حقيقة النفقات الرأسمالية

سلامة الدرعاوي
مدار الساعة ـ نشر في 2023/01/18 الساعة 23:30
مرة أخرى نعود للحديث عن بند النفقات الرأسمالية في مشروع قانون موازنة 2023، والتي دائماً ما توصف بأنها العمود الفقري لدعم النمو الاقتصادي وتعزيز مفهوم التنمية الشاملة.
ورغم تضاعف حجم مخصصات النفقات العامة خلال السنوات العشرين الماضية إلا أن معدلات النمو لن تصل إلى النسب التي كانت عليها عندما كانت حجمها لنصف ما هي عليه الآن كأرقام مطلقة، فالسنوات الممتدة من (2003-2007) كانت معدلات النمو تدور حول بين الـ(3 %_7 %) رغم أن مخصصات النفقات الرأسمالية لا تتجاوز الـ700 مليون دينار.
ويبقى السؤال الذي يطرح بشكل دائم ولا يجد إجابات شافية هو حول ما هي حقيقة النفقات الرأسمالية في الموازنة، علماً أن أي مشروع رأسمالي يجب أن يحقق عوامل القيمة المضافة على الاقتصاد الوطني وأبرزها تشغيل أيد عاملة محلية والمساهمة في زيادة الصادرات الوطنية، والقدرة على جذب تكنولوجيا جديدة وجلب عملات صعبة لدعم الاحتياطات، فهل هذه الشروط مطبقة على بند النفقات الرأسمالية في الموازنة العامة.
بداية علينا أن نتبين مجموعة من الحقائق الواقعية والرقمية عن النفقات الرأسمالية في مشروع قانون موازنة 2023، وهي أنها قدرت بحوالي (1.592) مليار دينار، وتشكل 13.9 % من النفقات العامة، منها فقط مشاريع جديدة بقيمة 262.85 مليون دينار، ومشاريع مستمرة بقيمة 778.22 مليون دينار، وأخرى قيد التنفيذ بقيمة 550,83 مليون دينار.
النفقات الرأسمالية التي كما قلنا سابقاً تشكل حوالي 14 % من إجمالي النفقات العامة تتضمن 48 مشروعاً جديداً و45 مشروعا قيد التنفيذ و48 مشروعاً مستمراً.
من الملاحظ أن النفقات الرأسمالية نمت بنسبة 7 % على ما كانت عليه في عام 2022 لتصل إلى (1.591) مليار دينار.
مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2023 أشار إلى العمل على مراجعة المشاريع الرأسمالية، والتأكد من نقل أي مصاريف جارية منها، إلا أن 32.4 % من الموازنة الرأسمالية تذهب كنفقات استخدام السلع والرواتب (تشغيلية)، و 48.5 % تذهب للأصول غير المالية، ويدلل ذلك على أن قراءة المشاريع الرأسمالية لا تلبي الطموح في جانب تسخيرها لبناء مشاريع ذات بعد تنموي للعام 2023.
من جانب آخر، لا بد من الحديث عنه، وهو أن رؤية التحديث الاقتصادي تتطلب في عام 2023 إنفاق مبلغ 670 مليون دينار، تم رصد مبلغ 355 مليون دينار من خلال موازنة الوزارات والدوائر الحكومية أي بنسبة 53 % من إجمالي المبلغ المطلوب، فيما سيتم رصد مبلغ 150 مليون دينار من خلال موازنة الوحدات الحكومية والتمويل الذاتي أي حوالي 22 %، فيما يتبقى مبلغ 165 مليون دينار كمساعدات خارجية، أي بنسبة 25 % من إجمالي المبلغ لعام 2023.
كما لا بد توضيح أن الموازنة رصدت مبلغ 45 مليون دينار لتنفيذ خريطة تحديث القطاع العام.
والقطاعات التي تتطلب تمويلاً حسب محركات الرؤية لعام 2023 هي موزعة وفق الهيكل التالي: الاستثمار (65) مليون دينار، الصناعات عالية القيمة (91) مليون دينار، الخدمات المستقبلية (52) مليون دينار، الأردن وجهة عالمية (80) مليون دينار، الريادة والإبداع (138) مليون دينار، الموارد المستدامة (202) مليون دينار، بيئة مستدامة (33) مليون دينار وأخيراً مشاريع نوعية الحياة 18 مليون دينار.
الواضح من الشكل السابق لهيكل النفقات بشقيها الجاري والرأسمالي أنها ما تزال تعمل على المحافظة على المسار التصحيحي الاقتصادي، ورغم أن هامش التحرك الضيق إلا أنها تعمل وفق مستوى المشاريع الرأسمالية، كما أنها حافظت على التزاماتها المالية الثابتة ولم تعمل على رفعها إلى حد بعيد رغم الظروف العالمية والهامش المتاح، ناهيك عن التزامها بالخطط الاقتصادية التي عملت على رصد تمويل جزئي لها، هذا ويبقى التحدي الأكبر أمام النفقات الرأسمالية هو مدى قدرة الحكومة على الالتزام بتنفيذها بالشكل الذي أقرت به دون إجراءات مناقلات لبنودها لتمويل نفقات حكومية أخرى كما جرت العادة.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/01/18 الساعة 23:30