حكم التهنئة بالاعياد الدينية
مدار الساعة ـ نشر في 2022/12/31 الساعة 21:11
مدار الساعة- أولا علينا التفريق بين الاعياد الدينية والاعياد الشخصية لاتباع الديانات الاخرى.
فقد حض الاسلام على التودد لأهل الكتاب وطالب المسلمين ببرّهم. والبر هنا من أعلى مراتب الفعل الحسن. لكن هذا البر على ان لا يتعارض مع ما يؤمن به الطرفين: المسلمين من جهة واهل الكتاب من جهة اخرى. اما في المناسبات الشخصية فمن المستحب جدا ان يتودد المسلمين بالتهنئة لمعارفه من اهل الكتاب.
اما فيما يتعلق بالاعياد الدينية فهذا امر لم يترك لرأي المسلم الشخصي. بمعنى. انت من مكانك مسلم وهو من مكانه اهل كتاب. تتعايشون وتتوددون لبعضكما بحكم الانتماء الى البشرية اولا والقومية ثانيا والوطن ثالثا.
هنا يأتي سؤال مركزي: هلعيد الكريسمس ديني؟
نعم ديني. ويتعارض بالمطلق مع عقيدة المسلم. من حيث يؤمن المسلم بالتوحيد. من هنا اتفق العلماء على ان التهنئة بالاعياد الدينية لاهل الكتاب حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيم - يرحمه الله - في كتاب ( أحكام أهل الذمة ) حيث قال : " وأما التهنئة بشعائر اهل الذمة المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول: عيد مبارك عليك ، أو تهْنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس ، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه ، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنّأ عبداً بمعصية أو بدعة ، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه ." انتهى كلامه - يرحمه الله - .
وإنما كانت تهنئة اهل الكتاب بأعيادهم الدينية حراماً وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضى به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنّئ بها غيره ، لأن الله تعالى لا يرضى بذلك كما قال الله تعالى : إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم وقال تعالى : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ، وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا .
وإذا هنؤنا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك لأنها ليست بأعياد لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى ، لأنها إما مبتدعة في دينهم وإما مشروعة لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً إلى جميع الخلق ، وقال فيه : ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين . وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام ، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها .
وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ،أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من تشبّه بقوم فهو منهم . قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه : ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) : " مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء " . انتهي كلامه يرحمه الله .
ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو توددا أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم .
والله المسئول أن يعز المسلمين بدينهم ، ويرزقهم الثبات عليه ، وينصرهم على أعدائهم ، إنه قوي عزيز . ( مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين 3/369 ) .
مدار الساعة ـ نشر في 2022/12/31 الساعة 21:11