نفاع.. من (جيبه الخاص)
مدار الساعة ـ نشر في 2017/08/03 الساعة 20:48
الشخصيات الأردنية العاملة بصمت كثيرة، وترفض غالبا أن يُقال عن إنجازاتها إعلامياً، وتُفضّل أن تستمر في أدائها الصامت، لكن هناك من يلوم هذه الشخصيات، فإنجازاتها تظل بدون معرفة أو تداول باستثناء "الأقلية المُنْصِفة" التي تعرف الإنجازات الصامتة، فالعديد من السفراء الأردنيين في الخارج يكلفون الخزينة الرسمية للدولة مبالغ فلكية للسفير الواحد، فيما العديد من السفراء لا يعودون على الخزينة بأي عوائد أو فوائد، علما أن السفير يقيم في الخارج مُنعّما ومُرفّها بدون أن يصرف "قرش واحد"، عكس منصب القنصل العام الذي يتولى الإنفاق على كل ما يتطلبه عمله القنصلي من "جيبه الخاص".
يبرز في هذا "الوجع الوطني" اسم القنصل الفخري الأردني لدى هنغاريا زيد نفاع الذي يشرف على "تشبيك نادر" لصالح الأردن والأردنيين، دون أن يظهر اسمه في عمليات "شو إعلامية مدفوعة الأجر"، فقلة أردنية تعرف فقط أن نفاع أمّن للأردن 400 منحة دراسية لطلبة أردنيين، فيما سفراء لم يستطيعوا أن يأتوا بـ"مقعد واحد" لطالب أردني، وهذا ما يصنع الفرق بين سفير يأخذ من جيب الدولة، وقنصل فخري يضع في جيبتها، إذ أن القصص التي تؤكد منجزات نفاع لا يمكن حصرها في مادة صحفية تأتي لإنصاف "الرجال الوطنيين الصامتين"، و "الصامدين" أمام حملات افتراء وتشويه، ومساع حاقدة لتقزيم المنجزات، وحجبها عن الرأي العام.
عام 1990 عندما تقطعت السبل بطلبة أردنيين كانوا يدرسون في جامعات هنغارية، توقف أهاليهم في الكويت التي غُزِيت من قبل القوات العراقية، وتوقفت فيها مظاهر الحياة عن إمدادهم بالأموال اللازمة لإكمال دراستهم، فقد تولى نفاع عملية تسديد رسومهم لدى الجامعات الهنغارية، دون أن يعلن هذا الأمر، قبل أن يوجه الأهالي والطلبة الشكر لرجل لا يعرفونه، وغالبا لا تظهر صوره في الصحف ووسائل الإعلام، إذ اعتبر القنصل نفاع أن ما قام به لا يستحق الشكر بل هو "واجب وطني" سيفعله مع أي أردني تتقطع به السبل.
رجل مُنْكر لذاته مثل نفاع أخذ على عاتقه "مهمة مستحيلة" في العام 2000، وهي مهمة لم تستطع أن تقوم بها أكثر من حكومة في أكثر من دولة تضررت من تدهور الوضع السياحي بسبب أحداث انتفاضة الأقصى عام 2000، فنفاع وحده وعبر علاقاته المُسخّرة لخدمة وطنه تمكن من جلب 150 ألف سائح أوروبي سنويا وعلى امتداد خمس سنوات، وعبر رحلات طيران عارضة، وهو ما أسهم في إنقاذ السياحة في العقبة، التي توقفت فيها السياحة تماما في تلك السنوات عبر البرامج التقليدية.
لم يطلب نفاع أي منصب، مثلما لم يطلب طيلة السنوات الماضية أي "أجر أو شكر"، لكنه حري بكل الأردنيين الشرفاء أن يلتفتوا بصدق وإيثار وثناء لبصمات وطنية وضعها نفاع، وهو ما يستوجب وساما وطنيا رفيعا كـ"كلمة شكر"، ولو متأخرة لعطاءات هذا الرجل التي لم تتوقف حتى لحظة كتابة هذه السطور.
مدار الساعة ـ نشر في 2017/08/03 الساعة 20:48