حقوق المرأة عند نبينا موسى عليه السلام كليم الله

أ.د. بلال ابوالهدى خماش
مدار الساعة ـ نشر في 2023/01/09 الساعة 16:02
قال تعالى في كتابه العزيز (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ، ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم (آل عمران: 33، 34)). لقد تولى الله رعاية سيدنا موسى منذ طفولته (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (القصص: 7)). وكان نبينا موسى من أكثر الرسل إبتلاءا فقد بعث رسولا في زمن اعتى طواغيت الأرض ظلما وهو فرعون مصر الذي جعل من نفسه إلها (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (القصص: 38)). وعندما خرج موسى من مصر مسرعا خوفا من الفتك به وقتله من قبل آل فرعون (وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ ٱلْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَٱخْرُجْ إِنِّى لَكَ مِنَ ٱلنَّٰصِحِينَ، فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (القصص: 20 و 21)). توجه إلى مدين (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ (القصص: 22)). فعندما وصل ماء مدبن (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (القصص: 23))، وجد عندها عدد من الرعاة يسقون اغنامهم ومن بينهم إمرأتان يمنعان أغنامهما من السقيا ومن الإختلاط بأغنام الرعاة حتى لاتضطران للإحتكاك بالرعاة والحديث معهم فيما لو إضطرتا لفرز أغنامهما عن أغنام الرعاة. فإستغرب موسى من هذا الموقف وتحركت عنده الحمية وسالهما بكلمة واحدة فقط دون مقدمات من الكلام لا داعي له كما يحدث هذه الأيام: ما خطبكما؟ فأجابتا بكل إختصار: لا نسقي حتى ينتهي الرعاة من سقي أغنامهم، وأبونا شيخ كبير، أي لا يقوى على رعي الغنم.
وكان نبينا موسى قوي البنية، قونه بقوة عشرة رجال (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ (القصص: 15))، فسقى لهما وذهب وجلس تحت ظل شجرة (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (القصص: 24)). فذهبت الإمرأتان لأبيهَما فأخبرتاه بما حدث معهما مع موسى عليه السلام، فجاءته إحداهما على إستحياء وإستدعته للقاء ابيها ليحدثه رجل لرجل ويسمع قصته. ليجزيه اجر ما سقى لهما (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا (فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (القصص: 25)). وعلى الفور طلبت إحداهما من ابيها ان يستأجره ليرعى أغناَمهم (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ (القصص: 26)). لأنها رأت فيه صفتي القوة اولا، عندما حرك الصخره من على فوهة عين مدين والتي لا يحركها إلا عدد من الرجال والأمانة ثانيا، عندما ذهب لمقابلة ابيها سار أمامها وهي خلفه تعطيه الإتجاهات حتى لا يشاهد مواصفات جسمها. وعلى الفور والداهَما أحب أن بختاره زوجا لإحدى إبنتيه وهذا محبب في ديننا الإسلامي ان يختار الأب لإبنته الرجل القوي الأمين (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (القصص: 27)). فاجابه موسى على الفور لما رأى من أخلاق وادب وحسن تربية إبنتي الشيخ ما رآه (قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (القصص: 28)).ولكن نبينا موسى قابل الإحسان بالإحسان وأكمل عشرة حجج كما أكرمه عمه وفتح له بيته وزوجه من إبنته. فأين الآن العالم اجمع من حقوق المرأة؟!.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/01/09 الساعة 16:02