خطاب الموازنة على لسان الوزير!
بسرعة وصف خطاب الموازنة الذي ألقاه وزير المالية أمام مجلس النواب بالعاطفي وهو ليس كذلك ووصف بأنه غير واقعي وهو ليس كذلك.
صحيح أن الوزير حاول بعبارات عاطفية بعض الشيء أن ينقل الواقع المالي كما يتصوره أو كما تصوره المؤشرات لكنه لم يكن صادما كما يجب.
كان على الوزير أن يتعمق أكثر في وصف الحالة، وأن يتعمق أكثر في وصف ما هو قادم، كيف لاقتصاد ضعيف أن يكون متعافيا بينما نشاهد ونتابع ترنح أقوى الاقتصاديات العالمية.
وزير المالية ليس مسؤولا عن انعاش الاقتصاد، بل هي مسؤولية الحكومة والدولة بكل مؤسساتها الرسمية والأهلية.
ليس مطلوبا من وزير المالية أن يكبح التضخم الجامح وهو إلى تصاعد، وليس مطلوبا منه أن يخفض معدلات البطالة وهي إلى تصاعد أيضا.
ما هو المطلوب من وزير المالية في هذه الحالة؟.
عليه أن يتقدم بموازنة انضباطية تخفض النفقات بالحد المعقول دون المس بمستوى الخدمات الحكومية، وعليه أن يعطي صورة واقعية لأوضاع المديونية والعجز وعليه أن يكون صريحا في خطته للاستدانة لتغطية العجز ولاطفاء ديون سابقة في ظل أسعار فائدة عالمية متغيرة وكانها ترسم على رمال متحركة.
أي وزير مالية يتمنى أن يلبي كل المطالب، وأن ينفذ كل المشاريع، ويظفر برضى الجميع، لكن المشكلة أن المال غير موجود لتلبية كل هذه الطلبات، فهل نترك له الباب مفتوحا لأن يستدين أكثر من طاقة الاقتصاد، هل المطلوب أن نغرق في مديونية نضطر معها الى تعويم الدينار وإذا فعل من يتحمل مسؤولية الكارثة التي تأتي بها مثل هذه السياسات غير المسؤولة التي يطالب بها البعض وزير المالية.
حتى الآن كانت إمكانية الاقتراض ورادة، لكنها في المستقبل لن تكون كذلك ليس لأن الاردن غير موثوق وليس لان تصنيفه الائتماني متأرجحا بل لان السيولة المتاحة في الاسواق العالمية ليست كافية ولان اسعار الفائدة العالمية ترتفع بين يوم وليلة ولان العالم منهمك في تغطية تكاليف الحرب في اوكرانيا ولان الاقتصادات الكبرى انكفأت على ذاتها وغرقت في مشاكلها وتحدياتها ركود قد يمتد.
الاقتراض الخارجي سيلاقي بعد الان بعض الصعوبات التي تبدأ برفع سعر الفائدة، وتنتهي بالتردد في تقديم القروض التي يعرف الجميع أنها ستسدد من قروض جديدة أكبر منها وقد لا تكون متوفرة.
هناك من يطالب بطبع النقود فهل بالإمكان تحمل المزيد من التضخم وضعف الدينار وفقدان الثقة بالاقتصاد وهبوط حاد في كل المؤشرات.
الحكومة ومن خلال البنك المركزي اصدرت ما يكفي من سندات الخزينة كديون محلية تجاوزت حتى الان 13.8 مليار دينار والدين الخارجي نحو 15.2 مليار دينار مليارات دينار وهي عملية تعد وجها اخر لطبع النقود.
يجب على التصحيح المالي أن يأخذ مكانه بكل قوة في تصويب الأوضاع المالية حتى لا نتجه بسرعة نحو أزمة جديدة.
qadmaniisam@yahoo.com