قبل انطلاق قطار 'الرئاسِيّات': هل يَنجح أرودغان في 'كَبحِ' المُعارَضة؟
فيما استمعت المحكمة الدستورية العُليا في تركيا أول أمس إلى مرافعة المدعي العام للمحكمة الإدارية العُليا التركية، في قضية «إغلاق» حزب الشعوب الديمقراطية (الكُردي المُعارض).. شرحَ خلالها المُبرّرات التي دفعت به إلى رفع الدعوى ضد الحزب، (علماً أن المحكمة الدستورية قبِلت الدعوى القضائية هذه في 21 حزيران 2021)، ولاحقاً قرّرت المحكمة نفسها «تجميد» حسابات الحزب في شكل مُؤقت, استجابة أيضاً لطلب المدعي العام. وفيما تتزايد المؤشرات على أن أحزاب «طاولة الستة» المُعارَضة في طريقها إلى الاتفاق على مرشح واحد, لمنافسة ال?ئيس التركي أردوغان في انتخابات 18 حزيران المقبل, رغم مساعي حثيثة من أردوغان وشريكه في «تحالف الشعب» دولت بهشلي لتقديم الموعد, بذريعة «تزامنه/الموعد مع موسم العطلة الصيفية حيث يُسافِر الناس», على ما قاله الناطق باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم/عمر جيليك. ناهيك عن تداعيات قرار إحدى محاكم اسطنبول بحبس رئيس بلدية المدينة/ أكرم إمام أوغلو ومنعه من العمل السياسي (في وقت تُؤشِّر استطلاعات الرأي, أنه الأوفر حظاً لهزيمة الرئيس أردوغان من بين زعماء المعارضة).
في خضم ذلك كله، يبدو أن قطار المعركة الانتخابية الرئاسية/والبرلمانية قد انطلق مبكراً, ليس فقط في شأن تلويح به أردوغان بإمكانية «تقديم» موعد الانتخابات (وليس «تبكيرها» على ما أوضحَ ناطق الحزب الحاكم/جيليك، وانما أيضاً في ما انطوى عليه «الحَدَثان»..الأول الخاص بـِدعوى «إغلاق» حزب الشعوب الديمقراطي (الكردي المُعارِض), والثاني قرار حبس إمام أوغلو وخصوصاً «منعه» من ممارسة العمل السياسي, أي قطع الطريق عليه لمنافسة أردوغان بافتراض أن أحزاب «طاولة الستة» ربما تلتقي عند قرار ترشيحه.
من المهم الإشارة هنا إلى الأهمية البالغة لمسألة إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي, الذي يؤكد المراقبون والمتابعون للشأن التركي وللخريطة السياسية والحزبية التركية, أنها أكثر المسائل «حسماً» في سباق الرئاسة التركي المحتدم الآن, خاصة أن حزب الشعوب الديمقراطي ليس جزءاً من «تحالف الأمّة» لأحزاب المعارَضة, المنضوية الآن تحت عنوان «طاولة الستة». فضلاً وهذا أكثر أهمية.. أن الحزب الكردي/الشعوب الديمقراطي في صدد ترشيح أحد أعضائه أو من خارجه في انتخابات الرئاسة التركية. ما سيُضعف من قوة المعارّضة, ولا يُتيح لأي مُرشح منها ?حتى إمام أوغلو أو رئيس بلدية أنقرة/منصور يافاش) ناهيك عن كمال كيلتشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري, إذا ما رشحّته أحزاب (طاولة الستة).. في ظل النسبة الحاسمة من الأصوات التي يتوفّر عليها حزب الشعوب الديمقراطي والتي تزيد على 10%. الأمر الذي «قد» ينتهي بعدم موافقة المحكمة الدستورية العُليا على دعوى «الإغلاق» التي رفعتها حكومة أردوغان ضد حزب الشعوب الديمقراطي، هذا إن لم يكن إعلان الحزب الكردي المُعارض «مناورة». كون أُمّ المعارك التي سيخوضها أردوغان ربيع أو صيف هذا العام, تعتمد في جزء رئيس منها على حرمان المع?رضة من أصوات مؤيدي وداعمي حزب الشعوب الديمقراطي الكردي المُعارض. الذي بات حقاً «بيضة القبَّان» في تقرير المستقبل السياسي/والشخصي لأردوغان. عند إطاحته وإخراجه من المشهد السياسي, بعد عقدين من بزوغ نجمه.. ومُتفرِّداً لاحقاً في الفضاءين السياسي والحزبي التركيين.
أضف إلى ذلك كله الاحتمالات التي ما تزال قائمة لانفراط عقد أحزاب «طاولة الستة», رغم اتفاقهم مؤخراً لإعلان اسم «مُرشّحهم» لمنافسة أردوغان في شباط المقبل. وهو إعلان دفع بالرئيس التركي إلى مهاجمة تلك الأحزاب, خاصة إعلان توافقهم, إذا ما فاز مرشحهم ليس فقط بإعادة تركيا إلى النظام «البرلماني» بعدما حوّله أردوغان إلى نظام «رئاسي»، بل وأيضاً في أنهم «سيحكمون» تركيا جماعياً، بمعنى أن مُرشحَهم إذا ما فائز.. فإنه سيتشاور مع الأحزاب «الستة» في القرارات التي ينوي اتخاذها.
في الخلاصة... تبدو معركة الرئيس التركي للتجديد لنفسه لولاية أخرى صعبة ومُعقدة، بل ربما يائسة في ظل استطلاعات الرأي. رغم كل محاولاته الترويج لإنجازاته أو بذل المزيد من الوعود لاسترضاء الناخب التركي, ان لجهة إقرار زيادة في أُجور الموظفين والمتقاعدين ورفع الحد الأدنى للأجور، أم خصوصاً في الزعم بأن اكتشافات حقول الغاز الأخيرة في البحر الأسود, ستكفي تركيا كما قال لعقود طويلة. ناهيك عن تفاخره بالعوائد السياسية والاقتصادية لـ"الدورالمحوري» لتركيا في القضايا الاقليمية والدولية, وبخاصة بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية,?وما تلعبه تركيا على هذا الصعيد, الذي منحها قوة اضافية. زد على ذلك «مُصالحاته» مع دول الجوار العربي/وإسرائيل وبخاصة تلك التي يُروّج لها مع سوريا، رغم الشكوك المتزايدة في كونها «مناورة», أكثر منها محاولة جدية لتصحيح خطايا سياساته العدائية طوال العقد الماضي. وجديدها ما إقترحه مُستشاره السياسي/ ياسين أقطاي بـ«وضع مدينة حلب السورية تحت الإدارة التركية, لمرحلة إنتقالية», لـِ«ضمان العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم».
kharroub@jpf.com.jo