هل 'تنحِية' نتنياهو.. باتت 'قريبة'؟
ليس غريباً طرح سؤال كهذا, أخذ يشقّ طريقه للنقاش في دولة العدو الصهيوني, خاصة في ظل الصراع المُحتدم بين الصهيونية «الدينية» وتلك الموصوفة بـِ«الصهيونية الليبرالية». صراع وجد بعض تجلّياته (المُتدحرِجة) في مُظاهرات السبت التي طافت شوارع وميادين تل أبيب ويافا والقدس.
وإذ كشفت صحيفة هآرتس الصهيونية/الليبرالية في عددها الصادر أمس/الاثنين, عن أنّ المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، ستبدأ هذا الأسبوع أو الذي يليه مشاورات مع مسؤولين في وزارة العدل والنيابة العامة, في حدوث «تناقض» مصالح بين السياسة التي يدفع بها رئيس الحكومة نتنياهو وبين جهاز القضاء.. ما قد يُوفّر أسباباً (وفق مصادر قضائية) يمكن أن يتم من خلالها «إلزام» نتنياهو بالتنحّي عن منصبه, عبر الإعلان عن عدم تمكّنه من القيام بمهامه (رغم تأكيد تلك المصادر القضائية بأنّ كل ما يجري الحديث عنه «لا يتعدّى مربع ال?شاوُر»).. فإنّ مُجرد التفكير بمقاربة كهذه، يدفع للإستنتاج بأنّ قطاعاً مهماً في القضاء الصهيوني المُعارض لنتنياهو والرّافض المساس بدوره كسلطة مستقلة, لا يحق للسياسيين التدخل فيها أو «استتباعها»، يعني أنّ الأزمة الراهنة بين ائتلاف اليمين الديني.. «الحريديم.. شاس, يهدوت هاتوراة", وثلاثي أحزاب الصهيونية الدينية» سموترتش، بن غفير وآفي ماعوز»، مُرشّحة للتفاقم، ليس فقط مع تواصل تداعيات إقالة رئيس حزب شاس/وزير الداخلية والصحة أرئيه درعي، بل خصوصاً في طبيعة وأهداف مشروعات القوانين «الإصلاحية» لجهاز القضاء, الذي ينو? وزير العدل في حكومة نتنياهو وأحد أقرب حلفائه/ياريف ليفين (رئيس الكنيست الأسبق)، ما سيُحوّل جهاز القضاء الصهيوني إلى سلطة تابعة للسلطة التنفيذية/الحكومة, ويحول دون «تدخّله» (بمعنى إلغاء أو الحُكم بعدم دستورية قرارات الكنيست)، الأمر الذي يُمهد لإلغاء أو تجميد التُهم الثلاث المُوجّهة رسمياً لنتنياهو وهي الرشوة، الاحتيال، وخيانة الأمانة.
لهذا كانت لافتة «المَرثية» التي تلاها نتنياهو قبل إعلانه «إقالة» درعي من منصبه كوزير للداخلية والصحة, وفقاً لحكم قرار محكمة العدل العليا وإعلان المستشارة القضائية للحكومة/غالي بهاراف ميارا, التي كتبت (هي الأخرى) لنتنياهو: أنّ «يجب أن يُعيّن وزراء آخرين مكانه».
نتنياهو خاطب درعي الذي يجلس إلى يمينه مباشرة على طاولة اجتماعات الحكومة: أنوي البحث في أي طريقة قانونية يُمكنك من خلالها الاستمرار في المساهمة لدولة إسرائيل, من خلال خبرتك ومهاراتك العديدة بما يتوافق مع إرادة الشعب».. مُضيفاً في نقد لاذع لمحكمة العدل العليا الصهيونية: «هذا القرار المؤسف يتجاهل (إرادة الشعب)، كما انعكست في الثقة التي أعطاها الجمهور لمُمثلي الشعب ومُنتَخبيه في حكومتي.. عندما كان واضحاً للجميع أنك ستخدِم كوزير مركزي في الحكومة»..
يبرز هنا إصرار نتنياهو ووزير العدل في حكومته كما ثلاثي أحزاب الصهيونية الدينية, على المضي قُدماً في مساعيهم «لجم» جهاز القضاء (الذي هو «عادِل» في «بعض» تجلّياته الخاصة بـ«اليهود» فقط, كما يجب التنويه والتأكيد) كما أسهمَ بدرجة أو أخرى في تجريم معظم ارتكابات وفساد النخبة السياسية والحزبية, ولم يستثنِ منها رئيس حكومة أو رئيس الكيان أو وزراء وشخصيات عامة حزبية أو إعلامية وغيرها.
عودة إلى احتمالات تنحية نتنياهو..
تستند المستشارة القضائية لحكومة العدو في هذا الشأن (كما أوردت صحيفة هآرتس), إلى أنّ اتفاق «الإمتناع عن تناقض المصالح الذي وقّعه نتنياهو قبل ثلاث سنوات, ما يزال سارياً وأنّه - وِفق المستشارة القضائية–يسري على كل ما يتعلّق بشؤونه القضائية».. علماً أن محاكمة نتنياهو في التُهم الثلاث المُوجّهة إليه رسمياً (الرشوة، الاحتيال وخيانة الأمانة) ما تزال متواصلة حتى الآن. وهو الأمر الذي يزيد من ضراوة الهجمة على الجهاز القضائي التي ينهض بها ائتلاف نتنياهو الحالي, عبر الشروع في سنّ قوانين «من خلال سيطرة الائتلاف على لجن? تعيين القضاة", بحيث سيكون بالإمكان «السيطرة على ترقية قضاة ينظرون في ملفات الاتهام ضد نتنياهو».
في انتظار ردود أفعال نتنياهو وكتل الائتلاف الحاكم, في شأن هذا احتمال النظر في «إمكانية تنحيته»، يمكن التوقّف عند ما جاء في تقرير القناة 12 الإسرائيلية, التي زعمت فيه أن مستشار الأمن القومي الأميركي/جاك سوليفان قال لنتنياهو: إنّ الجمهور الليبرالي الديمقراطي ونحن كإدارة، لا نُحبّ الإتّجاه الذي تَسلكه في ما يتعلق بالإصلاح القضائي» مضيفا/سوليفان: إذا كان هناك انتهاك لقيم الديمقراطية, فيصعب علينا تقديم دعم كامل وغير مشروط لإسرائيل».
ولكم أن تُصدّقوا إن كانت «كلمات» كهذه قيلتْ... أم أنّها محض هراء.
kharroub@jpf.com.jo