الياباني الذي هرب 4 مرات من أشد السجون حراسة

مدار الساعة ـ نشر في 2023/01/04 الساعة 21:20
مدار الساعة -هناك الكثير من قصص الهروب من السجن التي اشتهرت حول العالم، سواء أكانت للطريقة التي نفذت بها، أم الشخص الذي قام بها، أم حتى لعدد الأشخاص الذين نفذوها.
إلا أن قصة الياباني يوشي شيراتوري تعتبر من بين الأغرب بين الهاربين من السجون، وذلك لأن السبب وراء ذلك كان احتجاجاً على معاملة الحراس للمساجين في اليابان، التي كانت تعرف بأوضاعها القاسية.
وعلى الرغم من أنه هرب من السجن لأربع مرات لنفس السبب، إلا أن شيراتوري أصبح يُعتبَر اليوم بطلاً شعبياً يحظى بالتقدير، ويطلق عليه لقب "أسطور" الهروب، حتى إنَّه يوجد بأحد السجون التي هرب منها معرض دائم مُخصَّص له، على شكل مجسمات.
يوشي شيراتوري.. من عامل بسيط إلى مجرم متهم بالقتل
وُلِدَ يوشي شيراتوري سنة 1907 في بلدة جبلية باليابان، تسمى توهوكو، وبعد أن كبر قليلاً شرع في العمل في محل خاص ببيع حلوى التوفي اليابانية الشهير، وبعد ذلك توجه إلى مهمة الصيد.
لكن شيراتوري تعرف في تلك الفترة على بعض الأصدقاء السيئين، الذين قادوه إلى عالم المقامرة، وكذا القيام ببعض الجرائم الصغيرة، التي جعلت اسمه معروفاً لدى الشرطة، ليتم اعتقاله سنة 1936 بتهمة القتل، لكنه أنكر ما نسب إليه، قائلاً إن إحدى العصابات المحلية لفَّقت له التهمة.
لكن من سوء حظه، أثبتت المحكمة تورطه في عملية القتل، وتم إرساله إلى سجن يدعى "أومري"، إلا أن دخول السجن في اليابان كان يعتبر كابوساً حقيقياً آنذاك، وذلك بسبب قسوة المعاملة داخله، حيث كان يتم تعذيب السجناء من طرف الحراس بشكل متكرر.
الهروب الأول ليوشي شيراتوري من السجن
كان السجناء في اليابان يحاولون الهرب دائماً من السجون بشكل مستمر، إلا أن محاولاتهم كانت تبوء بالفشل، ليكون شيراتوري الشخص الذي كسر هذه القاعدة، للانتفاضة على طريقة المعاملة السيئة التي كانوا يتعرضون لها داخل أسوار السجن.
واعتمد شيراتوري خطة ذكية من أجل الهرب من السجن لأول مرة، ففي سنة 1942 بدأ بحفظ جدول الحراس، وحدَّد الثغرات الأمنية هناك، ليعثر على فرصة تمتد 15 دقيقة يمكنه خلالها الهرب من السجن.
وفي اليوم الذي اختاره من أجل تنفيذ الخطة، استيقظ شيراتوري باكراً، وقام بفك قفل زنزانته عن طريق سلك كان قد أخذه خلسة من دلو الحمام، فيما انتزع قطعاً من الألواح الأرضية ووضعها داخل سريره، لتظهر وكأن شخصاً نائم هناك، الأمر الذي منحه وقتاً كافياً للفرار دون البحث عنه، أو معرفة أنه غير موجود في مكانه.
وبعد اكتشاف هروبه، تم إصدار مذكرة بحث في حق شيراتوري، لتتمكن السلطات اليابانية من القبض عليه بعد 3 أيام فقط من هروبه الأول، ليحصل بعدها على الحكم بالسجن المؤبد.
استعان بصوت الرعد للهرب للمرة الثانية من السجن
كانت الحرب العالمية الثانية سبباً في تغير مسار حياة يوشي شيراتوري، الذي أرسل من سجن أومري الذي اعتاده قبل الهرب، إلى سجن أكيتا، الذي يعرف بقساوته.
إذ يتم في هذا السجن تشغيل السجناء في الأعمال اليدوية، فيما كانوا مضطرين للنوم على أرضيات خرسانية، ووضع الأصفاد بشكل مستمر خلال اليوم، حتى وهم نائمون، فيما كان مصير شيراتوري أسوأ، بعد وضعه في الحبس الانفرادي في الوقت الذي لا يعمل به، بسبب سجله في الهروب.
لكن وعلى الرغم من أن نظام هذا السجن كان أسوأ من الذي قبله، إلا أن شيراتوري وجد طريقة جديدة للهرب، بعد أن تخلص من الأصفاد التي كانت تمنع حركته، بجعلها تنزلق، مستعملاً في ذلك ماء المطر.
وخلال تلك الليلة الممطرة، وعندما كان صوت ضربات الرعد قوياً، الشيء الذي شغل الحراس، قام شيراتوري بالهرب من زنزانته عن طريق فتحة التهوية، ليستعيد حريته بعد 3 أشهر فقط من وجوده في سجن أكيتا.
