الذكرى الأولى للتعديلات الدستورية 2022
مدار الساعة ـ نشر في 2023/01/31 الساعة 00:42
يصادف اليوم الذكرى السنوية الأولى لإقرار التعديلات الدستورية الأخيرة لعام 2022 ونشرها في الجريدة الرسمية، وذلك تمهيدا لنفاذها وبدء العمل بها. وقد جاءت هذه التعديلات مختلفة عن سابقاتها من حيث أنها كانت ثمرة حوار وطني ضّم جميع فئات الشعب بأطيافه السياسية والحزبية والأكاديمية والشبابية الأعضاء في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
فقد قدمت هذه اللجنة جملة من المقترحات لتعديل الدستور، التي تبنتها الحكومة كما هي وأرسلتها إلى مجلس الأمة، بعد أن أضافت إليها عددا من النصوص الدستورية المستحدثة، والتي كانت خارج إطار عمل اللجنة الذي حدده لها جلالة الملك في رسالته إلى رئيسها سمير الرفاعي.
بدوره، قام مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب بالموافقة على معظم التعديلات الدستورية المقترحة باستثناء ما أوصت به اللجنة الملكية بتقييد نطاق الحصانة النيابية أثناء اجتماعات المجلس وقصرها على التوقيف فقط دون المحاكمة، وعدم إبرام النائب أو العين لأية عقود أثناء فترة تواجده في السلطة التشريعية، حيث أجمع المجلسان على رفض هذين المقترحين.
وكقراءة تقييمية للتعديلات الدستورية الأخيرة بعد مرور سنة من الموافقة عليها، نجد أن معظم الأحكام الدستورية الجديدة والمعدلة قد جرى تطبيقها خلال الأشهر الماضية، وانعكس أثرها على المستويين التشريعي والسياسي.
فأولى المواد الدستورية المضافة التي أثرت إيجابا على التشريعات الوطنية الصادرة تلك النصوص المتعلقة بتمكين المرأة والشباب في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي جرى إضافتها إلى المادة (6) من الدستور. فقد انعكست هذه الأحكام الدستورية على قانوني الانتخاب والأحزاب السياسية الجديدين بأوجه مختلفة، أهمها إلزامية تمثيل المرأة والشباب في مراكز متقدمة في القائمة الحزبية الوطنية، وضرورة تواجدهم بنسبة (20%) من الأعضاء المؤسسين في المؤتمر التأسيسي العام للحزب.
كما ظهر جليا مبدأ تمكين الشباب على الصعيد السياسي في نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية الطلابية في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، الذي سمح لأول مرة لطلبة الجامعات من الحزبيين بعقد أنشطة وفعاليات لها طابع حزبي تحت إشراف ورقابة الإدارات الجامعية.
ومن التعديلات الدستورية الإيجابية التي أحدثت فارقا على الصعيد السياسي، نقل الاختصاص في الموافقة على إنشاء الأحزاب السياسية ومتابعة شؤونها من اللجنة الحكومية في وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية إلى الهيئة المستقلة للانتخاب، حيث باشرت الهيئة أعمالها في النظر في طلبات تأسيس أحزاب جديدة ودمج الأحزاب القائمة بشكل عكس ثقة السياسيين والحزبيين بهذا التغيير الدستوري.
ومع ذلك، تبقى المسؤولية كبيرة على الأطراف المعنية من أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني وإدارات حكومية بإنجاح هذا التعديل، وذلك من خلال بلورة ثقافة مجتمعية وطنية بأهمية العمل الحزبي، وبأنه هو الأساس الذي سيتم من خلاله تشكيل المجالس النيابية القادمة.
