قَتَلهم.. كأنهم 'قِطع شطرنج'.. أو عُنصرية 'الرجل الأبيض' وجراِئمه
مدار الساعة ـ نشر في 2023/01/09 الساعة 08:30
هذا ما اعترف به الأمير البريطاني «المُنشق»/ هاري, في مذكراته/كتابه الموسوم «الإحتياطي», الذي يصدر غداً بالإنجليزية ولغات أخرى, بعد أن تم نشر النسخة الإسبانية «خطأً», قبل العاشر من الشهر الجاري.
الإبن المُدلل للعائلة المالكة البريطانية اعترف بأنه وأثناء خدمته القصيرة (مُجرّد «جولتين» في بلاد الأفغان), إبان الغزو الأميركي/البريطاني ولاحقاً بمشاركة حلف شمال الأطلسي الذي وظّفته وتُوظفه الادارات الأميركية المتعاقبة لخدمة استراتيجيتها الكونية ومصالحها الأنانية, رغم أن مهمة الحلف المُعلَنة, هي الدفاع عن أعضائه حال تم الاعتداء عليهم عسكرياً. عِلماً أن الذي اعتدى على أميركا في هجمات الحادي عشر من أيلول 2001 هو تنظيم القاعدة الإرهابي وليس الشعب الأفغاني. ويبقى سؤال المليون: متى اعتدى العراق على أميركا ليجر? استباحته وتدميره وزرع الموت والخراب في أرجائه؟.
ما علينا..
الأمير البريطاني اعترف في كتابه بقتل «25» شخصاً (مدنيّاً بالطبع وليسوا من العسكر), بينما كان طيّاراً حربياً لمروحية أباتشي خلال مشاركته في غزو افغانستان، التي بدأ كما هو معروف في العام 2001 وانتهى بانسحاب أميركي/أطلسي مُذل ومُهين وفوضوي في 14 آب 2021. ولم يتردّد الأمير هاري أو يبدي أي ندم أو اعتذار أو أسف على قتل هؤلاء الأبرياء، عندما قال: إنه كان ينظر إلى هؤلاء الأشخاص الذين استهدفهم بطائرته, على أنهم «قِطع شطرنج، تم إزالتها من اللوح المُخصص لها, مُضيفاً أنه «لم يشعُر لا بالفخر ولا بالخِزي من عمليات القتل?التي تسبّبت في سقوط ضحايا مدنيين (وأحسب أنه يكذب هنا ويُناقض نفسه) لأن بياناً صدر في شباط 2008 ليس فقط أكّد وفق وزارة الدفاع البريطانية أن «الأمير هاري خدم مع الجيش في ولاية هلمند لأكثر من شهرين", بل خصوصاً أن مقر اقامة الأمير أَصدرَ بياناً جاء فيه: الأمير هاري «فخور جداً» بخدمة بلاده في العمليات إلى جانب زملائه الجنود, والقيام بالمهمة التي تدرّب عليها.
المُستعمِرون لا يتدربون سوى على القتل, قديمهم والحديث وتاريخهم الأسود يشهد على ذلك, بدليل ما فعلوه في البلاد التي غزوها وقاموا بإبادة الشعوب الأصلية, كما في الولايات المتحدة وكندا وأميركا الجنوبية واستراليا، إضافة إلى ارتكاباتهم الإجرامية في افريقيا عندما تاجروا بالعبيد ونهبوا ثروات شعوبها كما في بلادنا العربية. ناهيك عن آسيا...غربها والجنوب والشرق, يتساوى في ذلك البريطانيون والفرنسيون والإسبان والبرتغاليون والهولنديون والبلجيك. فضلاً عن حروبهم الصليبية ودائماً وأبداً في رعاية وزرع الكيان الصهيوني العنصري ?لاستيطاني في فلسطين. الذي ما يزال يحظى بالدعم والحماية الغربية وبخاصة من قبل زعيمة العالم الحُر/أميركا, التي تغطي جرائم الصهاينة وتمنحهم مظلة سياسية ودبلوماسية وخصوصاً عسكرية وأمنية واستخبارية بلا حدود أو تحفّظ.
الطريف بل المؤسف والكاشف على عنصرية الرجل الأبيض ووقاحته وصلفه, هي البيانات والتصريحات التي صدرت عن عسكرِيين بريطانيين، «هاجموا"فيها الأمير البريطاني/هاري واتهموه بـ"خيانة الجيش»، وتعريضهم و"الجمهور العام» للخطر، بل أن جنرالاً رفيعاً والقائد السابق للقوات البريطانية في أفغانستان/الكولونيل ريتشارد كيمب قام بـ"تحذير"حركة طالبان من استغلال تصريحات الأمير هاري «السيئة»، في تصريح لصحيفة «تلغراف» البريطانية, مُعتبراً أن «كلمات» هاري ستُغذّي الدعاية الجِهادية لشن هجمات ضد المملكة المتحدة».
