نضال العمرو يكتب: الخط الأحمر.. والشّماغ المهدَّب ومقلوب
"الخط الأحمر" سياسياً هو الحد الذي يضمن الحقوق الأساسية والوجودية للدول، ويجب الالتزام به فيما بينها لضمان الأمان والاستقرار، فضلا عن الحفاظ على الوجود في المنطقة؛ وأن اجتيازه سيؤدي الى ما لا يحمد عقباه من الحروب والصراعات في أي منطقة متصارع عليها، سواء بين أنظمة الدول الحقيقية الراسخة في الوجود تاريخياً، أو بين دول معترف بها عبر التاريخ وتلك الكيانات المصطنعة المؤقتة.
ويشير "الخط الأحمر" شعبياً الى الحد الذي لا يجب تجاوزه لدى الشعوب في حقوقها الأبدية والمُسلّم بها تاريخياً في الشؤون العقائدية والتاريخية والاجتماعية والجغرافية وأيضاً الوجودية على حدود دولها؛ وأن تجاوزه والمساس به يعني أمراً واحداً لا ثاني له "الاعتداء"؛ تقوم بها دولة او كيان مصطنع معتدياً على أكثر الحقوق قدسيةً لدى شعوب الدول المعتدى عليها؛ ولن يكون للشعوب المعتدى عليها سوى سبيل "المقاومة" من اجل المحافظة على اوطانها وضمان بقاء حقوقهم المشروعة.
تعلم جميع دول العالم أن جلالة الملك عبدالله الثاني يقوم بالوصاية التاريخية للحرم القدسي الشريف كاملًا، والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وفقًا للبيعة التي جرت عام 1924، وأن جلالته يقوم بهذا الدور إنابةً عن الأمتين العربية والإسلامية، ولن يدخر جهدًا للحفاظ على مقدسات الأمة وكف يد الاحتلال عنها؛ ذلك الكيان المصطنع لغايات استعمارية ولو تغيرت الأقنعة المستخدمة، واستحدث على شكل احتلال مقيت لأراضٍ عربية مقدسة في دولة فلسطين؛ ذلك الوباء السرطاني العنصري والمتطرف الإرهابي الذي لا يقف عن اغتيال عشرات الفلسطينيين ويهدم بيوتهم ويصادر أراضيهم، ويدنس مقدسات المسيحيين والمسلمين فيها ويضع المنطقة برمتها على فوهة بركان اذا ما انفجر لن يكون بالإمكان السيطرة عليه ولن ينتج عنه سوى الدمار.
وفي الآونة الأخيرة كثر الحديث عن الوصاية الهاشمية على الحرم القدسي الشريف بمقدساته المسيحية والإسلامية في مدينة القدس المحتلة؛ ودائماً ما تسعى حكومة الكيان المحتل (مهما كان توجهها السياسي) بسياسة ممنهجة الى المساس بالأوضاع القانونية والتاريخية في الحرم القدسي الشريف لثني الأردن وقيادته الهاشمية عن دعم القضية الفلسطينية والحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، لتغيير قواعد الاتفاق حول الدور الأردني بالوصاية على الأماكن المقدسة محاولة من خلال اليمين المتطرف المتصهين فرض واقع جديد يسلب الأردن دوره التاريخي سواء من خلال الاقتحامات المتكررة لشخصيات محتلة لا يجوز لها التواجد في هذه الأماكن المقدسة أو ما حدث مع السَّفير الأردني أمس في حرم المسجد الأقصى او من خلال التطبيع مع بعض الأنظمة المارقة سياسياً ودبلوماسيا في المنطقة والمعروفة لسعيها بكل السبل لأخذ الوصاية على القدس لمصالح سياسية ضيقة الأفق وتظهر جهل من يقومون بذلك.
قال جلالة الملك عبدالله الثاني للعالم اجمع وبوضوح تام "ان القدس خط أحمر"؛ وعلى الجميع استيعاب ذلك لما تمثله للشعوب العربية الإسلامية و المسيحية؛ وما تمثله من الجانب الديني العقائدي والاجتماعي والتاريخي الجغرافي اضافةً للجانب السيادي السياسي؛ فعندما قال الملك عبارته الشهيرة؛ هو يعلم متيقناً أن شعبه الأردني العظيم معه مهما كانت الظروف؛ يعرفونه جيداً وهو ابنهم واخيهم وأبيهم، ابن الجيش والعسكر؛ ابن الحسين الباني عليه السلام ؛ ويعرفون مدى عظمة مقام فلسطين والقدس في وجدان بنو هاشم الأطهار؛ وهو يعرف وفاء وانتماء و ولاء شعبه له وما تعنيه فلسطين والقدس لهم.
وبالرغم من علم حكومة الاحتلال يقيناً راسخاً بأن المملكة الأردنية الهاشمية أرضاً ونظاماً وشعباً هي المعادلة المركزية في جوهر الصراع العربي الصهيوني في القضية الفلسطينية، وأنه يستحيل تجاهل دوره على الإطلاق باعتباره وصيا على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف؛ إلاَّ أنها تستمر بسياستها التصعيدية لتغيير الاوضاع القانونية والتاريخية القائمة؛ لاعبةً بالنار للدخول في مواجهة واسعة مع الرقم الأصعب من دول المنطقة.
وفي المقابل على الطرف المعادي وحلفائه أن يعلموا جيداً أنه مهما بلغت الظروف الاقتصادية صعوبةً على الشعب؛ فإن ردة الفعل الشعبية الأردنية الغاضبة والمطالبة بالثأر ستكون بمنتهى الصلابة والقوة والثبات، و" الشّماغ مهدّب ومقلوب " ماضين خلف القيادة الهاشمية إلى النهاية في الدفاع عن القدس والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها؛ الوصاية التي تحافظ على الهوية العربية الإسلامية لكل فلسطين.
وإذا ما استمرت حكومة الكيان المتطرف في ممارسة الانتهاكات في حق الشعب الفلسطيني ارضاً وشعباً والمقدسات المسيحية والإسلامية فيها فعلى المجتمع الدولي توقع الأسوأ في المنطقة ولن يكون الأردن وحيداً فكل الشعوب العربية والاسلامية لن تقف مكتوفة الايدي في مواجهة غطرسة الاحتلال المدعوم من بعض دول العالم.