الدبلوماسية الأردنية تتحرك لمواجهة 'نتنياهو'
كيف تتحرك الدبلوماسية الأردنية في ملف القضية الفلسطينية و تداعياتها ؟ أولا، الإجابات ليست من عندي، فهي حصيلة معلومات ولقاءات مع أطراف رسمية، ثانيا، يبدو أن الأردن في التعامل مع إسرائيل، أصبح يفكر جديا بتجاوز خياري"التكيّف والانتظار"، نحو خيار المواجهة المحسوبة سياسيا.
ثالثا، يجب أن لا يتوقع احد من الأردن أكثر مما يستطيع ، فهو مسؤول عما يمكن أن يفعله وينجزه في سياق إمكانياته ، لتقليل ما أمكن من خسائر، اما النتيجة فتتحمل مسؤوليتها جميع الأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية، رابعا، في حال تطورت الأحداث نحو الأسوأ من جهة " تل ابيب" سيفعل الأردن كل ما يجب عليه أن يفعله للدفاع عن مصالحه العليا، وهو مستعد لذلك ، ولديه من الأوراق السياسية وغيرها ما يجعله قادرا على ذلك .
في التفاصيل ، الأردن يشعر بمزيد من القلق مما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، سواء من جهة "التطرف الأكبر " الذي تمثله الحكومة اليمينية بقيادة نتنياهو ، وما تمارسه من انتهاكات ضد الفلسطينيين ، ثم من جهة ارتدادات ذلك على صعيد تهديد المصالح الحيوية للدولة الأردنية .
صحيح للأردن تجربة طويلة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي ، لكنه يدرك أن المرحلة القادمة ستكون مختلفة لأسباب متعددة ، منها تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية ، عالميا وعربيا ، وهشاشة وضع السلطة الفلسطينية ، وهواجس ما بعدها ، ثم وجود فرصة لليمين الإسرائيلي لتنفيذ مشروعه على أساس فرض الأمر الواقع ، ليس بالضرورة تجاه القدس أولا ، وإنما باتجاه التوسع الاستيطاني ، وهو ما يفكر به نتنياهو ، تحديدا ، للهروب مؤقتا من الإدانات الدولية .
في التفاصيل ، أيضا ، لا يستطيع الأردن الرسمي أن يتحرك ويؤثر إذا لم يكن حاضرا على الطاولة ، ما يعني أن اللقاءات بين المسؤولين الأردنيين والإسرائيليين ستستمر ، وربما بكثافة اكبر ، لكن هذا الحضور او المشاركة سيكون محددا وفقا لاعتبارات مدروسة ، فالاردن، مثلا ،لم يحسم قراره بالمشاركة في اجتماعات "النقب 2"حتى الآن ، بانتظار مشاركة الطرف الفلسطيني ، كما أن اتفاقياته مع تل أبيب (المياه والغاز وغيرها) ستستمر ، ما لم يحدث طارىء يستوجب إعادة النظر فيها ، فيما تبقى اوراق القوة الناعمة ، الدبلوماسية وغيرها ، معلّقة بانتظار الحاجة إليها ، وستكون قابلة للاستخدام إذا استوجب الأمر .
السؤال عن "الخيار الأردني" ، أو فيما إذا كان الأردن يريد الضفة الغربية ، بأي شكل ، او ان إسرائيل ( او غيرها) طرحت الموضوع للنقاش ، كل هذا لم يحصل، وغير وارد على الإطلاق ، الموقف الأردني ما زال على حل الدولتين ، ولا يقبل بأي نقاش قبل ذلك حول أي صيغة ، لأن قبوله سيصب بخدمة المحتل أولا، ويلغي الحق والحلم الفلسطيني ثانيا ، كما أنه سيضر بالمصالح الأردنية ، وحدها " تل ابيب" ستظل تتحمل كلفة احتلالها ، وستدفع ثمن أزماتها الداخلية ، ولا يمكن للأردن او الفلسطينيين أن يساعدوها في تجاوز ذلك .
هل ستذهب حكومة تل أبيب بعيدا في استهداف الأردن ؟ ربما ، لكن إذا حصل ذلك ، كيف سيكون الرد اردنيا؟ الإجابة : كل الخيارات السياسية وغيرها متاحة ومطروحة ، الملك قال ذلك بوضوح ، ومن المرجح أن يبدأ ،خلال الأيام القادمة ، جولة في عدة عواصم عربية ودولية (منها واشنطن ) ، لوضع الموقف الأردني تجاه القضية الفلسطينية ، و التحولات التي تجرى عليها ، أمام دوائر صناعة القرار ، والرأي العام الدولي ، الاردن يراهن على موقف امريكي واضح ، وعلى تحشيد مواقف دولية ( اوربية تحديدا) ضد الحكومة اليمينة المتطرفة ، على اعتبار أن الخطر القادم من إسرائيل يشكل تهديدا للسلم الإقليمي والعالمي ، ثم للتأكيد على أن الدور الأردني سيظل فاعلا أساسيا لمواجهة هذا الخطر .
هل يكفي ذلك ، وهل يستطيع الأردن وحده مواجهة المشروع الصهيوني ، ولماذا لا يتحرك الفلسطينيون لطي صفحة خلافاتهم أولا ، وإطلاق طاقاتهم لمقاومة الاحتلال ثانيا ، ثم ما موقف نحو 56 دولة عربية وإسلامية مما يجري لقضيتهم التي كانت مركزية ، و أصبحت على ما يبدو هامشية ؟ اترك التعليق والإجابة للقارئ الكريم.