هل 'تنزلِق' إسرائيل إلى 'حربٍ أهليّة'؟... لا تُبالِغوا رجاءً
مدار الساعة ـ نشر في 2023/01/16 الساعة 03:45
على نحو يبدو في بعض تجلّياته صادماً, تروج في أوساط سياسية وحزبية وإعلامية عربية وخصوصاً فلسطينية, قراءات وتحليلات مُتسرّعة ورغائبية, تُعبّر عن عجز أكثر مما تروم الإضاءة على حقيقة ما يحدث في دولة العدو الصهيوني, بعد تسلّم إئتلاف الفاشيين السلطة في الدولة العنصرية الاستيطانية الاستعمارية.
وإذ يغرِف هؤلاء من مَعين وسائل الإعلام الصهيوني في إسرائيل خصوصاً، ويتِّكئون في قراءاتهم غير المنهجية وغير المبصّرة للمشهد الصهيوني الراهن, الذي يُعاني بلا شك من انقسامات أفقية وعامودية ويثير جدلاً مُحتدماً ومُتصاعداً بين الأحزاب والقوى المتنافسة على الحكم, والذي ازداد حِدّة بعد النتائج التي أفرزتها انتخابات الأول من تشرين الثاني الماضي, ونجاح تحالف الفاشيين (الليكود، الحريديم وثلاثي تحالف الصهيونية الدينية، سموترتش، بن غفير رئيس حزب/عوتصما يهوديت, وآفي ماعوز زعيم حزب نوعام) في الفوز بـ«64» مقعداً ما منحه أغلبيته مُريحة، يستطيع بموجبها سنّ ما يراه مناسباً لإيديولوجيته من قوانين وتشريعات, وبخاصّة ما يريده تحديداً نتنياهو الساعي بلا كلل الى عدم دخول السجن وفقدان مستقبله السياسي والشخصي, عبر «تقليم» أظافر الجهاز القضائي وفي مقدمته المحكمة العليا, بذريعة عدم صلاحية هذه المحكمة (غير المُنتخَب أعضاؤها) للتدخل في قرارات السلطة التشريعية المُنتخَبة.
نقول: ما يتّكئ عليه المروجون في الأوساط العربية/والفلسطينية, في توقّع انزلاق دولة العدو إلى حرب أهلية, ينطوي على مبالغة خطيرة خصوصاً أن الجدل المُندلع في إسرائيل ينحصر في المجال الإعلامي/ و«تظاهرات السبت» فحسب، عبر وسائل الإعلام المختلفة التي تعيش أيضاً حالاً من الاستقطاب الحاد, سواء الصحف الورقية أم قنوات التلفزة وبخاصّة قنوات هيئة البثّ (كان), ناهيك تلك المرتبطة بالأوساط/الأحزاب الحريدية. وهنا علينا عدم نسيان أو صرف النظر عن القول الشهير الذي كتبته أحد أبرز إرهابيّي دولة العدو, وهو مُجرم الحرب مناحيم بيغن في مُذكّراته بعد حادث إغراق سفينة «التالينا». بالقول: لو حدثت حرب أهلية مُتبادَلة (يقصد بين منظمته الإرهابية/إيتسيل التي جاءت بالأسلحة, في مُواجهة المنظمة الإرهابية بقيادة بن غوريون/الهاغاناة).
كتبَ بيغن «لو حدثت حرب أهلية مُتبادلة لكانت دُمِّرت إسرائيل (علماً إغراق سفينة «التالينا» وقع في 23 حزيران 1948, أي بعد شهرين من إعلان بن غوريون قيام دولة العدو على أرض فلسطين), زد على ذلك أن بن غوريون نفسه كان قال بعد إصدار أوامره بإغراق السفينة المُحملة بالأسلحة لمنظمة بيغن الإرهابية, أن «الوحيد المسموح له بِحمل الأسلحة واستعمالها هو الجيش فقط».