كما تم خلال العام الماضي تطبيق النص الدستوري المعدل الذي خفّض مدة رئاسة مجلس النواب من سنتين شمسيتين إلى سنة واحدة فقط. كما جرى تسليط الضوء على الحكم الدستوري المستحدث المتعلق باستقالة النائب، والتي أصبح لها أثر فوري مباشر بمجرد تقديمها إلى رئيس المجلس دون الحاجة إلى موافقة الأعضاء عليها، وإن لم يتم تطبيق هذا النص على أرض الواقع.
وعلى صعيد الدور الرقابي لمجلس النواب، فقد تم الاستناد إلى أحكام المادة (53/1) المعدلة من الدستور والمتعلقة بالأغلبية المطلوبة لتقديم مذكرة طرح الثقة بالحكومة، والتي جرى تغييرها من عشرة أعضاء إلى ربع عدد أعضاء مجلس النواب، وذلك في المذكرة الخطية لطرح الثقة بالحكومة إثر الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة معان، والتي فاق عدد الموقعين عليها الربع القانوني المطلوب.
كما جرى تفعيل المادة (112) المعدلة من الدستور التي تتعلق بدمج قانوني الموازنة وموازنات الوحدات الحكومية في قانون واحد، وذلك في مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2023. كما بدأ العمل بنص المادة (119) المعدلة من الدستور التي أضافت حكما جديدا يلزم مجلسا الأعيان والنواب بمناقشة تقرير ديوان المحاسبة خلال الدورة التي يقدم فيها أو الدورة العادية التي تليها على الأكثر. فقد جرى تسليم تقرير ديوان المحاسبة للعام 2021 إلى مجلسي الأمة مع بداية الدورة العادية الحالية، بالتالي أصبح لزاما على أعضاء السلطة التشريعية مناقشته?وإقراره في الدورة القائمة أو الدورة العادية القادمة كحد أقصى.
وخلال العام الماضي، صدرت إرادات ملكية سامية بالاستناد إلى نصوص دستورية معدلة، أهمها الإرادة الملكية السامية بإعادة تشكيل مجلس الأعيان بالاستناد إلى المادة (64) من الدستور، والإرادة الملكية السامية بتعيين أعضاء جدد في المحكمة الدستورية استنادا إلى المادة (61) من الدستور، والإرادة الملكية السامية المنفردة بتعيين مدير جديد الأمن العام عملا بأحكام المادة (40/2) من الدستور بحلتها المعدلة في عام 2022.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
فقد قدمت هذه اللجنة جملة من المقترحات لتعديل الدستور، التي تبنتها الحكومة كما هي وأرسلتها إلى مجلس الأمة، بعد أن أضافت إليها عددا من النصوص الدستورية المستحدثة، والتي كانت خارج إطار عمل اللجنة الذي حدده لها جلالة الملك في رسالته إلى رئيسها سمير الرفاعي.
بدوره، قام مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب بالموافقة على معظم التعديلات الدستورية المقترحة باستثناء ما أوصت به اللجنة الملكية بتقييد نطاق الحصانة النيابية أثناء اجتماعات المجلس وقصرها على التوقيف فقط دون المحاكمة، وعدم إبرام النائب أو العين لأية عقود أثناء فترة تواجده في السلطة التشريعية، حيث أجمع المجلسان على رفض هذين المقترحين.
وكقراءة تقييمية للتعديلات الدستورية الأخيرة بعد مرور سنة من الموافقة عليها، نجد أن معظم الأحكام الدستورية الجديدة والمعدلة قد جرى تطبيقها خلال الأشهر الماضية، وانعكس أثرها على المستويين التشريعي والسياسي.
فأولى المواد الدستورية المضافة التي أثرت إيجابا على التشريعات الوطنية الصادرة تلك النصوص المتعلقة بتمكين المرأة والشباب في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي جرى إضافتها إلى المادة (6) من الدستور. فقد انعكست هذه الأحكام الدستورية على قانوني الانتخاب والأحزاب السياسية الجديدين بأوجه مختلفة، أهمها إلزامية تمثيل المرأة والشباب في مراكز متقدمة في القائمة الحزبية الوطنية، وضرورة تواجدهم بنسبة (20%) من الأعضاء المؤسسين في المؤتمر التأسيسي العام للحزب.
