لوبي أردني في واشنطن
في آخر جولته السياسية التقى جلالة الملك عبدالله الثاني يوم الخميس بالرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض، وهذه المرة الأولى التي يزور الملك واشنطن في أول شهر من العام الجديد، وتأتي زيارة الملك هناك بعد أكثر من إسبوع على الزيارة الخاطفة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي جاء مهرولاً الى عمان للقاء الملك في أول خروج له عقب توليه منصب الرئاسة مجددا، قاطعا فكرة زيارة خارجية كان قد هم بها، ولكن نتنياهو بناءً على عقليته المعروفة وخبرته الطويلة يدرك أن أي حل للصراع الدموي ضد الفلسطينيين، وأي خلاص له لا يعني له شيئا إن لم تكن عمان هي وجهته الأولى، وقد سمع كلاماً جافاً من الملك رغم ما أشيع في الصحافة الإسرائيلية.
في لقائه مع الرئيس بايدن وحسب المعطيات الإخبارية شرح الملك لبايدن تصورات مستقبل الصراع الذي سيطول ويتفاقم في ظل ضم اثنين من المتطرفين في حكومة نتنياهو، ودافع الملك عن الفلسطينيين وضرورة السماح بولادة دولة فلسطينية حقيقية،وشدد على خارطة طريق جديدة للتعامل مع الحكومة الجديدة في تل أبيب، في ظل وجود أعضاء أساسيين في حكومة نتنياهو غارقون حتى آذانهم في كراهية مقيتة ضد الفلسطينيين أكانوا مسلمين أو مسيحيين، فرغم التعهدات التي قطعها نتنياهو للملك في زيارته الخاطفة لعمان، لم يأخذ بن غفير أي احترام لتعهدات رئيسه وفعل ما فعل في الحرم القدسي، وهذا يثبت أن نتنياهو لن يستطيع السيطرة على حكومة يتحكم بها طغاة سياسيون ما يهدد استمرارها في الحكم.
وقبيل زيارته للبيت الأبيض، اجتمع الملك مع رئيس مجلس النواب الأمريكي جون مكارثي، الذي وصل الى منصبه أخيرا عبر «لوبيّ» مدعوم من صديق قديم هو جيف ميلر، أحد أبرز أعضاء جماعات الضغط لصالح الجمهوريين في واشنطن معتمدا على شركات كبرى،حسبما أوردت «نيويورك تايمز»، وفي وقت سابق ذكرت صحيفة جيروسالم أن نتنياهو يحاول التحول الى لوبي خاص لأحد الزعماء العرب، ومن المعروف أن المملكة العربية السعودية كانت تمتاز بعلاقات جيدة مع واشنطن من خلال سفيرها العتيق الأمير بندر بن سلطان، معتمدا على لوبي سياسي يحكم إطار العلاقة مع الرياض ضمن تفاهمات تدعمها قوى الضغط في واشنطن.
نفهم أن الملك لا يحتاج الى لوبي، فهو يخترق تحت الضوء جميع المستويات السياسية في واشنطن بسهولة، ويجمع حوله العديد من المنظمات التي يديرها منظروا السياسة على أعلى المستويات، ويناقش قضايا المنطقة وشؤون البلاد والقضية الفلسطينية وسبل دعم إحلال السلام في أرض السلام الذي تعتدي وتخترق حرماته مجموعات من المتطرفين ضد الشعب الفلسطيني، وفي ميزان العلاقة ما بين تل أبيب وواشنطن قد ترجح الكفة لصالح الملك، رغم اتكاء نتنياهو على جماعات الضغط أيضا وطيف واسع من أعضاء الحزبين في أمريكا وفي الكونغرس، و أحياناً لا يحتاج لذلك فهناك أعضاء منحازون جداً لدعم إسرائيل حتى لو قتلت نصف الشعب الفلسطيني، وليس أوضح من طرد مكارثي نفسه للنائب آلهان عمر لأنها انتقدت ما تقوم به إسرائيل.
هنا تظهر الحاجة الى تشبيك جيد لخلق لوبي أردني متخصص في شتى الشؤون السياسية وغيرها، في محاولة لدعم وجهة النظر الأردنية تجاة القضايا العالقة على رصيف متجمد، ليست قضية الأماكن المقدسة في القدس والوصاية عليها فحسب، بل لدعم حاجات الأردن الضرورية في ظل الظروف الاقتصادية الحرجة، والسماح بكسر القوانين المانعة للمبادلات التجارية مع الجيران، وهذا لا يأتي إلا في كسب تأييد أعضاء مجلسي الكونغرس وجماعات الضغط والمؤثرين على السياسة الخارجية هناك، فنحن أحوج ما نكون لمرحلة نستعيد بها الريادة في اللعب السياسي والمشاركة بإدارة ملفات المنطقة التي نتأثر بها من خلال وجهة النظر الأردنية، ليس أخرها دولة فلسطينية ناجزة، فالواضح أن الإسرائيليين ليسوا مستعدين لقيامها.
Royal430@hotmail.com