صحيح أنه يجب عدم التقليل من سخونة التصريحات اللاذعة التي يُطلقها سياسِيّو وقادة الأحزاب في إسرائيل, بل ثمّة ما يُمكن التوقف عندما أطلقه رئيس هيئة الأركان الجنرال كوخافي الذي خلع بزّته العسكرية اليوم/الإثنين من تصريحات ناريّة مُنتقداً نتنياهو ورافضاً تولّي أي وزير مسؤولية ما في المؤسسة العسكرية, ناهيك عن «إنتقاد» رئيسة المحكمة العليا القاضية/إستر حايوت مشروع قانون قدّمته حكومة نتنياهو لتعديل النظام القضائي, واصفة إياه بأنه «هجوم جامح» على القضاء. فضلاً عن المظاهرات المستمرّة التي اندلعت قبل أكثر من شهر وكانت آخرها مظاهرة أول أمس السبت في تل أبيب والقدس ويافا, ناهيك تظاهُر مئات المحاميين أمام محكمة تل أبيب إحتجاجاً على المشروع الحكومي المثير للجدل لتعديل النظام القضائي, مُعتبرين إياه تهديداً للديمقراطية، إلاّ أن ذلك كلّه وإن أسهمَ في رفع منسوب الجدل والسجالات الساخنة, إلاّ ان احتمال الانزلاق إلى حرب أهلية تبدو ضعيفة حتى لا نقول مستحيلة. وكان يمكن لحرب كهذه أن تندلع قبل وخصوصاً بعد اغتيال اسحق رابين في 4/11/1995, إذ سبقته حال استقطاب حادّة خاصّة بعد رفع صور رابين وهو يرتدي زيّ جهاز إس.إس النازِيّ, وكان نتنياهو أحد أبرز الذين قادوا حملة شعواء ضد رابين, بعد توقيع اتفاق أوسلو, بذريعة أنه (خان إسرائيل, ومنحَ «الإرهاب الفلسطيني شرعيّة").
**إستدراك:
قالت صحيفة «جيروسالم بوست» في تحليل لها الجمعة الماضي 13/1 تحت عنوان: «الحرب الأهلية ليست مزحة» جاء فيه: بالنسبة للمُعارضة - يائير لابيد وبيني غانتس - ليس هناك الكثير مما يُمكنهم فِعله لوقف نتنياهو. يمكنهم المُساعدة في إخراج 100 ألف شخص في تل أبيب ليلة السبت، لكن هذا لن يَضع أكثر من تأثير سلبي على خطط نتنياهو وليفين. سيكون استعراضاً هائلاً للقوة, سيجذِب انتباه الناس بالتأكيد, لكن تل أبيب مكان يَتوقّع فيه الناس مُظاهرات ضد اليمين.
تُضيف الصحيفة: «ما يُمكن أن يأملوا فيه هو أن «الضجيج» الذي يُصدِرونه، سيجعل الأميركيين والأوروبيين يُصعّدون ويقولون شيئاً ويحذرون نتنياهو, من أن ما يَحدث سيكون له تأثير على العلاقات الدبلوماسية، هذا هو المكان الذي يكون فيه نتنياهو عُرضة للخطر».
kharroub@jpf.com.jo
وإذ يغرِف هؤلاء من مَعين وسائل الإعلام الصهيوني في إسرائيل خصوصاً، ويتِّكئون في قراءاتهم غير المنهجية وغير المبصّرة للمشهد الصهيوني الراهن, الذي يُعاني بلا شك من انقسامات أفقية وعامودية ويثير جدلاً مُحتدماً ومُتصاعداً بين الأحزاب والقوى المتنافسة على الحكم, والذي ازداد حِدّة بعد النتائج التي أفرزتها انتخابات الأول من تشرين الثاني الماضي, ونجاح تحالف الفاشيين (الليكود، الحريديم وثلاثي تحالف الصهيونية الدينية، سموترتش، بن غفير رئيس حزب/عوتصما يهوديت, وآفي ماعوز زعيم حزب نوعام) في الفوز بـ«64» مقعداً ما منحه أغلبيته مُريحة، يستطيع بموجبها سنّ ما يراه مناسباً لإيديولوجيته من قوانين وتشريعات, وبخاصّة ما يريده تحديداً نتنياهو الساعي بلا كلل الى عدم دخول السجن وفقدان مستقبله السياسي والشخصي, عبر «تقليم» أظافر الجهاز القضائي وفي مقدمته المحكمة العليا, بذريعة عدم صلاحية هذه المحكمة (غير المُنتخَب أعضاؤها) للتدخل في قرارات السلطة التشريعية المُنتخَبة.
