هل يصِل قطار 'التطبيع' السوريّ ــ التركِيّ... الى محطته 'الأخيرَة'؟
تطوّران دراماتيكيّان ميّزا الأسبوع الأخير من العام الذي طوى أشرِعته فجر اليوم, كان أكثرهما إثارة هو إجتماع موسكو «الثلاثي» الذي ضمّ وزراء دفاع سوريا, تركيا وروسيا (إضافة الى رئيسي المخابرات السوري والتركي), بكل ما قد يترتّب عليه لاحقاً من تطورات واستحقاقات وتحالفات (وربما عداوات وحروب), حال اكتسبَ زخماً مُتدحرِجا يمكن التنبؤ بنتائجه.
أما الحدث الثاني الذي لا يمكن تجاهله او التقليل من شأنه ــ إقليمياً ودولياً أيضاً ــ فهو وصول حكومة الفاشيين الصهاينة ودعاة أرض إسرائيل الكاملة, وخصوصا زمرة داعمي مشروعات الضمّ والتهويد والأسرَلَة, الى سدة الحكم في دولة العدو العنصرية, والإحتمالات المفتوحة لإنزلاق الأمور الى ما هو أسوأ. عبر مواصلة آلة القتل الصهيونية نهج القمع والبطش والتنكيل والإعدامات الميدانية, وتوسّع الإستيطان ومصادرة الأراضي, ما سيجد طريقه الى ساحات المواجهة, بين جموع الشعب الفلسطيني الأعزل وجيش الإحتلال.
حكومة اليمين المُتطرِّف هذه وجَدت ترحيبا من إدارة بايدن, التي أعلنت انها «تتطلع» للتعاون مع نتنياهو, وإن كانت أصدرتْ تصريحات كلامية ــ لزوم العلاقات العامة ــ تقول: «إنها تتمسّك بحل الدولتين, وتُعارِض السياسات التي تُعرِّضه للخطر», دون ان تُدين الإتفاقات العنصرية والقمعية والإستيطانية, التي وقّعها نتنياهو مع شركائه في كتلة الصهيونية الدينية/ بن غفير,سموترتش وماعوز, او مُجرّد التلويح بمقاطعتهم.
ما علينا..
التصريحات السورية والتركية التي أعقبت لقاء موسكو الثلاثي, بدت شبه متقاربة, إن لجهة الإيجابية التي تحدث عنها مسؤولون سوريون وأتراك، أم في ما بدا تمهيداً للخطوة التالية التي ستكون ذروة أو تتويجاً لسلسلة الإجتماعات التي بدأت على مستوى استخباري, ما لبثت أن انتقلت الى درجة أعلى (وزراء الدفاع وقادة الأجهزة الإستخبارية)، الى أن جاءت إشارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار اللافتة بقوله: إنه «بعد التطورات الإيجابية في هذه المرحلة من خلال المحادثات بين الوزراء أو رؤساء الإستخبارات في كل من تركيا وسوريا", فـ"من الممكن ع?د لقاء بين القادة (أردوغان/والأسد) إذا كانت الظروف مناسبة».
صحيح ان تصريح الجنرال التركي/أكار صيغ بكلمات ومصطلحات حذِرة ومحسوبة, إلاّ أنه ما كان ليطلقها لولا حصوله على ضوء أخضر من القصر الرئاسي، حيث كان الرئيس التركي أعلن أكثر من مرّة أنه «لا يستبعِد عقد قمة مع نظيره السوري", بل أكثر من ذلك عندما قال لاحقاً أنه «طلبَ من الرئيس الروسي/بوتين جمعه مع الرئيس الأسد».
في الأثناء...بدا ردّ الإدارات الأميركية وربيبتها «قوات سورية الديمقراطية/قسد مُرتبكاً ومُتشنجاً وإن كان غير مفاجئ. إذ دعت واشنطن الى «مُراجعة تاريخ هذا النظام (المقصود سورية)"’ لكنها لم تنتقد تركيا أقلّه في المرحلة الراهنة، ربما رهاناً الى إمكانية دفعها للتراجع. فيما دعت قوات «قسَد» الى مواجهة «التحالف الثلاثي وإسقاطه». أما هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) فقد «حذّرتْ» تركيا من مغبة المصالحة» مُذكّرة إيّاها بـ"التهديدات على أمنها القومي من قِبل النظام السوري»، ناهيك عن التظاهرات التي نظمتها التنظيمات ?لإرهابية في محافظة إدلب وبعض المناطق الخاضعة للإحتلال التركي في الشمال السوري.
فهل ثمّة «مُخرجات» ملموسة لاجتماع موسكو الثلاثي؟.
صحيفة الوطن السورية أضاءت في عددها أول أمس/الجمعة على الموضوع الأكثر اهمية وهو وفق الصحيفة.."موافقة تركيا على الإنسحاب الكامل من الأراضي السورية التي تحتلها في الشمال السوري، إضافة – والقول للصحيفة – الى تأكيد انقرة احترام سيادة وسلامة الأراضي السورية. كما تمّ «البحث» في تنفيذ الإتفاق الذي تمّ عام 2020 بخصوص فتح طريق M4 (الواصل بين حلب واللاذقية), وثمّة نقطة مُشتركة أخرى تمّ التأكيد عليها – أضافت الصحيفة – وهي أن ميليشيات PKK هي «ميليشيات عميلة لأميركا واسرائيل وتُشكِّل الخطر الأكبر على سوريا وتركيا.
ماذا قالت تركيا؟.
جاء في بيان وزراة الدفاع التركية الذي صدر مباشرة بعد لقاء موسكو الثلاثي (28/ 12) ان «الإجتماع عُقد في جوّ بنّاء, وناقش الأزمة السورية ومشكلة اللاجئين والجهود المشتركة لمحاربة (كل) التنظيمات الإرهابية في سوريا", مضيفاً أنه تمّ الإتفاق على استمرار الإجتماعات «الثلاثية» لضمان الإستقرار والحفاظ عليه في سوريا والمنطقة ككل.
في المجمل... ما تزال الصحف التركية تُسرّب المزيد من الأخبار والتحليلات والاحتمالات المفتوحة التي يمكن أنه تترتب على اللقاء الثلاثي او المخاطر التي تنتظره, فضلاً عن إعادة أسطوانة «ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن 2254» واشترط مشاركة المعارضة في الحكم. لكن المؤشرات تشي بأن انقرة ولأسباب خاصّة بها, معنية بمواصلة مسار «المصالحة» مع دمشق, وهو ما قد تُؤيده أو تدحضه وقائع ومعطيات الأسابيع المقبلة.
kharroub@jpf.com.jo