أُوكرانيا إذ تدعو لـِ'قِمة سلام'... من دون 'روسيا'؟!!
في أحدث مؤشرات على تخبّط الدبلوماسية الاوكرانية, أو قل شعورها المزيف بفائض قوة لا أحد يعرف مصدره, أو ما يثبت تكريسه على أرض الواقع وساحات المعارك الدائرة الآن في جنوب وشرق أوكرانيا. أعلن وزير الخارجية الاوكراني/ديمترو كوليبا قبل يومين, أن حكومته تهدف إلى عقد «قِمة سلام» بحلول شباط القريب، مُفضلاً سعادته ان تكون في مقر الأُمم المتحدة في نيويورك, وبحضور أمين عام المنظمة الدولية/غوتيرش كـ"وسيط مُحتمل»، مع إقتراب ذكرى انطلاق العملية الروسية الخاصة (24شباط 2022).
إلى هنا تبدو تصريحات كوليبا، جزءاً من حملة إعلامية أوكرانية لم تتوقّف, للظهور بمظهر «الضحية»، ربما أسهمت زيارة الرئيس الأوكراني/زيلينسكي لواشنطن مؤخراً، في منح كييف شعوراً بأن «زعيمة العالم الحُر» وأتباعها في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وخصوصاً حلف الناتو، لن يتخلّوا عنها تمويلاً وتسليحاً ودعماً سياسياً ودبلوماسياً، بعد أن بدأت دعوات الاعتراض والرفض المحمول على تذمّر من شعوب تلك البلدان, ضد كل هذا «السخاء» الغربي, فيما مواطنوها يُواجهون صعوبات معيشية وارتفاع في الأسعار وتضخّم, وانتقادات لا تتوقف لسياسات الح?ومة الأوكرانية, التي تُبرزها مراكز أبحاث وكُتَّاب أعمدة بل ونواب في برلمانات دول غربية عديدة..ومنها الكونغرس الأميركي بجناحيه, والبرلمان الأوروبي.
كوليبا الذي أعلن أنه «راضٍ تماماً» عن نتائج زيارة رئيسه لواشنطن, كاشفاً النقاب عن أن الحكومة الأميركية وضعتْ «خطة خاصة» لتجهيز بطارية صواريخ باتريوت للتشغيل في بلاده وخلال «أقل من ستة أشهر»، ومؤكداً أن أوكرانيا ستقوم بكل ما في وسعها لِـ"الفوز"بالحرب في العام 2023، قال/كوليبا ردّاً على سؤال حول ما إذا كانت موسكو ستُدعى لحضور القمة العتيدة التي يقترحها؟..: أنه «يجب» أولاً إجراء مُحاكمات «جرائم الحرب في محكمة دولية».. ما يعني من بين أمور أخرى ليس فقط، رفض كييف حضور «الدولة» التي يسعى لهزيمتها في العام الجديد,?بل وأيضاً في «يقينه» أن محكمة دولية كهذه قد باتت في متناول يد واشنطن وكييف، وأن قادة روسيا لن تتم دعوتهم لحضور قمة سلام كهذه، يُدرك كثيرون أنها لن تُعقد ولن تجد حماسة حتى من أقرب الداعمين لنظام كييف. ناهيك عن أن رئيس الدبلوماسية الأوكرانية قام بوضع جدول أعمال القمة المذكورة, مُقرراً «تنصيب» أمين عام الأمم المتحدة «وسيطاً» بعد أن أسبغ عليه رضاه, قائلاً عنه «لقد أثبت أنه وسيط ومُفاوض فعَّال, والأهم من ذلك – أضاف – أنه «رجل مبادئ ونزاهة». في الوقت ذاته الذي قلّل فيه من أهمية تصريحات المسؤولين الروس بأن «موسكو?مستعدة للمفاوضات»، لافتاً في تهكّم: انهم يقولون دائماً أنهم مستعدون للمفاوضات، وهذا – واصلَ كوليبا – غير صحيح، فكل ما يفعلون في ساحة المعركة يثبت عكس ذلك».
ماذا عن موسكو؟.
لم يُثر اقتراح كوليبا حول «قمَّة السلام» التي اقترحها أي رد فعل في العاصمة الروسية، ربما شعوراً منهم بأن اقتراحاً كهذا لن يجد طريقه إلى التنفيذ، فيما كان رئيس الدبلوماسية الروسية/لافروف, يُوجّه أول أمس/الثلاثاء «تحذيراً» لأوكرانيا بـ"ضرورة تلبيته مطلب موسكو بـ"نزع السلاح»، واجتثاث النازية، وكذلك القضاء على التهديد العسكري لروسيا", وإلا – أضاف لافروف – فـ"إن الجيش الروسي سوف يحسِم القضية».
ولم يُوفر لافروف الولايات المتحدة وأتباعها في حلف الناتو, من اتهاماته بتأجيج الحرب في أوكرانيا لِـ"اضعاف روسيا", قائلاً: إن الأمر يعتمد على كييف وواشنطن في «إطالة أمد الصراع من عدمه».. مُواصلاً القول: إن الولايات المتحدة وأصدقاؤها في حلف الناتو بالإضافة إلى أوكرانيا كما قال, يُريدون هزيمة روسيا في «ميدان المعركة» من أجل تدميرها.
أين من هناك؟.
مساران متناقضان لكل من موسكو وكييف (والدول الداعمة للأخيرة)، ما يعني أن احتمال انعقاد «قمة السلام» المُقترحة أُوكرانياًّ لن تُعقد، وأن المعارك لن تتوقف بقرار أميركي في ما يبدو. إستمراراً للرِهان الأميركي, الناتوي والبريطاني, على إضعاف روسيا وعزلها وإجبارها على الإذعان. وهو رهان تدحضه المؤشرات الميدانية, كذلك ما يقوله قادة عسكريون أميركيون وبريطانيون وأوروبيون, كما مراكز أبحاث ودوائر إستخبارية كان آخرها يوم أمس ما قالته رئيسة مركز الأبحاث الفرنسي «جيويراغما»، كارولين غالاكتيروس, بأن «روسيا لا تظهِر بوادر ضعف او إنعزال على عكس آمال الغرب»، مُضيفة أن «الغرب يُواجه توطيداً للدول التي تُريده, أن يتوقّف عن اعتبار نفسه القوة المُهيمِنة على العالم». وأن وأوروبا أصبحت «هدفاً اقتصادياً» في الصراع.
فـَ"مع مَن تريد أوكرانيا أن تصنع السلام..إذاً"؟.