العجارمة يكتب عن فصل النواب
لقد افرد المشرع الدستوري الأردني عقوبة واحدة للنائب في المادة (90) منه وهي الفصل من المجلس (فلا يجوز فصل أحد من عضوية اي من مجلسي الاعيان والنواب الا بقرار صادر من المجلس الذي هو منتسب اليه، ويشترط في غير حالتي عدم الجمع والسقوط المبينتين في هذا الدستور وبقانون الانتخاب ان يصدر قرار الفصل بأكثرية ثلثي الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس وإذا كان الفصل يتعلق بعضو من مجلس الاعيان فيرفع قرار المجلس الى الملك لإقراره).
ولم يبين الدستور المخالفات المسلكية التي تستوجب فصل النائب، ومرد ذلك يعود الى اعتبارات عملية كون تقنين المخالفات التأديبية من شأنه أن يضعف فاعلية مجلس النواب في تأديب اعضائه، لأنه لا يستطيع عقاب النائب إلا على المخالفات المقننة والمحددة حصراً من قبل المشرع، في حين أن فاعلية المجلس تتطلب أن يترك له مواجهة كل تصرف لا يتفق ومقتضيات المصلحة العامة دون قيود سابقة بهذا الشأن، إضافة الى استحالة عملية توصيف وتصنيف واجبات النائب وصياغتها في عبارات محددة ومنضبطة حتى يتسنى ربطها بعقوبات معينة، كما هو الحال في قانون العقوبات، فكثير من الواجبات تقوم على الالتزام بقواعد الشرف والإخلاص ومراعاة الدقة واللياقة في التصرفات والحفاظ على هيبة الدولة ومكانتها إضافة الى ذلك، أن المخالفة لتأديبية تختلف باختلاف الزمان والمكان، والفلسفات الاجتماعية السائدة ، وهذه أمور غير محددة على وجه الدقة، ومن ثم يصعب صياغتها في قوالب جامدة.
لذلك المشرع الدستوري لم يقنن المخالفات التأديبية او المسلكية على غرار ما هو معمول به في قانون العقوبات، تاركاً المجال لمجلس النواب (باعتباره محكمة الزملاء التأديبية) في تقدير ما إذا كان الفعل المقترف من قبل النائب ينطوي على مخالفة تستوجب المساءلة التأديبية ام لا؟
علماً بان المشرع الأردني في قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (24) لسنة 1960 حدد حالتا فصل النائب وعلى سبيل الحصر وهي: إذا تغيب عن جلسات المجلس اكثر من شهر خلال اية دورة عادية او اكثر من ثلث المدة خلال اية دورة استثنائية دون ان يحصل على اذن بذلك من المجلس ودون ان يكون تغيبه لمعذرة مشروعة، او اذا التحق بدولة اجنبية او اثبت اقرارا او اعترافا بالإخلاص والطاعة لها او قام بعمل قد يصبح بموجبه احد رعايا تلك الدولة او اشترك في ذلك العمل او ايده.
أما من حيث طبيعة قرار الفصل، يعتبر القرار الصادر عن مجلس النواب بفصل النائب من الأعمال الصادرة عن السلطة التشريعية والتي تستبعد من نطاق دعوى الإلغاء، فالأعمال التي يطلق عليها الأعمال البرلمانية، وهي عبارة عن القرارات التي يصدرها البرلمان أو لجانه المتعلقة بتأدية وظيفته أو بالنظام الداخلي، كقرارات إسقاط العضوية، أو فصل العضو، أو تجميد العضوية أو رفع الحصانة البرلمانية، أو عدم رفعها، وكذلك قرارات سحب الثقة من الوزارة بأكملها، أو من أحد الوزراء، والقرارات الخاصة بتشكيل اللجان النيابية..إلخ، إذ تأخذ هذه الأعمال كافة حكم التشريعات العادية من ناحية عدم خضوعها لرقابة القضاء، فقرار مجلس النواب المتضمن فصل أحد أعضائه هو عمل برلماني خالص، لا يخضع لرقابة القضاء الإداري، لأن هذا القرار لا تتوافر فيه خصائص القرار الاداري أو شروطه؛ لأنه لم يصدر عن جهة ادارية تابعة للسلطة التنفيذية، وبالتالي فإن هذا القرار تجرد من أهم صفاته ألا وهي الصفة (الإدارية)، ودخل في صفه أخرى باعتباره عملا برلمانيا لا يجوز للقضاء الرقابة عليه احتراما والتزاما بمبدأ الفصل بين السلطات.