'المدين' و'العفو العام'.. نتائج كارثية
الاستمرار في المطالبة بتمديد امر الدفاع القاضي بعدم «حبس المدين» والاصرار والضغط على الحكومة لأصدار «عفو عام» تجعلنا امام تساؤلات مهمة تتطلب الاجابة عليها من قبل المطالبين والحكومة نفسها، ولعل ابرزها ماذا عن حقوق الدائنين ومن سيعوض الموازنة ما سيفوتها من اقرار العفو العام؟.
أن تطالب بشيء فهذا حقك وان تدافع عن مصالحك امر مشروع، غير ان الاستجابة لتلك المطالب قد تكون مستحيلة وخاصة ان حريتك وحقك ينتهيان عند انتهاك حرية وحقوق الاخرين وتحديدا الدائنين الذين لم يفرضوا على المدين الاستدانة بينما هو الان يعاني الامريين لتحصيل اموالة، لاستمرار المدين بالتحجج بحجج لم تعد مبررة كما كانت علية عن اصدرار امر الدفاع والعفو العام ولعل ابرزها عدم القدرة على السداد نتيجة التعطل عن العمل جراء الجائحة كورونا وضعف القدرة الاستيعابية للسجون بالاضافة الى الكثير من السلبيات الناتجة عن حبس المدين مثل تدمير البيوت وضياع الاسر وهذا كلة عالجه القانون المعدل لقانون التنفيذ والذي اقرته المملكة مؤخرا لتفادي كافة السلبيات والتخوفات التي كانت تحيط باليه التنفيذ القديمة.
اليوم هناك الآلاف من القضايا العالقة ما بين المدين والدائن وكذلك المؤجر والمستأجر و تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدنانير، بالاضافة الى وجود مئات الملايين ايضا عالقة لمخالفات ورسوم وغرامات وتهرب ضريبي ستهدر وتخسرها الخزينة في حال اصدار العفو العام، وتحديدا ان الموازنة تعاني الامرين للمحافظة على قدرتها على السداد والوفاء بالتزامتها واستطاعتها على الانفاق على المصاريف الحكومية والتي جلها رواتب وكذلك على المشاريع الرأس مالية والتي هدفها رفع نسب النمو وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني.
الحكومة اليوم في حيرة من امرها فهي من جهة تسعى الى ارضاء المطالبين بتمديد عدم حبس المدين والعفو العام من العامة والنواب ومن جهة اخرى هي لم تعد تحتمل اضاعة مئات الملايين التي ستهدر اذا ما اقرت العفو العام، وكما انها ستبقى تحت سهام الاتهام من قبل الدائنين والمتمثلة بانحيازها الى المدين وتسببها بهدر حقوقهم ونزع الثقة ما بين المتعاملين بالقطاع الخاص فلن تجد من يقرض احدا او يدينه بعد اليوم ما سيتسبب في اضعاف القطاع الخاص واضعاف الحركة التجارية فيه.
الابقاء على قرار عدم حبس المدين وعدم تفعيل قانون التنفيذ الجديد سيتسبب في خلق اجواء مشحونة ما بين طرفي المعادلة «الدائن والمدين» ويجعل من توجههم الى حل خلافتهم المالية وتحصيل اموالهم بعيدا عن عيون الدولة وقوانينها امر حتمي فمنهم من سيلجأ الى البلطجة كخيار والاخر لربما سيلجىى الى العنف، ما يجعل من دولة المؤسسات والقانون تتلاشى شيئا فشئا امام هذه التصرفات، وكذلك استسهال اصدار عفو عام وبشكل مستمر وكلما نودي به سيجعل من مخالفة القانون سلوكا ملازما للمخالفين في كسر هيبة القانون في كل مرة.