لكي ننجو من القادم

علاء القرالة
مدار الساعة ـ نشر في 2023/01/02 الساعة 00:59

في البداية لنتفق جميعا باننا في هذا الوطن وبمختلف شرائحه نعيش في مركب واحد، فان غرق غرقنا وان نجا نجونا وفي كلتا الحالتين الرابح والخاسر واحد، ولذلك ومن اجل الوصول في مركبنا الى وجهته المقررة وسط هذه الامواج العاتية لا بد لنا من الشراكة جميعا بالتجذيف باتجاه بر وشواطئ الامان، وترك خلافاتنا ومطالبنا الفئوية وبمختلف اشكالها وراء ظهورنا، وذلك لان القادم علينا اقتصاديا صعب للغاية.

نعم اقتصادنا حاليا مستقر بل يشهد نموا مميزا وبمختلف المجالات المالية والنقدية والتصديرية والاستثمارية وبمختلف القطاعات الاقتصادية، وكذلك اسواقنا تشهد استقرارا من حيث توفر السلع وبمختلف اشكالها وثبات اسعارها رغما من ارتفاعها عالميا، غير اننا وفي ضوء حالة عدم اليقين العالمي بقرب انتهاء جائحة كورونا والسيطرة عليها وعدم انتهاء الحرب الروسية الاوكرانية الدائرة والبطء العالمي بمعالجة المشاكل الناجمة عن المتغيرات المناخية بسبب الانبعاثات الكربونية، يجعلنا نقدر ونتوقع ان القادم صعب لا محالة، وبان العالم الذي نحن جزء منه يتغير وبشكل متسارع ولربما يخرج عن السيطرة في اي لحظة، ما يدفعنا الى الدعوة الى التشارك والصبر وتغيير انماط الاستهلاك لننجو من تبعاتها الجهنمية.

في الحقيقة نحن دولة مستهلكة فنستورد معظم السلع من الخارج وهذا ما يثبته ويؤكده الميزان التجاري للمملكة، الامر الذي يجعل من تأثرنا في الاحداث العالمية والازمات العالمية امرا حتميا لا بل مؤكد، فان ارتفع النفط في العالم ارتفع علينا وان ارتفع القمح والسكر والرز والزيت وغيرها من السلع الاساسية كذلك ارتفعت علينا، وهذا يستدعي منا جميعا ان نذهب فورا الى ترشيد الاستهلاك بطريقة مسؤولة من الجميع والتوجه الى الزراعة والصناعة لضمان تحقيق اكتفاء ذاتي من الغذاء والدواء لتجنب الارتفاعات العالمية والمحافظة على نسب التضخم وفق مستويات مقبولة، بالاضافة الى التوجه سريعا الى اعتماد الطاقة المتجددة وتكثيف جهود التنقيب والاستكشاف لايجاد الثروات التي تغنينا عن استيرادها وتزيد من قوة اقتصادنا.

اليوم لدينا رؤية اقتصادية حملت في كل ما فيها مواجهة كل تلك التحديات التي نواجهها حاليا، ورسمت خارطة طريق لكي نقلص الفجوة ما بين المستوردات والانتاج المحلي وتعظيم الصادرات، بالاضافة الى انها ايضا مبنية على التشاركية ما بين الجميع في تنفيذها من قطاع عام وخاص ومواطنين، الامر الذي يستدعي التعامل مع تنفيذ كل بنودها بجدية وصولا الى تحقيق اهدافها السامية والتي تقوم على خدمة المواطنين وتحسين حياتهم المعيشية.

ختاما، دائما وفي الازمات تحديدا ومواجهتها تكون اكثر الطرق فعالية لمعالجتها تكمن في المكاشفة والوضوح والشفافية وذلك من خلال اشراك المواطنين بكل ما يحدث في العالم والمنطقة ووضعهم في صورة كل المتغيرات وحقيقة الاوضاع الاقتصادية التي نعيشها ويعيشها العالم، وذلك لحث المواطنين على تغيير انماط الاستهلاك والابتعاد عن المطالبات الفئوية وتهيئتهم لاي متغير قد يطرأ على اسواقنا من اسعار وتوفر سلع، وذلك لتجنب حدوث احتجاجات ومطالبات اقتصادنا في غنى عنها ولا يمكن له ان يتحملها وخاصة اذا ما استمررنا في الافراط في بث الاطمئنان غير المنطقي.

مدار الساعة ـ نشر في 2023/01/02 الساعة 00:59