كما ظهر جليا مبدأ تمكين الشباب على الصعيد السياسي في نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية الطلابية في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، الذي سمح لأول مرة لطلبة الجامعات من الحزبيين بعقد أنشطة وفعاليات لها طابع حزبي تحت إشراف ورقابة الإدارات الجامعية.
ومن التعديلات الدستورية الإيجابية التي أحدثت فارقا على الصعيد السياسي، نقل الاختصاص في الموافقة على إنشاء الأحزاب السياسية ومتابعة شؤونها من اللجنة الحكومية في وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية إلى الهيئة المستقلة للانتخاب، حيث باشرت الهيئة أعمالها في النظر في طلبات تأسيس أحزاب جديدة ودمج الأحزاب القائمة بشكل عكس ثقة السياسيين والحزبيين بهذا التغيير الدستوري.
ومع ذلك، تبقى المسؤولية كبيرة على الأطراف المعنية من أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني وإدارات حكومية بإنجاح هذا التعديل، وذلك من خلال بلورة ثقافة مجتمعية وطنية بأهمية العمل الحزبي، وبأنه هو الأساس الذي سيتم من خلاله تشكيل المجالس النيابية القادمة.
كما تم خلال العام الماضي تطبيق النص الدستوري المعدل الذي خفّض مدة رئاسة مجلس النواب من سنتين شمسيتين إلى سنة واحدة فقط. كما جرى تسليط الضوء على الحكم الدستوري المستحدث المتعلق باستقالة النائب، والتي أصبح لها أثر فوري مباشر بمجرد تقديمها إلى رئيس المجلس دون الحاجة إلى موافقة الأعضاء عليها، وإن لم يتم تطبيق هذا النص على أرض الواقع.
وعلى صعيد الدور الرقابي لمجلس النواب، فقد تم الاستناد إلى أحكام المادة (53/1) المعدلة من الدستور والمتعلقة بالأغلبية المطلوبة لتقديم مذكرة طرح الثقة بالحكومة، والتي جرى تغييرها من عشرة أعضاء إلى ربع عدد أعضاء مجلس النواب، وذلك في المذكرة الخطية لطرح الثقة بالحكومة إثر الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة معان، والتي فاق عدد الموقعين عليها الربع القانوني المطلوب.
كما جرى تفعيل المادة (112) المعدلة من الدستور التي تتعلق بدمج قانوني الموازنة وموازنات الوحدات الحكومية في قانون واحد، وذلك في مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2023. كما بدأ العمل بنص المادة (119) المعدلة من الدستور التي أضافت حكما جديدا يلزم مجلسا الأعيان والنواب بمناقشة تقرير ديوان المحاسبة خلال الدورة التي يقدم فيها أو الدورة العادية التي تليها على الأكثر. فقد جرى تسليم تقرير ديوان المحاسبة للعام 2021 إلى مجلسي الأمة مع بداية الدورة العادية الحالية، بالتالي أصبح لزاما على أعضاء السلطة التشريعية مناقشته?وإقراره في الدورة القائمة أو الدورة العادية القادمة كحد أقصى.
وخلال العام الماضي، صدرت إرادات ملكية سامية بالاستناد إلى نصوص دستورية معدلة، أهمها الإرادة الملكية السامية بإعادة تشكيل مجلس الأعيان بالاستناد إلى المادة (64) من الدستور، والإرادة الملكية السامية بتعيين أعضاء جدد في المحكمة الدستورية استنادا إلى المادة (61) من الدستور، والإرادة الملكية السامية المنفردة بتعيين مدير جديد الأمن العام عملا بأحكام المادة (40/2) من الدستور بحلتها المعدلة في عام 2022.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
مدار الساعة ـ نشر في 2023/01/31 الساعة 00:42