مذابح المُخيّمات: 'عقبة جبر' بعد 'جنين'.. 'مُخرجات' جولة بلينكن؟
«42» شهيداً بينهم 8 أطفال وسيدة مُسِنَّة، 21 منهم من مدينة جنين ومخيمها, هي حصيلة الشهداء الفلسطينيين الذين ارتقوّا منذ بداية العام الجاري أي خلال «38» يوماً. ما يعني شهيداً كل يوم، فيما عدّاد الفاشية الصهيونية وذراعها الإرهابية الموصوفة/جيش الدفاع, ما تزال تُواصل مسلسل المذابح الذي لم يتوقف منذ عشرينيات القرن الماضي حتى الآن، قبل أن تُزرع في أرض فلسطين دولة الصهاينة وخصوصاً بعدها, على نحو لم تسلم منه الدول والشعوب العربية المُجاورة لفلسطين التاريخية بل أبعد منها بكثير, كما في تونس والسودان والعراق واليمن ?وما خفي» أعظم من ذلك بكثير. وهو آخذ بالإنكشاف بعد رفع السرية عن الأرشيف الصهيوني العنصري الاستعماري الاستيطاني.
آخر «إنجازات» آلة القتل الصهيونية هي مذبحة فجر يوم أمس في مخيم عقبة جبر, حيث ارتقى «7» شهداء, زعم ناطق جيش العدو الذي حاصر مدينة أريحا (بما فيها المخيم) منذ عدة أيام وقام بحملة اعتقالات واسعة. إن اقتحامه المخيم أسفر عن سقوط «قتلى فلسطينيين»، لم تلبث وسائل إعلام العدو عن ذكر عددهم (7 شهداء), فيما أكدت مصادر سلطة الحكم الذاتي في رام الله أن جيش الاحتلال منع الطواقم الطبية من تقديم الاسعافات الأولية أو نقل الجرحى إلى المشافي.. مُبرِّراً ذلك (العدو) أن مُسلّحيْن فلسطينِييْن (اثنان) قاما يوم 28 كانون الثاني الم?ضي, بإطلاق النار على مطعم للمستوطنين في مستوطنة «يريحو» المقامة على أراضي مدينة أريحا.
هذا يحيلنا إلى الجولة «الثلاثية» الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي/بلينكن للمنطقة, والتي «حظيت» بسيل لا ينتهي من التصريحات والوعود المحمولة على «ضغوط» كشفتها وسائل الإعلام الصهيونية’ مُورست خصوصاً على السلطة الفلسطينية بقصد «خفض التصعيد والتهدئة» بين الفلسطينيين والإسرائيليين, في الوقت ذاته الذي لم ينسَ فيه رئيس الدبلوماسية الأميركية «التذكير", بأن بلاده «تدعم"حل الدولتين لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود. ولم يقل لنا المستر بلينكن ماهية هذا «الدعم»، وما إذا لدى ادارته خريطة طريق أو آلية أو جدول زمن? لتطبيقه, في وقت يقول فيه نتنياهو إن كل ما هو معروض على الفلسطينيين (بعد أن يتم توقيع معاهدات سلام من أجل السلام.. السلام من خلال القوة") هو «حكم ذاتي» (إقرأ كانتونات بلدية ليس إلاّ).
وإذ قيل أن السيد بلينكن تُركَ طاقماً أميركياً «مُتخصصاً» في القدس, لمتابعة ما أسفرت عنه مباحثاته مع السلطة الفسلطينية وحكومة نتنياهو، وهو ما يزال مجهولاً رغم التسريبات الإعلامية الصهيونية وبعض الفلسطينية, حول «خطة تهدئة» بين الطرفين (..) دون أي ضمانات مكتوبة أو ملموسة من قبل «الراعي» الأميركي, ناهيك عن غياب أي أفق سياسي في المسعى الأميركي الأخير كما سابقاته، فإن مذبحة مخيم عقبة جبر تكشف بوضوح فشل جولة بلينكن وانعدام قدرته, ناهيك عن «عدم رغبته» في واقع الحال، إلزام حكومة الفاشيين في تل أبيب بأي اتفاق/ضغوط ي?لبون من سلطة رام الله التزامها, والعمل على «ضبط» الوضع الأمني «الفلسطيني بالطبع» وعودة التنسيق الأمني مع إسرائيل (بإفتراض أنه عُلِّق أصلاً).
قيل في تسريبات فلسطينية أن «السلطة» طلبت (من بلينكن) ضمانات على «تراجع إسرائيل عن اقتحامات مناطق A (وفق تصنيفات أوسلو) ووقف التصعيد والاغتيالات اليومية، وتجميد الاستيطان ولجم اعتداءات المستوطنين»، وكان ردّ –وِفق التسريبات الفلسطينية اياها – جميع المسؤولين الأميركيين سواء الذين حضروا اجتماع رام الله الأخير أم الذين سبقوه، هو «أننا لا نستطيع أن نُعطي ضمانات بأن إسرائيل ستلتزم مئة بالمئة، لكنهم – اضافوا – يُمكن أن تلتزم بنسبة ما».
مذبحة مخيم عقبة جبر أكدت المؤكد إسرائيلياً, خصوصاً نسبة الـ"ما» التي تكهّن الأميركيون (المُدافعون عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وعن الشراكة الاستراتيجية والقِيم التي يتشاركونها) أن إسرائيل «يمكن أن تلتزمه، هي صفر في المئة. وبالتالي مطلوب من الفلسطينيين/أميركياً وإسرائيليا» الـ"تكيّف» مع هذا المشهد الدموي المصحوب بعاصفة من الإستيطان والمذابح. لأن إدارة بايدن «المُتمسِّكة» بحل الدولتين ورفض أي إجراءات تُصعّب تطبيقه، «مشغولة» بملفات أكثر أهمية وخطورة في أوكرانيا، كما في تايوان, وخصوصاً تداعيات «نجاحها» في ?سقاط المنطاد الصيني المُخصص للأغراض المناخية. وما على الفلسطينيين دول وشعوب المنطقة انتظار السيد المسيح عليه السلام «صاحب المعجزات", لحل الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، ولا شيء آخر غير الانتظار. وكل مذبحة وأنتم بخير.
kharroub@jpf.com.jo