هل أوقع التغير المناخي موسميا الأردنيين بين فكي كماشة؟
منذ نحو ثلاثة عقود بدأنا في المملكة نشهد تأخر موسم الأمطار عن موعده، ليصبح ذيل أيلول ناشف غير مبلول، وكان آنذاك الحديث الدارج أن حرب الخليج الأولى قد أثرت على مناخ المنطقة، وكنا نقرأ القليل عن فعل التغير المناخي وظاهرة الإحترار بالتزامن مع ذلك.
عام ٢٠١٣ نشرت وزميلي الدكتور عاطف مشاقبة دراسة إحصائية عن سلوك التساقط المطري في محطات المملكة عن آخر عشرين عاما، لتصل الدراسة إلى أن خارطة المملكة المطرية الزمنية تتحدث عن أن المناطق الرطبة تصبح جافة والجافة تزداد جفافا، بينما كانت محطات تسجيل وقياس الأمطار الشهرية تري هبوطا واضحا وتناقصا في الكميات.
مؤخرا وفي موسم الأمطار ٢٠٢٢/٢٠٢٣ بدأنا نلمس تأخر الأمطار بشكل واضح، وقبلها بسنوات لمسنا إزاحة مطرية تجانب المساقط المائية للسدود فيقل رفدها، وبدأت الخارطة المطرية تري جفافا في الوسط والشمال وزيادة تساقط في شرق وجنوب المملكة، مع منخفضات ذات طبيعة غير معهودة زمنيا في أوقات معينة من الموسم المطري.
الحديث هذه الأيام ومباشرة بعد المربعانية عن قرب منخفض خماسيني الطباع، وهذا تقريبا يأتي باكرا جدا إن حدث خاصة وأننا على مشارف شهر شباط.
المعادلة تتحدث عن فكي كماشة زمنية موسمية تضغطنا؛ فيتأخر المطر عن موعده... بينما تعجل أحوال الخماسين قبل موعدها، لنتحدث بالمحصلة عن منطقة تزداد جفافا فوق جفافها، وعن موسم مطري ينكمش زمنيا ويقل كميا ويتغير بالتوزيع مكانيا.
التدابير الحكومية أمام واقع زيادة السكان وآثار موجات اللجوء والإجهاد المائي والمالي في المملكة لن تكون كافية، خاصة مع مخططات نمو تكشف عن مدينة جديدة وزيادة سياح ونشاط صناعي وعمراني وزراعي، وكلها بحاجة للمياه.
قد نصنع من ذلك فرصة تاريخية عند إقناع الدول الدائنة بواقعنا المائي وإنعكاس التغير المناخي العالمي علينا بجانب ضغوطات موجات اللجوء، ونستطيع تحويل الديون إستثمارات للدول الدائنة وبالشراكة وعلى أراضينا.
هذا وأن رحمة الله تعالى فوق كل شيء،،، فاللهم أسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.