ماذا تعني الحياة الحزبية؟..
مدار الساعة ـ نشر في 2023/02/01 الساعة 12:23
ماذا تعني الحياة الحزبية؟..
أنا فهمت معنى الحياة الحزبية من خلال قصيدة كنا نتداولها ونحن في المدرسة.. واسمها (البراءة), كتبها الشاعر العراقي الراحل مظفر النواب, في الفترة التي شهدت صراعا بين الشيوعيين والبعثيين على السلطة في العراق... (البراءة) هي مجرد ورقة, يوقع عليها المعتقل وتتضمن أن يتبرأ من معتقداته وأفكاره ومن الحزب الذي ينتمي إليه.. وتنشر في الجريدة الرسمية, ومن يوقعها ينجو من العقاب والزنزانة وربما الموت...
الحياة الحزبية, كنا نفهمها جيدا أيضا حين نقرأ كتاب يعقوب زيادين البدايات, ونقرأ تفاصيل الاعتقال في سجن الجفر, وكيف حين لدغت أفعى أحد الضباط قام يعقوب زيادين بمعالجته فورا ومنحه الترياق المضاد للسم.
الحياة الحزبية أيضا.. بالنسبة لنا كانت تعني أن تقرأ عن حياة (دلال المغربي) بنت المخيم, والتي نفذت عملية (دير ياسين) وقادت مجموعة من المقاتلين إلى الداخل الفلسطيني... قبلها كان ا(يهود باراك) قد قاد مجموعة من الكوماندز الصهيوني لاغتيال بعض أهم القادة في الثورة الفلسطينية, متخفيا بزي امرأة..ويومها قال أبو جهاد ردا على العملية: (نحن الفلسطينيون لا نتخفى بزي النساء بل سنرسل أمرأة فلسطينية) وفعلا أرسلت دلال.. التي استشهدت في العملية, ولكنها بالمقابل هزمت (باراك)... وأكدت تطابق التصريحات مع الواقع.
الحياة الحزبية.. افهمها من رسائل (الدو مورو).. المفكر الإيطالي, صاحب مشروع (التسوية التاريخية)واستاذ القانون, والذي اختطف من قبل الألوية الحمراء... ثم تركت جثته أياما في شارع (جيوفاني)... مخبأة بصندوق سيارة صغيرة, (الدو مورو) الذي ختم حياته ونضاله وكفاحه من أجل دمل صراعات المجتمع الإيطالي وانتاج حياة سياسية خالية من الدم.. كانت اخر جملة رددها في رسائله التي بعثهما من مكان اختطافه: (كل شيء باطل إذا لم يشأ المرء أن يفتح الباب)...
الحياة الحزبية.. تعني المبادئ والقيم والأفكار والمعتقدات, تعني النضال والكفاح.. تعني الوطن والحياة والناس... ولكني اعتقد أن المصطلح قد يستعمل في غير محله,خاصة في ظل حياة العلاقات العامة والولائم... التي يتم فيها مناقشة مناسيب الكوليسترول, وطعم الكنافة.. وفوائد القهوة السادة.. وسلبيات زواج الثانية, وايجابيات دراسة الأولاد في جامعات الغرب.. والفوارق بين مناسف الجميد باللحم البلدي أو الروماني...
من لم يقرأ يعقوب زيادين البدايات.. من لم يعرف شبلي العيسمي وميشيل عفلق وعبدالخالق السامرائي, من لم يقرأ عن نهايات سلام عادل وادم حاتم.. من لم يعرف نضال جورج حبش.. ولم يفهم خطورة عقل كريم بقردوني, ولم يستمتع في قراءة (خريف الغضب) لمحمد حسنين هيكل أكثر من مرة.. من لم يمر على جورج طرابيشي ومحمد عابد الجابري, ولم يفهم نظرية الجهل المؤسس لمحمد أركون... من لم يعرف تفاصيل من حياة عبدالله عزام... والمشروع الناصري في مصر, وتجربة الإنهيار في اليسار العربي... من لم يعرف كل ذلك كيف سيعرف معنى الحياة الحزبية...؟
مشكلتنا في الأردن أننا نصف الواقع بمصطلحات, تظلم الواقع.. وتظلمنا معها.
