تحديات حرية 'العمل الاستراتيجي'.. لـ'إسرائيل' (2 ــ2)

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2022/12/26 الساعة 00:46

عطفاً على مقالة الأمس حول موضوع الدراسة المُعمّقة, لطاقم «معهد السياسة والإستراتيجية» (IPS) الإسرائيلي, برئاسة اللواء إحتياط/ عاموس جلعاد. والتي تم إعدادها على ضوء فوز تحالف اليمين الصهيوني المتطرف برئاسة نتنياهو والكتل المُتحالفة معه..الحريديون (شاس ويهدوت هاتوراة), وثلاثي الصهيونية الدينية (سموترتش,بن غفير وموشيه غفني).

نقول: لم تقتصر الدراسة على ما أوردناه أمس من تحليل وإضاءة على تلك التحديات التي إدّعى واضعو الدراسة انها تواجه «حرية العمل الإستراتيجي» لدولة العدو, بعدما زعموا «تمتّع» اسرائيل بـ«ذخائر» إستراتيجية مُتنوعة، في مقدّمتها «العلاقات الخاصّة» مع الولايات المتحدة, والى جانبها العلاقات مع «دول السلام والتطبيع»، ثم القوة العسكرية والاقتصادية وجهاز قضاء مُستقِل وقويّ. هذه الذخائر – تُضيف – تُؤثِّر على صورة اسرائيل كقوة عظمى اقليمية، وتسمح لها باستخدام القوة ومواصلة الإستثمار في بناء القوة. بشكل يحفظ تفوّقها النوعي ?لى أعدائها وخصومها.

ماذا «أضافتْ» الدراسة عن التحدّيات الإستراتيجية؟:

التحدّي الأول: الساحة الفلسطينية – تفجّر أمني وتحدّ سياسي – قانوني.

تُشكِّل الساحة الفلسطينية اليوم التحدي الاستراتيجي الأكثر شحناً, والذي سيتعين على الحكومة الجديدة ان تُعطي له جوابا بسبب التفجر الامني (ولا سيما في شمال السامرة)، والذي يُهدد بالانتقال الى مناطق اخرى في يهودا والسامرة، الى جانب التهديدات التي تنطوي عليها الابعاد السياسية والقانونية.

أبو مازن، الذي توجد مكانته العامة في درك أسفل غير مسبوق، يُشخص الوقت الحالي كلحظة مناسبة وكفرصة للدفع قدما بمعركة سياسية وقانونية ضد اسرائيل. وقد وجدَ هذا التفكير تعبيره مؤخرا في توجّهات من السلطة الفلسطينية الى الامم المتحدة لطلب فتوى محكمة العدل الدولية في لاهاي بالنسبة لـ «الاحتلال الإسرائيلي المتواصل»، وفي توجّهات للمدعي العام في محكمة الجنايات الدولية للشروع في تحقيق ضد اسرائيل. في الاسبوع الماضي برز ابو مازن حتى في قول في مقابلة مع شبكة «العربية» وجاء فيه بان من شأنه ان يفكر لاحقا بالعودة الى الكفاح ?لمسلح.

التحدّي الثاني: إيران – تعاظم التهديد

إن صرف الاهتمام العالمي نحو مسائل اكثر اشتعالا وعلى رأسها الحرب في اوكرانيا، أزمة الطاقة والتضخم المالي المتزايد الى جانب المساعدة الايرانية في المجهود الحربي الروسي والقمع الوحشي للاضطرابات في الداخل، تخلق واقعا تكون فيه امكانية الوصول الى اتفاق نووي جديد متدنية للغاية. في ضوء ذلك، وبدون خلق تهديد مصداق وملموس، فان ايران هي التي تُمسِك بالاوراق في أيديها بالنسبة لوتيرة تقدم المشروع النووي.

التحدّي الثالث: الساحة العالمية – المنافسة المتزايدة بين القوى العظمى.

ان زيارة الرئيس الصيني «شي» للسعودية وسلسلة الاتفاقات الاقتصادية التي وُقّعتْ في اثنائها, تعكس ارتفاع درجة في العلاقات الثنائية بين الدولتين. وقد أبرز السعوديون الزيارة والاستقبال الحار للرئيس/شي (بخلاف الاستقبال البارد الذي استقبل به الرئيس بايدن قبل نحو نصف سنة), في ما بدا كمحاولة لتحذير الإدارة الأميركية من أن للرياض بديلا استراتيجيا مساوي القيمة. كل هذه تشكل تعبيرا عن منظومة العلاقات الأميركية المُركّبة مع دول الخليج والتغييرات التي طرأت في السياسة الخارجية السعودية في السنوات الأخيرة، مثلما وَجدت تعبي?ها في الرفض الثابت من جانب الرياض للاستجابة للطلبات الأميركية المساعدة في تخفيض أسعار النفط.

المعاني والتوصيات:

إضافة الى ما ورد أمس تُضيف الدراسة توصيات أخرى على النحو التالي:

في السياق الفلسطيني:

رغم مواقف الحكومة الوافدة الأيديولوجية الواضحة، نُوصي بان يبدي قادتها تفهّما لحساسية وهشاشة الواقع الحالي في يهودا والسامرة, والذي من شأنه أن يتطور بسرعة الى تهديد استراتيجي حاد من ناحية إسرائيل. في المرحلة الأولى على الأقل نُوصي الحكومة بالامتناع عن تنفيذ خطوات ثورية ولا سيما تلك التي تضعضع مكانة السلطة وتُغير وجه الواقع في يهودا والسامرة.

في السياق الدولي:

ليس للتحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة بديل, والقدرة على بلورة جواب شامل للتحدّي المتزايد من جانب ايران, تعتمد بشكل مطلق على التعاون بين الدولتين. سيتعين على الحكومة ان تعمل بكل سبيل للحفاظ على العلاقات الخاصة وعلاقات الثقة مع الإدارة (ضمن أمور أخرى على خلفية رواسب الماضي بين رئيس الوزراء المُرشّح وبين الإدارة الديمقراطية) ويهود الولايات المتحدة, وذلك كي تضمن دعم الإدارة في صد إجراءات ضد إسرائيل في المؤسسات الدولية وفي الساحة القانونية.

في ضوء المواجهة المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، نَقترح على الحكومة الجديدة ان تُبدي حذرا زائدا في التعاون مع الصين، ولا سيما في السياقات التكنولوجية والبنى التحتية الوطنية وتصعيد الرقابة على المحاولات الصينية لشراء شركات إسرائيلية.

حيال روسيا نُوصي الحكومة بأن تُواصل الوقوف الى جانب أوكرانيا, وتحويل المساعدة لها وفقا للخطوط الحمراء من جانب روسيا في كل ما يتعلّق بتوفير منظومات الدفاع الجوي.

kharroub@jpf.com.jo

مدار الساعة ـ نشر في 2022/12/26 الساعة 00:46