اضطراب الهوية الجنسية ( GD)
هناك بعض الاضطرابات التي تصيب الإنسان ولا زال الحديث فيها جدليا، ومنها اضطراب الهوية الجنسية والذي يعد اضطرابا جنسيا و ليس مرضا عقليا أو نفسيا . ومن أعراضه أن يعاني الشخص معاناة (ليست اختيارية ) من عدم رضا من جنسه التشريحي الذي خلق به عند الولادة (الأعضاء الجنسية الظاهرة ) وبين هويته الجنسية (الاحساس الداخلي للفرد بنوع جنسه) ، فيشعر بالتناقض القوي بين ما هو عليه وبين ما يشعر به ، كما يكون لديه شعور فطري في الانتقال والتحول من جنسه إلى الجنس الآخر ، للخلاص من انقسام الذات الشديد الذي يعيشه ، ويرغب بالتخلص من أعضاءه الجنسية الظاهرة ،و منع تطور خصائصه الجنسية الثانوية ، والحصول على الأعضاء التناسلية والخصائص الجنسية الثانوية للجنس الآخر . كما يلبسون ويتصرفون ويتكلمون وكأنهم من الجنس الذي يرغبون أن يكونوا عليه .
يبدأ هذا الاضطراب في مرحلة تطور الجنين في رحم أمه ، و يبدأ بالظهور عند الذكور في المراحل العمرية المبكرة . وهو أكثر شيوعاً عند الذكور من الإناث . والجدير بالذكر أن أعراض اضطراب الهوية الجنسية لدى الذكور أو الإناث تكون أكثر وضوحًا في سن المراهقة . وما زالت مسببات اضطراب الهوية الجنسية غير معروفة بدقة وغير مفهومة ، ولكن يجمع العلماء أن الاضطراب ينشأ من ارتباط بيولوجي اجتماعي معقد ، له علاقة بالجينات والهرمونات و البيئة واسلوب التنشئة الاجتماعية وخبرات الطفولة والمراهقة ، وقد يكون واحد من هذه الأسباب هو المسيطر وقد تكون الأسباب مجتمعه معا .
يمكن أن يؤدي هذا الاضطراب بمن يعانون منه إلى صراعات ومشاكل وتعقيدات وتعطل بحياتهم و علاقاتهم مع العائلة والأصدقاء والزملاء في مختلف جوانب حياتهم اليومية . كما يتم رفضهم من المجتمع وبالتالي تتكون لديهم الصراعات الشخصية والنفسية ، و تظهر عليهم أعراض الاكتئاب والقلق و المخاوف و العزلة ، وتدني تقدير الذات ، والانقطاع عن النشاطات والعمل و الدراسة ، وأحيانا اضطرابات تعاطي المخدرات ، والشعور السلبي بالحياة ، وزيادة خطر إيذاء النفس وبالتالي الانتحار بمراحل متقدمة .
الكثير من المصابين باضطراب الهوية الجنسية يلجؤون ببعض البلدان المؤيدة للتدخل الجراحي ؛ للتحول من جنس لآخر . وليس من السهل لدى الأطباء إجراء عمليات التحول الجنسي ، إلا بعد أن يتم اجراء اختبارات اضطراب الهوية الجنسية ، على أن تكون هذه الاختبارات شاملة ومتكاملة من الناحية النفسية والطبية (فحوصات الكروموسومات ، الهرمونات ، والحمض النووي ، والفحوصات النفسية المكثفة ) للتحقق من أسباب الاضطراب ونتائجه . و كل حالة تختلف بطريقة علاجها عن الأخرى وهذا ما يحدده فريق الأطباء والشخص نفسه ،فالبعض يتجه للعلاج بهرمونات الذكورة والأنوثة للتخفيف من أثر الحالة ، والبعض الآخر يتجه لتغيير كامل من خلال التدخل الجراحي الذي يعد من اكثر التدخلات تكلفة مادية .
من المهم أن نكون حريصين كأولياء امور للطريقة التي نتعامل بها مع أبناءنا منذ الصغر ، فكما ذكرت سابقا إن لطريقة التنشئة دور مهم في تحديد الهوية الجنسية للطفل ولكنها ليست السبب الوحيد ، من المهم أن نلتفت للمشاكل السلوكية والانفعالية التي قد تحدث مع أبناءنا بمرحلة الطفولة ونعالجها بالتدخلات المبكرة اذا أمكن ولا نتجاهلها ، فليست كل مشاكل الطفولة تختفي مع الوقت .