وهذه المرة تمكن شيراتوري من مراوغة الشرطة لعدة أشهر، بعد أن اختار التوجه إلى منزل ضابط شرطة من أجل الاختباء، لأنه كان عطوفاً عليه خلال فترة وجوده في السجن، عكس بقية الحراس الآخرين، لكنه في الأخير قام بالتبليغ عنه، ليعود مرة أخرى إلى السجن.
الهرب من أكثر السجون قساوة ومواجهة حكم الإعدام
بعد هرب يوشي شيراتوري الثاني من السجن، اشتهر اسمه في الصحف، وأصبح يطلق عليه لقب الأسطورة، كونه الشخص الوحيد الذي تمكن من كسر القاعدة، والهرب من سجون اليابان.
وللتأكد من عدم إمكانية هروبه للمرة الثالثة، قررت السلطات اليابانية نقله إلى سجن أشد حراسة من الذي كان فيه، والذي يسمى سجن "أباشيري" الموجود شمالي البلاد، ويطلق عليه لقب السجن الأسود سيئ السمعة.
ومن بين الأسباب التي كانت تمنع السجناء من الهرب من هذا السجن هو موقعه في مكان به الكثير من الثلوج، خصوصاً أنهم كانوا يرتدون ملابس خفيفة، ما يجعلهم معرضين للموت برداً.
فيما لم يكن سجن أباشيري يحتوي على فتحات تهوية فضفاضة أو ثغرات لمدة 15 يوماً في مناوبات الحراس، كما كان الحال في السجون السابقة.
وبعد وصوله إلى السجن، تم حبس شيراتوري بقيود حديدية ثقيلة جداً مُثبَّتة حول كاحليه ومعصميه، وكان الحداد وحده هو الشخص الوحيد الذي يمكنه إزالتها، وعلى الرغم من كل هذا فقد تعهد بالهرب مجدداً.
والطريقة هذه المرة لم تكن لتخطُر على بال أي شخص، إذ كان يقوم بتقطير حساء الميسو، وهو ياباني كان يقدم لهم في السجن، على الأصفاد وفتحة صغيرة في باب زنزانته كان الحراس يُسلِّمونه الطعام منها، بشكل يومي، إلى أن أتلف المرق المالح المعدن ببطءٍ شديد.
وبعد مرور عدة أشهر على خطته، تمكن شيراتوري من التخلص من الأصفاد التي كانت تقيد حركته، فيما قام بخلع كتفه من أجل الهرب من فتحة التغذية في باب زنزانته.
وتمكن يوشي شيراتوري من الاختباء لأكثر من سنة، بعد هربه الثالث هذا، حيث عاش في منجم مهجور يبحث عن التوت ويصيد الأرانب البرية، لتكون وجبات له تؤمّن له لقمة العيش.
لكنَّ أحد المزارعين رصد شيراتوري في النهاية وهاجمه، بعد أن ظنه لصاً، إلا أن نهاية هذا الهجوم كانت بموت المزارع على يد السجين الهارب، ليتم إلقاء القبض عليه من جديد، والحكم عليه بالإعدام.
الهروب الأخير كان سبباً في تخفيف حكمه وإطلاق سراحه لحسن السلوك!
تم حبس شيراتوري في سجن سابورو، حيث تم تخصيص 6 حراس من أجل مراقبته 24 ساعة، وكانت الفتحة الوحيدة في الزنزانة أصغر من رأسه، إلا أن إصراره على الهرب جعله يقرر تنفيذ خطة أخرى، مكنته من تخطي كل طرق المراقبة ومعانقة الحرية من جديد.
وهذه المرة كان شيراتوري يقوم بحفر نفق تحت سريره مباشرة، وذلك في الليل فقط، عندما كان يتوقع الحراس أنه نائم، باستعمال وعاء خاص بالحساء.
لكن الغريب أن شيراتوري كان الشخص الذي أفشى سر نفسه، بعد الهرب، حيث كان جالساً في أحد الكراسي في الشارع إلى جانب ضابط شرطة، وهذا الأخير لم يتعرف عليه، بل وعرض عليه سيجارة، ليقوم بالكشف عن هويته له، ما جعله يعود إلى السجن بعد رابع هروب.
ولحسن حظه، فقد كانت فترة عودة شيراتوري إلى السجن متزامنة مع فترة إصلاحات نظام السجون في اليابان، ليساعده اعترافه بأنه أقدم على الهرب للتخلص من الظروف المهينة التي كان يعيشها، في تعاطف المحكمة، وإعلان أن وفاة المزارع كانت بسبب الدفاع عن النفس، ورفع حكم الإعدام عنه.
وقد كان آخر حكم يصدر في حق شيراتوري هو السجن لمدة 20 عاماً، والذهاب إلى سجن فوتشو في طوكيو بناءً على طلبه.
ولم يحاول شيراتوري الهرب خلال فترته الأخيرة في السجن، إذ أُطلِقَ سراحه مبكراً لحسن السير والسلوك عام 1961، وعاش سنواته الأخيرة بحرية قبل الموت عام 1979.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/01/04 الساعة 21:20