مُصدرو تعليمات إطلاق النار على المدنيين والشركاء في قتل مئات آلاف بل ملايين المدنيين, في معظم دول العالم الثالث على يد جيوش المُستعمِرين, لا يعتذرون ولا يندمون بل يواصلون بثّ دعاياتهم المُضّللة والتخفّي خلف شعارات وقِيم تتغنى بالثقافة الاستعمارية في تضاد مع حقوق الإنسان والمواثيق الدولية وتلك التي توصف بشرعة حقوق الإنسان, وهو ما تجلى على سبيل المثال مُؤخراً في تصويت جرى في الجمعية العامة للأمم المتحدة أواسط الشهر الماضي, ينص على «مُحاربة تمجيد النازية والنازية الجديدة، والممارسات الأخرى التي تؤدي إلى تصعيد?الأشكال المُعاصرة, من العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الغرباء وعدم التسامح المرتبط».
صحيح أن مشروع القرار حظي بدعم 120 دولة، وصوّتت ضده 50 دولة فيما امتنعت 10 دول عن التصويت، إلاّ أن اللافت هو تصويت ثلاث دول (من بين الـ50) ضد القرار هي: ألمانيا واليابان وإيطاليا، وهي الدول الثلاث التي «وَرثت» أسوأ الحركات النازية/ألمانيا، الفاشية/إيطاليا، والعسكرة اليابانية. ما عنى من بين أمور أخرى ان أحفاد النازيين والفاشيين والعسكرة اليابانية, لا يعتذرون عمّا فعله الأجداد ولا يرون في تدنيس ذكرى ضحايا هذه الحركات والأحزاب الفاشية عملاً قبيحاً وشريراً.
فهل ثمَّة ما يمكن لقاتل برتبة أمير بريطاني أن يفخرَ به عندما يُزهق أرواح «25» مدنياً, لا ذنب لهم في كل ما جرى ما بالك عندما يقتلون على يد غُزاة ومستعمِرين وناهبي ثروات الشعوب, تُحرّكهم نظرية «تفوّق» الرجل الأبيض ويسيرون على هديها دوماً؟.
kharroub@jpf.com.jo
الإبن المُدلل للعائلة المالكة البريطانية اعترف بأنه وأثناء خدمته القصيرة (مُجرّد «جولتين» في بلاد الأفغان), إبان الغزو الأميركي/البريطاني ولاحقاً بمشاركة حلف شمال الأطلسي الذي وظّفته وتُوظفه الادارات الأميركية المتعاقبة لخدمة استراتيجيتها الكونية ومصالحها الأنانية, رغم أن مهمة الحلف المُعلَنة, هي الدفاع عن أعضائه حال تم الاعتداء عليهم عسكرياً. عِلماً أن الذي اعتدى على أميركا في هجمات الحادي عشر من أيلول 2001 هو تنظيم القاعدة الإرهابي وليس الشعب الأفغاني. ويبقى سؤال المليون: متى اعتدى العراق على أميركا ليجر? استباحته وتدميره وزرع الموت والخراب في أرجائه؟.
ما علينا..
الأمير البريطاني اعترف في كتابه بقتل «25» شخصاً (مدنيّاً بالطبع وليسوا من العسكر), بينما كان طيّاراً حربياً لمروحية أباتشي خلال مشاركته في غزو افغانستان، التي بدأ كما هو معروف في العام 2001 وانتهى بانسحاب أميركي/أطلسي مُذل ومُهين وفوضوي في 14 آب 2021. ولم يتردّد الأمير هاري أو يبدي أي ندم أو اعتذار أو أسف على قتل هؤلاء الأبرياء، عندما قال: إنه كان ينظر إلى هؤلاء الأشخاص الذين استهدفهم بطائرته, على أنهم «قِطع شطرنج، تم إزالتها من اللوح المُخصص لها, مُضيفاً أنه «لم يشعُر لا بالفخر ولا بالخِزي من عمليات القتل?التي تسبّبت في سقوط ضحايا مدنيين (وأحسب أنه يكذب هنا ويُناقض نفسه) لأن بياناً صدر في شباط 2008 ليس فقط أكّد وفق وزارة الدفاع البريطانية أن «الأمير هاري خدم مع الجيش في ولاية هلمند لأكثر من شهرين", بل خصوصاً أن مقر اقامة الأمير أَصدرَ بياناً جاء فيه: الأمير هاري «فخور جداً» بخدمة بلاده في العمليات إلى جانب زملائه الجنود, والقيام بالمهمة التي تدرّب عليها.
