفة في إقليم كردستان. كذلك القواعد التي أقامتها في شمال شرقي سوريا بالقرب من حقول النفط السوري الواقعة?تحت سيطرتها.
ثمة في قوات «قسد» ومجلسها السياسي/ مسَد و«إدارتها الذاتية", مَن سيخرج على السوريين والعالم نافياً أخباراً ومعلومات كهذه، زاعماً أنّهم أصدروا بيانات ومناشدات للمنظمات الدولية والجهات الإنسانية بفتح الطرقات وإرسال المساعدات للمتضررين في شمال شرق سوريا, وغيرها من المزاعم التي لم تزد في أفضل الأحوال عن تلك التي تنطلق من دول ومنظمات «إنسانية» ودولية تتحدث عن «صعوبات» وشُح مالي، فضلاً عن أنّ هؤلاء لم يقوموا هم أنفسهم بأي خطوة عملية للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ, أو تقديم آليات ومعدات للإدارات الحكومية السوري? في المناطق المنكوبة، بل حتى إن «الهلال الأحمر الكردي» اكتفى بإصدار بيان دعا فيه تقديم مساعدات للمتضررين, كان لافتاً الى أنه اقتصر على ذكر أسماء مناطق وأحياء تُسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية/قسَد.
فكيف يمكن والحال هذه أن تكون تداعيات مواقف سلبية (حتى لا نقول وصفاً آخر) كهذه، تفوح منها رائحة الخضوع للأوامر الأميركية, وإدارة الظهر لأبناء شعبهم الذي يزعمون أنهم لا يرومون انفصالاً عن الدولة السورية, وأنّهم «جادون» في إيجاد قواسم مشتركة مع الحكومة السورية، فيما هم يقفون موقف اللامبالاة بل المتواطؤ مع المحتل الأميركي إزاء نكبة لحقت بسوريا وشعبها؟.
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2023/02/09 الساعة 00:42