الفيصلي ... كلنا مع الوطن، كلنا معك
محمد داودية
تعرض شبابنا الى شحنة ثقة وافية، بعثت فينا اعتزازا وطنيا كنا نحتاجه. فقد حقق نادي الفيصلي، نادي الوطن العريق، إنجازا مرموقا بعبوره برزخا ضيقا، وبلوغه المباراة النهائية لبطولة العرب بكرة القدم، التي ستقام مساء يوم غد الاحد في الإسكندرية.
كان بارزا التفاف أبناء الأردن، خلف فريق الفيصلي، على قاعدة هي: كل الأردنيين يقفون مع النادي او اللاعب الذي يمثل الأردن في الخارج، دون لحظة توقف عند الانحياز النادوي والمنافسة التقليدية داخل الوطن. وهكذا نقف كلنا مع النادي الفيصلي.
صديقي الفاكهاني بشار الجبالي قال لي: اسمع يا أبو عمر، انا دمي وحداتي. لكن في الخارج، انا مع الفريق الذي يمثل بلدي الأردن وللعلم فإن الآلاف من أبناء جباليا يشجعون الآن النادي الفيصلي.
بشار وشقيقه علي الجبالي، وزعا كنافة على المارة والجيران "حلوان" فوز الفيصلي.
في المقابل، بكى اشقاؤنا المصريون، شبابا ورجالا واطفالا ونساء، كما شاهدنا هنا في الأردن وعلى الفضائيات في مصر. لم يذهب الكثيرون من المصريين الى العمل، كما قال لي أبو علي حارس الحارة. توحد شعب مصر الحبيب، خلف النادي الأهلي المصري العريق، دون توقف عند الانحياز النادوي والمنافسة التقليدية داخل مصر.
عشرات القيادات الرياضية والإعلامية والسياسية كتبوا بهذا الاتجاه ودعوا الى وحدة الشعب خلف النادي الفيصلي وإرجاء الحساسيات التقليدية وابرزهم معالي سعيد شقم الذي كتب على صفحته على الفيسبوك:
"احببت ان اقول رأيي كرياضي اولا وكرئيس نادي وكوزير سابق للشباب والرياضة: لن يفرح رياضي حقيقي في بلدنا لخسارة الفيصلي لا سمح الله. لا نفكر بالخسارة بل بالفوز للفيصلي. وانا شخصيا وادارة الأهلي، نتمنى الفوز الكامل في البطولة للفيصلي، لأنه سيكون رسالة واضحة وممتازة عن كرة القدم الأردنية، ويدفع الاندية للتنافس الايجابي بينها. نتغنى بأن اي ناد يلعب باسم الاردن فهو يمثلنا، فلنترجم هذه المقولة الى مساندة للفيصلي الان والى نهاية البطولة".
وكتب معالي مالك حداد ومعالي يحيى يخلف من رام الله واللواء المتقاعد محمد امين الجعبري من الخليل والإعلامي نصر المجالي والإعلامية بريهان قمق وكايد مصاروة وزهرية الصعوب ولانا الجغبير امين عام اللجنة الأولمبية الأسبق وعبدالمهدي التميمي وعاطف صافي النبالي والشاعرة عطاف جانم وهاشم الزيادات العبادي وعصام عبيدات وشكيب محاسنة من اميركا وسندس نايف المعاني وادولف الصويص وعزام البطاينة ونايف أبو دلبوح وهلال بركات وايمن ادعيس. والكثيرون الكثيرون كتبوا مؤكدين على الوقوف خلف الفيصلي دون توقف عند انتمائهم النادوي.
لقد أفرحنا النادي الفيصلي بفوزه في المباريات الأربع التي لعبها. وعلينا ان نستخلص من فوز الفيصلي، أسباب الفوز التي تصلح ان تكون بوصلة للفوز في حقول الرياضة والتجارة والصناعة وغيرها.
تتوفر للنادي الفيصلي قيادة محنكة مجربة كريمة راسخة. ورغم ما تعرض له من مؤامرات وضيعة على حقب متعددة، الا ان الشيخ سلطان الماجد العدوان ظل يقدم لرياضة كرة القدم الأردنية، ما قلت عنه ذات يوم، انه اكثر مما قدمته وزارات الشباب والرياضة مجتمعة.
هذا التراث العريق من العطاء بسخاء، ما يزال مشتعلا ومتوقدا، ويجد امتداده في شخص بكر سلطان العدوان الذي يقود العمل اليومي للنادي الفيصلي بنكران ذات ومثابرة وتفانٍ.
وتوفق النادي الفيصلي بالمدرب المبدع نيبوتشا، الذي يتعامل مع الفريق المنافس خطوة خطوة. يعطي الإشارة، فينقلب اداء فريق الفيصلي من هجوم الى دفاع، او من دفاع الى هجوم، حسب حركة الفريق المنافس. لقد خاض هذا المدرب اكثر من 20 مباراة لم يخسر اية مباراة منها، أسوأ نتيجة له كانت التعادل في مبارتين فقط.
ويجدر ان نلاحظ ان هذا المدرب المبدع كان مغمورا ابان تدريبه فريق هجر السعودي واصبح مشهورا حين درّب الفيصلي. ونفهم ان طاقات المدرب كبيرة وابداعية لكنها تحتاج الى أدوات لتعبر عن نفسها.
وتتوفر للنادي الفيصلي كوكبة من اللاعبين الافذاذ الذين يرتبطون بقيادة النادي وبإسم النادي وبمدرب النادي وبجمهور النادي بروابط متينة وباحترام وافر. لاعبون يتميزون بالقوة والالتزام والانضباط في التنفيذ والمهارات والاستجابة الإبداعية للتحدي.
كما يتميزون بتفانٍ في اللعب تحت اقسى الظروف الضغوط من اجل اسم ناديهم في الداخل، ومن اجل اسم الأردن في الخارج.
ويقف في عرين النادي الفيصلي حارس المرمى الوحش معتز ياسين الذي يصنفه النقاد الرياضيون انه افضل حارس مرمى وافضل لاعب في البطولة.
كل هذه العناصر الرئيسة التي يتمتع بها النادي الفيصلي جعلته يقول بواقعية واقعية شديدة لكن بلا تواضع: جايين نرجع بالكاس.
كرة القدم تؤمن بالعطاء في الملعب. لا تؤمن بالتاريخ و لا بالالقاب. هذا ما يؤمن به لاعبو الفيصلي -لم يؤمن به لاعبو الأهلي المصري- وعبر عنه بوضوح لاعب الفيصلي الليبي المبدع اكرم الزوي.
تحية لأبناء الأردن في كل مكان لوقفتهم الوطنية البهية مع فريقهم الذي جلب لهم الفرح وكشف عن قدرات أبناء الأردن في احد الميادين، الذي هي مقطع عرضي لكل الميادين.
الدستور