المُستعمِرون لا يتدربون سوى على القتل, قديمهم والحديث وتاريخهم الأسود يشهد على ذلك, بدليل ما فعلوه في البلاد التي غزوها وقاموا بإبادة الشعوب الأصلية, كما في الولايات المتحدة وكندا وأميركا الجنوبية واستراليا، إضافة إلى ارتكاباتهم الإجرامية في افريقيا عندما تاجروا بالعبيد ونهبوا ثروات شعوبها كما في بلادنا العربية. ناهيك عن آسيا...غربها والجنوب والشرق, يتساوى في ذلك البريطانيون والفرنسيون والإسبان والبرتغاليون والهولنديون والبلجيك. فضلاً عن حروبهم الصليبية ودائماً وأبداً في رعاية وزرع الكيان الصهيوني العنصري ?لاستيطاني في فلسطين. الذي ما يزال يحظى بالدعم والحماية الغربية وبخاصة من قبل زعيمة العالم الحُر/أميركا, التي تغطي جرائم الصهاينة وتمنحهم مظلة سياسية ودبلوماسية وخصوصاً عسكرية وأمنية واستخبارية بلا حدود أو تحفّظ.
الطريف بل المؤسف والكاشف على عنصرية الرجل الأبيض ووقاحته وصلفه, هي البيانات والتصريحات التي صدرت عن عسكرِيين بريطانيين، «هاجموا"فيها الأمير البريطاني/هاري واتهموه بـ"خيانة الجيش»، وتعريضهم و"الجمهور العام» للخطر، بل أن جنرالاً رفيعاً والقائد السابق للقوات البريطانية في أفغانستان/الكولونيل ريتشارد كيمب قام بـ"تحذير"حركة طالبان من استغلال تصريحات الأمير هاري «السيئة»، في تصريح لصحيفة «تلغراف» البريطانية, مُعتبراً أن «كلمات» هاري ستُغذّي الدعاية الجِهادية لشن هجمات ضد المملكة المتحدة».
مُصدرو تعليمات إطلاق النار على المدنيين والشركاء في قتل مئات آلاف بل ملايين المدنيين, في معظم دول العالم الثالث على يد جيوش المُستعمِرين, لا يعتذرون ولا يندمون بل يواصلون بثّ دعاياتهم المُضّللة والتخفّي خلف شعارات وقِيم تتغنى بالثقافة الاستعمارية في تضاد مع حقوق الإنسان والمواثيق الدولية وتلك التي توصف بشرعة حقوق الإنسان, وهو ما تجلى على سبيل المثال مُؤخراً في تصويت جرى في الجمعية العامة للأمم المتحدة أواسط الشهر الماضي, ينص على «مُحاربة تمجيد النازية والنازية الجديدة، والممارسات الأخرى التي تؤدي إلى تصعيد?الأشكال المُعاصرة, من العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الغرباء وعدم التسامح المرتبط».
صحيح أن مشروع القرار حظي بدعم 120 دولة، وصوّتت ضده 50 دولة فيما امتنعت 10 دول عن التصويت، إلاّ أن اللافت هو تصويت ثلاث دول (من بين الـ50) ضد القرار هي: ألمانيا واليابان وإيطاليا، وهي الدول الثلاث التي «وَرثت» أسوأ الحركات النازية/ألمانيا، الفاشية/إيطاليا، والعسكرة اليابانية. ما عنى من بين أمور أخرى ان أحفاد النازيين والفاشيين والعسكرة اليابانية, لا يعتذرون عمّا فعله الأجداد ولا يرون في تدنيس ذكرى ضحايا هذه الحركات والأحزاب الفاشية عملاً قبيحاً وشريراً.
فهل ثمَّة ما يمكن لقاتل برتبة أمير بريطاني أن يفخرَ به عندما يُزهق أرواح «25» مدنياً, لا ذنب لهم في كل ما جرى ما بالك عندما يقتلون على يد غُزاة ومستعمِرين وناهبي ثروات الشعوب, تُحرّكهم نظرية «تفوّق» الرجل الأبيض ويسيرون على هديها دوماً؟.
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2023/01/09 الساعة 08:30