Abdelhadi18@yahoo.com
أنا فهمت معنى الحياة الحزبية من خلال قصيدة كنا نتداولها ونحن في المدرسة.. واسمها (البراءة), كتبها الشاعر العراقي الراحل مظفر النواب, في الفترة التي شهدت صراعا بين الشيوعيين والبعثيين على السلطة في العراق... (البراءة) هي مجرد ورقة, يوقع عليها المعتقل وتتضمن أن يتبرأ من معتقداته وأفكاره ومن الحزب الذي ينتمي إليه.. وتنشر في الجريدة الرسمية, ومن يوقعها ينجو من العقاب والزنزانة وربما الموت...
الحياة الحزبية, كنا نفهمها جيدا أيضا حين نقرأ كتاب يعقوب زيادين البدايات, ونقرأ تفاصيل الاعتقال في سجن الجفر, وكيف حين لدغت أفعى أحد الضباط قام يعقوب زيادين بمعالجته فورا ومنحه الترياق المضاد للسم.
الحياة الحزبية أيضا.. بالنسبة لنا كانت تعني أن تقرأ عن حياة (دلال المغربي) بنت المخيم, والتي نفذت عملية (دير ياسين) وقادت مجموعة من المقاتلين إلى الداخل الفلسطيني... قبلها كان ا(يهود باراك) قد قاد مجموعة من الكوماندز الصهيوني لاغتيال بعض أهم القادة في الثورة الفلسطينية, متخفيا بزي امرأة..ويومها قال أبو جهاد ردا على العملية: (نحن الفلسطينيون لا نتخفى بزي النساء بل سنرسل أمرأة فلسطينية) وفعلا أرسلت دلال.. التي استشهدت في العملية, ولكنها بالمقابل هزمت (باراك)... وأكدت تطابق التصريحات مع الواقع.
الحياة الحزبية.. افهمها من رسائل (الدو مورو).. المفكر الإيطالي, صاحب مشروع (التسوية التاريخية)واستاذ القانون, والذي اختطف من قبل الألوية الحمراء... ثم تركت جثته أياما في شارع (جيوفاني)... مخبأة بصندوق سيارة صغيرة, (الدو مورو) الذي ختم حياته ونضاله وكفاحه من أجل دمل صراعات المجتمع الإيطالي وانتاج حياة سياسية خالية من الدم.. كانت اخر جملة رددها في رسائله التي بعثهما من مكان اختطافه: (كل شيء باطل إذا لم يشأ المرء أن يفتح الباب)...
الحياة الحزبية.. تعني المبادئ والقيم والأفكار والمعتقدات, تعني النضال والكفاح.. تعني الوطن والحياة والناس... ولكني اعتقد أن المصطلح قد يستعمل في غير محله,خاصة في ظل حياة العلاقات العامة والولائم... التي يتم فيها مناقشة مناسيب الكوليسترول, وطعم الكنافة.. وفوائد القهوة السادة.. وسلبيات زواج الثانية, وايجابيات دراسة الأولاد في جامعات الغرب.. والفوارق بين مناسف الجميد باللحم البلدي أو الروماني...
من لم يقرأ يعقوب زيادين البدايات.. من لم يعرف شبلي العيسمي وميشيل عفلق وعبدالخالق السامرائي, من لم يقرأ عن نهايات سلام عادل وادم حاتم.. من لم يعرف نضال جورج حبش.. ولم يفهم خطورة عقل كريم بقردوني, ولم يستمتع في قراءة (خريف الغضب) لمحمد حسنين هيكل أكثر من مرة.. من لم يمر على جورج طرابيشي ومحمد عابد الجابري, ولم يفهم نظرية الجهل المؤسس لمحمد أركون... من لم يعرف تفاصيل من حياة عبدالله عزام... والمشروع الناصري في مصر, وتجربة الإنهيار في اليسار العربي... من لم يعرف كل ذلك كيف سيعرف معنى الحياة الحزبية...؟
مشكلتنا في الأردن أننا نصف الواقع بمصطلحات, تظلم الواقع.. وتظلمنا معها.
Abdelhadi18@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2023/02/01 الساعة 12:23