.. (وإِن عُدتم عُدنا)
إن المجابهات السياسية التي يخوضها الأردن والضاربة في عمق القضايا العربية والقومية والإسلامية باتت ترسم ملامح الأردن الذي لا يقبل المهادنة أو التراجع عن المواقف الثابتة التي تؤكد شرعية الأردن في حمل الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والتي سوفَ تبقى عربية المَنبت في عيون بني هاشم وهنا جاءت رسالة جلالة الملك الواضحة لإسرائيل قبل ساعات من إعلان نتنياهو عن تشكيل حكومته بأن أي سياسات باتجاه القدس سوف تقابل بتعاملات حازمة نستذكرُ من خلالها الأزمة الحادة للعلاقات التي استمرت قرابة الأربع س?واتٍ مع نفس هذه الحكومة ليكون تأكيدُ جلالة الملك هنا بأن لا مكان لإسرائيل إلا مع حقوق الفلسطينيين ليتضح هنا بأن المرحلةَ القادمةَ هي مرحلةٌ سياسيةٌ صعبة بإمتياز خصوصًا وأن هذه المجابهة سوف تكون مع حكومةٍ إسرائيلية عرفتْ بأنها اليمينية الأكثر تطرفًا في تاريخِ الحكومات الإسرائيلية وهنا كانت الاشارات واضحةً في لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني مع قناةِ ال CNN والذي مررَ من خلالها رسائل حازمة تؤكد للمجتمعِ الدولي ولإسرائيل موقفَ الأردن الراسخ في هذا الاتجاه ويذكرُ الجميع باللاءات الثلاثة والاستعداد للصدام مع الص?يونيةِ المتطرفةِ وتقديم مصلحة القدس وإبقائها حاضرةً في كل الاتجاهاتِ الراميةِ إلى تشكيل رأيٍ عامٍ عالمي ينصفُ حق الفلسطينيين ويبعدُ أي محاولاتٍ لتهويد القدس بأي شكلٍ من الأشكال وكانت الحنكةُ السياسية حاضرةً في لقاء جلالة الملك عندما أكد أن للشعبِ الإسرائيلي حقّ اختيار من يقودهُ عندما قال (نحن جميعًا على استعدادٍ للمضي قدمًا وسنعمل مع أي شخصٍ وكل شخصٍ طالما أنه يمكننا جمع الناس معًا) لتكون الإشارةُ واضحةً هنا بأن مواقفَ الأردن لم ولن تتغير وفقًا لطبيعةِ أفكار الطرف الآخر وأن الأردن مستعد للدخول في أي صراعٍ ?ذا كان هناك محاولة من الآخرين لتجاوزِ الخطوط الحمراء أو التغوّلِ على المبادئ الثابتة والواضحة.
سيبقى عمقُ العلاقات الأردنية الفلسطينية خالدًا وجزءًا لا يتجزأ من قناعات جلالة الملك الذي تصدى لكل العقباتِ السياسية والاقتصادية التي طالتْ الأردن نتيجةَ مواقفهِ الثابتة وهنا لا بد من الإشارة إلى عمقِ التناغم بينَ الرأي السياسي والشعبي في هذا الاتجاه ليكون وقوفُ الشارع الأردني واضحًا خلف رسالةِ جلالة الملك ودعمهُ اللامتناهي لجميعِ الحقوق والمطالبات الفلسطينية المشروعة وعلى رأسِها القدس التي كانت ومازالتْ وستبقى شقيقة عمان في فكر جلالة الملك ووجدان الشعب فالثوابتُ الأردنية في العلاقاتِ مع الجانبِ الصهيوني ت?درجُ وفقَ المفاصل الواضحة التى كانت في عام ٢٠١٩ (لا للتوطين ولا للوطن البديل والقدسُ خطٌ أحمر) وهنا يجب أن نستذكرَ بأن هذا الموقف كان ضد صفقةِ القرن ومشروع الضم الذي تبنته نفس هذه الحكومة بقيادةِ نتنياهو.
(إن الباقورة والغمر ليستْ عنكم ببعيدٍ) ثقتنا بجلالة الملك كبيرةٌ وقدرته على المجابهةِ عظيمةٌ فالأردن لا يلينُ ولا يستكينُ ولا يُساومُ على أرضٍ أو مقدساتٍ وجدَ كالجبلِ المنيع في وجهِ الرياح الآثمة تدعمهُ قوةُ إرادتهِ السياسية والشعبية فهو العاكفُ على الأرضِ والمضحي من أجلها، اعتادَ على تقديمِ الشهداء والبذل والعطاء والحب والوفاء فكان صاحبَ الفضل والسبق يسيرُ إلى السلام وهو ممتطي جوادَ الإقدام يضعُ نصبَ عينيه ثقةَ الواثق وسلامَ القوي فكان النهجُ واضحًا والقول حازمًا (إذا سِرتُم نحو السلام سِرنا وإذا اخترتُم ?لصدام فنحنُ مستعدون).