رحال يكتب: المحاسبة القانونية (تدقيق الحسابات).. تصحيح بعض المفاهيم
بمناسبة مناقشة السادة أعضاء اللجنة القانونية في مجلس النواب قانون تنظيم مهنة تدقيق الحسابات كثر الحديث عن هذا القانون في الصالونات الاقتصادية والأطراف المعنية بالتعديلات عليه، إلا أننا لاحظنا أن البعض لديه بعض المفاهيم المغلوطة عن طبيعة المهنة، الأمر الذي أدى إلى تعديلات مقترحة بعيدة نوعاً ما عن مضمون القانون وأهدافه الامر الذي دفعنا كمختصين في هذه المهنة إلى توضيح بعض المفاهيم والمصطلحات.
في العام 1961صدر أول قانون ينظم مزاولة المهنة وتدقيق الحسابات تحت رقم (15) لسنة 1961، ولاحقاً لذلك ونظراً لتطور المهنة ومتطلباتها برزت الحاجة لتطوير تنظيم المهنة، وتم ذلك من خلال إصدار القانون (32) لسنة 1985 وتم في هذا القانون تحديد تفاصيل أكثر لشروط مزاولة المهنة وأهمها شرط اجتياز امتحان خاص بممارسة المهنة، كما تم تسمية مجلس للإشراف على المهنة يرأسه رئيس ديوان المحاسبة، وقد أوجب القانون انشاء جمعية مدققي الحسابات الأردنيين والتي أنشئت تبعاً لذلك في العام 1987 حيث ألزم النظام على جميع مدققي الحسابات الانتساب لهذه الجمعية ومن غير الممكن ممارسة المهنة دون ذلك.
في العام 2003 ولذات الأسباب تم إصدار قانون جديد وهو القانون المؤقت المعمول به حالياً والذي استخدم مصطلح أكثر تماشياً مع المصطلح المتعارف عليه دولياً حيث تم تسمية مدقق الحسابات بمصطلح (محاسب قانوني معتمد) تماشياً مع المسمى المهني باللغة الإنجليزية (Certified Public Accountant) وعليه تم اعتماد ترجمة لمسمى الجمعية باللغة الانجليزية ليصبح (Jordanian Association of Certified Public Accountants) إلا أن تعديل المسمى في حينه من مدققي الحسابات إلى مسمى محاسب قانوني نشأ عنه التباس عند غير الممارسين للمهنة أو لدى بعض الأكاديميين باعتبار وجود مصطلح محاسب ضمن التسمية أنه يجمع بين مساقي المحاسبة والقانون.
وكما هو معروف للجميع فإن تدقيق الحسابات أو (المحاسبة القانونية) فهي مهنة مستقلة عن المحاسبة وتتطلب علماً ومعرفة ومهارات ومبادئ ومعايير تختلف عما يتم تطبيقه في المحاسبة. وخير دليل على ذلك أنَّ المرجع الأساسي للمحاسبة في الأردن هي معايير الابلاغ المالي الدولية (IFRS) ومعايير المحاسبة الدولية (IAS) في حين يعتبر المرجع الأساسي التنظيمي لمهنة تدقيق الحسابات هي المعايير الدولية للتدقيق (ISA) والتي تصدر عن الاتحاد الدولي للمحاسبين (IFAC).
فالمدقق يبدأ عمله بعد انتهاء عمل المحاسب أو الإدارة المالية حيث يقوم المدقق بداية بعمل دراسة على الشركة المنوي تدقيقها لتحديد مخاطرها وإمكانية قبول تدقيق حساباتها؛ ومن ثم يقوم بالتخطيط لعملية التدقيق بهدف تحديد المخاطر لها وبعد ذلك ينتقل إلى تنفيذ إجراءات التدقيق المختلفة حتى يصل إلى نتيجة يترجمها بتقريره النهائي حول عدالة هذه البيانات المالية، فمسؤوليته تُحدّد بحدود تقريره حول البيانات المالية أما إعداد البيانات المالية فهي مسؤولية الإدارة وطبعاً من خلال إدارتها المالية (المحاسبة).
وحتى تتضح الصورة بشكل أكبر فيما يتعلق بعمل مدقق الحسابات فإن مدقق الحسابات يعتمد فريق تدقيق متكامل في إنجاز مهمة التدقيق من العاملين، لديه دون إخلاء مسؤوليته عن نتائج عمل هذا الفريق، وهذا يوقع عبء على المدقق بأن يقوم بتشكيل فريق تدقيق مؤهل ويقوم بتقديم التدريب المناسب لهم بشكل مستمر حتى يكونوا مؤهلين لإتمام عملية التدقيق، لذلك نجد أن في مهنة التدقيق يعمل أعداد كبيرة من المحاسبين أو غير المحاسبين ضمن فريق التدقيق مثل تخصصات أنظمة المعلومات أو التحليل المالي وتحليل البيانات أو المهندسين، وفي بعض الحالات يتم الاستعانة بخبراء في مجالات أخرى كالخبير الاكتواري ، وكثير من هؤلاء يقومون بتقديم الامتحان للحصول على إجازة التدقيق فنجد في مكاتب التدقيق أكثر من مدقق مجاز لممارسة التدقيق أو يقومون بفتح مكاتب خاصة لهم وتعيين مساعدين لهم.
ومن هذا يتضح أن المرخصين لمزاولة المهنة وإصدار التقارير حول عدالة البيانات المالية يقومون بتوظيف عدد أكبر لتنفيذ مهام التدقيق، إلا أنهم يتحملون المسؤولية كاملة عن صحة هذه التقارير، ولذلك أصبح ترخيصهم يترتب عليه بداية أداء القسم القانوني والالتزام الدائم بعد ذلك بأخلاقيات المهنة والالتزام بالسلوك المهني.
فمدقق الحسابات يعتبر خط الدفاع الأول حول عدالة البيانات المالية التي يصدر تقريره عليها لكافة المستخدمين، من مساهمين في هذه الشركات أو مستثمرين أو الجهات الرقابية مثل البنك المركزي، ومراقبة الشركات، وهيئة الأوراق المالية، ودائرة ضريبة الدخل بالإضافة إلى كافة الهيئات الرقابية الأخرى وهذا يبرز دوره كمحور أساسي في حماية الاقتصاد الوطني وجلب الاستثمارات.