نقول: ما يتّكئ عليه المروجون في الأوساط العربية/والفلسطينية, في توقّع انزلاق دولة العدو إلى حرب أهلية, ينطوي على مبالغة خطيرة خصوصاً أن الجدل المُندلع في إسرائيل ينحصر في المجال الإعلامي/ و«تظاهرات السبت» فحسب، عبر وسائل الإعلام المختلفة التي تعيش أيضاً حالاً من الاستقطاب الحاد, سواء الصحف الورقية أم قنوات التلفزة وبخاصّة قنوات هيئة البثّ (كان), ناهيك تلك المرتبطة بالأوساط/الأحزاب الحريدية. وهنا علينا عدم نسيان أو صرف النظر عن القول الشهير الذي كتبته أحد أبرز إرهابيّي دولة العدو, وهو مُجرم الحرب مناحيم بيغن في مُذكّراته بعد حادث إغراق سفينة «التالينا». بالقول: لو حدثت حرب أهلية مُتبادَلة (يقصد بين منظمته الإرهابية/إيتسيل التي جاءت بالأسلحة, في مُواجهة المنظمة الإرهابية بقيادة بن غوريون/الهاغاناة).
كتبَ بيغن «لو حدثت حرب أهلية مُتبادلة لكانت دُمِّرت إسرائيل (علماً إغراق سفينة «التالينا» وقع في 23 حزيران 1948, أي بعد شهرين من إعلان بن غوريون قيام دولة العدو على أرض فلسطين), زد على ذلك أن بن غوريون نفسه كان قال بعد إصدار أوامره بإغراق السفينة المُحملة بالأسلحة لمنظمة بيغن الإرهابية, أن «الوحيد المسموح له بِحمل الأسلحة واستعمالها هو الجيش فقط».
صحيح أنه يجب عدم التقليل من سخونة التصريحات اللاذعة التي يُطلقها سياسِيّو وقادة الأحزاب في إسرائيل, بل ثمّة ما يُمكن التوقف عندما أطلقه رئيس هيئة الأركان الجنرال كوخافي الذي خلع بزّته العسكرية اليوم/الإثنين من تصريحات ناريّة مُنتقداً نتنياهو ورافضاً تولّي أي وزير مسؤولية ما في المؤسسة العسكرية, ناهيك عن «إنتقاد» رئيسة المحكمة العليا القاضية/إستر حايوت مشروع قانون قدّمته حكومة نتنياهو لتعديل النظام القضائي, واصفة إياه بأنه «هجوم جامح» على القضاء. فضلاً عن المظاهرات المستمرّة التي اندلعت قبل أكثر من شهر وكانت آخرها مظاهرة أول أمس السبت في تل أبيب والقدس ويافا, ناهيك تظاهُر مئات المحاميين أمام محكمة تل أبيب إحتجاجاً على المشروع الحكومي المثير للجدل لتعديل النظام القضائي, مُعتبرين إياه تهديداً للديمقراطية، إلاّ أن ذلك كلّه وإن أسهمَ في رفع منسوب الجدل والسجالات الساخنة, إلاّ ان احتمال الانزلاق إلى حرب أهلية تبدو ضعيفة حتى لا نقول مستحيلة. وكان يمكن لحرب كهذه أن تندلع قبل وخصوصاً بعد اغتيال اسحق رابين في 4/11/1995, إذ سبقته حال استقطاب حادّة خاصّة بعد رفع صور رابين وهو يرتدي زيّ جهاز إس.إس النازِيّ, وكان نتنياهو أحد أبرز الذين قادوا حملة شعواء ضد رابين, بعد توقيع اتفاق أوسلو, بذريعة أنه (خان إسرائيل, ومنحَ «الإرهاب الفلسطيني شرعيّة").
**إستدراك:
قالت صحيفة «جيروسالم بوست» في تحليل لها الجمعة الماضي 13/1 تحت عنوان: «الحرب الأهلية ليست مزحة» جاء فيه: بالنسبة للمُعارضة - يائير لابيد وبيني غانتس - ليس هناك الكثير مما يُمكنهم فِعله لوقف نتنياهو. يمكنهم المُساعدة في إخراج 100 ألف شخص في تل أبيب ليلة السبت، لكن هذا لن يَضع أكثر من تأثير سلبي على خطط نتنياهو وليفين. سيكون استعراضاً هائلاً للقوة, سيجذِب انتباه الناس بالتأكيد, لكن تل أبيب مكان يَتوقّع فيه الناس مُظاهرات ضد اليمين.
تُضيف الصحيفة: «ما يُمكن أن يأملوا فيه هو أن «الضجيج» الذي يُصدِرونه، سيجعل الأميركيين والأوروبيين يُصعّدون ويقولون شيئاً ويحذرون نتنياهو, من أن ما يَحدث سيكون له تأثير على العلاقات الدبلوماسية، هذا هو المكان الذي يكون فيه نتنياهو عُرضة للخطر».
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2023/01/16 الساعة 03:45