حكومة احتلال .. وشرعية ملك
نعم لدينا إضرابات داخلية واعتصامات شعبية وهذا أمرٌ صحي سياسياً، وسأذهب بعيدا بكل صراحة أيضا لدينا مشاكل مناطقية وجيوب فقر وما تحت خط الفقر؛ ولكل ما سبق أسباب كثيرة منها الداخلية والتي تنطوي تحت الأداء التنفيذي (الحكومة) والتشريعي (مجلس الامة بفرعيه) من جهة والاقتصاد من جهة أخرى؛ والأسباب الخارجية المتمثلة بالقوة الغاشمة القائمة بالاحتلال للأراضي الفلسطينية عامة والقدس خاصة؛ وآخرين أغرار ذو طموح سياسي يفتقرون للخبرة في التخطيط والدبلوماسية.
نحن دولة عمرها مائة عام؛ وُلِدنا في النار ولكننا لا ولن نحترق؛ لنا القدرة على حل أمورنا الداخلية والخارجية؛ فالأُولى يؤخذ القرار لتصويب الامر تنفيذياً وتشريعياً، واقتصادنا يسير بخطى نحو التغيير ولدنيا تحت تراب هذا الوطن وبين صخوره مُقدّرات تكفينا لسنين طال الزمان او قَصُرْ سنستخرجها؛ والثانية أثبتت به اجهزتنا الأمنية بقيادة القائد العام للقوات المسلحة الأردنية " جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين " قدرتها وبراعتها وحنكتها باستباق أي تصرف تُقبل عليها أي قوى معادية، والقوة القائمة بالاحتلال للقدس وفلسطين التاريخية مثالاً على ذلك.
فتصريحات الملك لـ قناة سي أن أن بقوله " سنتعامل مع أي تجاوز للخطوط الحمراء بخصوص الوصاية الهاشمية "، وتأكيد جلالته بقوله " نحن الأوصياء على المقدسات المسيحية كما الإسلامية في القدس، وما يقلقني هو وجود تحديات تواجه الكنائس بسبب السياسات المفروضة على الأرض، وإذا ما استمر استغلال القدس لأغراض سياسية، يمكن أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة بسرعة كبيرة "؛ لم تأتي هذه التصريحات القوية لمجرد صدفة، وانما تحذير استباقي بأننا نعلم ما تخططون له وتسعون لتنفيذه وبأنه لن يمر الا بالويلات والاستجداء من حكومتكم بإيقاف ردود الفعل الشعبية في المنطقة.
فكان رد حكومة الكيان تخبطي لا دراسة لعواقبه؛ ويدل من جهة اخرى على نجاعة وحرفية الدبلوماسية والأجهزة الأمنية الأردنية ذات العلاقة؛ فاطلق رئيس وزراء الكيان المحتل العنان لأحد المغمورين من وزراء حكومته المحتلة باقتحام المسجد الأقصى المبارك وانتهاك حرمته في خطوة استفزازية مُدانة، وتمثل خرقاً فاضحاً ومرفوضاً للقانون الدولي، وللوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس ومقدساتها، مُدعين عدم اكتراثهم امام الاعلام المحلي من موجات التصعيد الشعبي في المنطقة التي ضاقت ذرعاً من الانتهاكات والاعتداءات الصهيونية المتواصلة على المقدسات المسيحية والإسلامية في الحرم القدسي بالتزامن مع اقتحامات جيش الاحتلال المتواصلة للأراضي الفلسطينية المحتلة.
فسارعت الدبلوماسية الأردنية منذ بداية اقتحام الوزير الإرهابي للحرم القدسي للتحضير السريع ومعها مندوب فلسطين وبعض مناديب الدول العربية في هيئة الأمم المتحدة اليوم الخميس، لعقد جلسة طارئة لبحث التطورات في القدس وخصوصا عمليات اقتحام باحات المسجد الأقصى وعمليات التخريب والتدنيس التي اقترفها مستوطنون في مقبرة مسيحية.
حيث اجتمع مجلس السفراء العرب لدى الأمم المتحدة وممثلون عن منظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز ولجنة ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، مع رئيس مجلس الأمن الدولي المندوب الياباني لدى الأمم المتحدة.
وحتى هذه اللحظة لا تستمع حكومة الكيان المحتل للتحذيرات الدولية؛ بل تضغط حالياً على الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، لمنع صدور بيان من المجلس -خلال الجلسة المرتقبة اليوم- يستنكر اقتحام الوزير الارهابي للمسجد الأقصى.
وحسب وسائل إعلام الاحتلال فإن المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية تلقوا خلال جلسة امنية عقدت اليوم بتفاصيل أمنية من قبل قادة الأجهزة الأمنية للاحتلال تتعلق بتداعيات الاقتحام وردود الفعل الشعبية في المنطقة عامة والداخل الفلسطيني مما يستوجب تقديم تعهدات بعدم تكرار مثل هذه الاقتحامات للحرم القدسي الشريف تحت أي ظرف او تغطية سواء سياسية او دينية؛ لمحاولة التقليل من حدة الغضب الشعبي العربي والاسلامي في المنطقة والعالم، خاصة وان مونديال كأس العالم في قطر اثبت للكيان المحتل وحلفائه انه غير مرغوب فيه سياسيا وشعبيا في منطقة الشرق الأوسط مهما حاول من الالتفاف والمراوغة من خلال ما يعرف بالتطبيع.
ومهما كانت قرارات مجلس الامن اليوم؛ ومدى مصداقية التصريحات القادمة من روسيا و الصين خلال التصريحات الصحافية والمؤتمرات التي عقدت في المنطقة مؤخراً ودعمهما للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني بقيام دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وتأكيدهما على ان لا وصاية على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية هناك إلا للمملكة الأردنية الهاشمية؛ فإن الرسالة وصلت بقوة وتركت أثر واضح امام حكومة الكيان الصهيوني بأن المملكة الأردنية الهاشمية الدولة الأكثر أهمية وتأثيراً على أمنهم القومي في المنطقة.
وانه بالرغم مما يحدث في الأردن من اضطرابات داخلية، وإشكالات مناطقية، تعج بها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في حينه؛ فإنه لن يكون لها تأثيرات وتداعيات على استقرار المملكة؛ فالشعب الأردني يعرف جيداً الدور التخريبي الذي قام به الكيان المحتل في الأزمة السورية، حيث كانت من أهم الداعمين للمنظمات الإرهابية المحاربة للنظام والدولة السورية في الخفاء؛ كما ان الشعب الأردني يعلم بكل جهة ساهمت في التضييق على وطنه مالياً واقتصادياً؛ ومساعي تلك الجهات من ذلك نشوب أحداث ومظاهرات وتحركات ضد الدولة والنظام.
ولهذا سيجد الجميع ممن يحيكون للاردن الدولة والنظام موقفا شعبياً داعماً لكل الخطوات والمواقف التي يتخذها جلالة الملك عبدالله الثاني والجيش العربي الأردني المصطفوي الهاشمي وكافة الأجهزة الأمنية المختصة من أجل حماية أمن الوطن واستقراره، والوقوف صفاً واحداً خلف جلالة الملك الوصي على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس.