جزراوي تكتب: (بنات عبدالرّحمن).. حكاية من الواقع
فيلم أردني يحكي تناقُضاتنا ،وصراعتنا المُجتمعيّة
فلا يُمكِن المرور على فيلم على هذا المُستوى من الإحتِراف، والإبداع، والإتقان دون الكتابة عنه. بنات عبدالرّحمن فيلم أردني يُجسّد نماذِج مُجتمعيّة نعرفها، ونعيشها يوميّا ونتعامل معها ، نماذِج تُعايِش حالة من الصّراع بين الرّغبة والكبت، بين التديّن والتحّرر، بين القداسة والخطيئة . يُجسّد الفيلم أربعة نماذِج مختلفة لنساء أردنيّات نشأن في نفس البيت ، ونفس البيئة لكنهنّ اختلفن في الشخصيّة ،والسلوك ، فالأولى مُنقّبة مسلوبة الإرادة أمام سُلطة زوج مُتخلّف يُعنّفها، ويسعى لتزويج ابنتها ذات ال 15 عامًا ،تعتاش من تحضير وجبات طعام وبيعها ، و تُدخّن في السرّ حتى لا تكسِر الصورة النمطيّة للمرأة المُتديّنة والمُلتزِمة، و الثانيّة نموذج المرأة المُتمرّدة على بيئتها المُحافظة ، وتُعبّر عن تمرّدها بشكلها ولباسها ،وسلوكها الجريء فتُدخّن علنًا ، وتشرب الكحول ، وتُلاحِق زوج خائِن ، الثالثة الصبيّة المودِرن التي ترتدي البيكيني ، و تُحبّ، وتعيش المُساكنة مع حبيبها فيُقاطعها والدها ويطردها ، والنموذج الرابع لإمرأة مُضحيّة ترفُض الزّواج ، وتُكرّس حياتها لخِدمة والدها المُسنّ ،ورعايته، خيّاطة تلعب دور حافِظة أسرار الحيّ ،والصندوق الأسود لنميمة الجيران وقصصهم.
نماذِج واقعيّة جدّا ، ومنطقيّة جدّا، ومُقنِعة جدّا جسّدتها بطلات العمل المُبدِعات فرح بسيسو، صبا مبارك، حنان الحلو، و مريم باشا . يتناول الفيلم ببراعة عالية، ودقّة مُتناهية البيئات المُحافظة في أحدى حارات منطقة الأشرفية في عمّان، ويُسلّط الضوء على ظاهرة النميمة، والكذِب، التلصص على الآخرين في بعض الحارات والبيئات الشعبيّة؛ ففي النهار خِطاب يضجّ بالقيم والأخلاق والمبادىْ، وفي الليل سلوكات منافية للأخلاق تكشِفه الخيّاطة على الملأ، في ساعة صراحة وكسر لحاجز الصّمت.
فيلم مُميّز، مُمتِع، وصادِق.، فيلم بنات عبدالرحمن تُحفة سينيمائيّة ، وعمل أردني يستحقّ الفخر.