كلهم يفكرون بالطريقة نفسها
مدار الساعة ـ نشر في 2022/12/21 الساعة 02:53
قبل اسبوعين تقريبا، وكعادتي، ذهبت سيرا على الأقدام إلى تلك الفلاة، وهي ارض واسعة في الطرف الشمالي من عمان، ارتاح فيها قليلا من السير، ثم أعود للمنزل، لكنني رأيت ذلك اليوم رجلا كبيرا في السن، شعره ابيض «جدا»، ويرتدي «ثوبا»، ويسير بطريقة يدرك العارف بأنها فاقدة للوقار وفيها خفة، يتجول بين السيارات المتوقفة على جانب الشارع، ويبتعد قليلا عن الشارع، ثم يعود، ويسير كما المسوس جيئة وذهابا، على طريق مزدحم بالسيارات، وحين مددت جسدي تحت أشعة الشمس، مرتخيا، توقفت عن متابعة الرجل، وبعد أقل من ربع ساعة، إذا به يقف يبتعد عني مسافة أمتار، ففهمت بأنه رآني وحيدا في تلك المنطقة وانجذب نحوي، لأنه يسير على غير هدى..
عن بعد؛ وقبل أن يطرح السلام، قال (والله أحسن اشي تقعد لوحدك على التراب)، فإذا بالشخصية التي تخيلتها بعد متابعة تصرفاتها، تقف أمامي كنتيجة سريعة لتوقعاتي، واستعدت كلماته بسرعة، فوجدت بأنها لهجة أردنية متكلفة، وجاء في بالي استنتاجين عن هويته، لا ثالث لهما، وبعد أن جلس أمامي بلا استئذان، قلت له: منين انت الله يحييك، ولم أكن أعني الأخيرة فعلا، لأنني لم أكن أرغب بوجود أحد معي ولا حولي، واريد الحفاظ على عزلتي التي أسرّي بها عن نفسي، وأريح ذهني ولساني..
قال لي: من الجولان.. فقلت له يعني يهودي، فضحك الشايب وقال لأ أنا سوري...
وشرع يتلو قصته وقصة المعاناة السورية، رغم عدم طلبي ولا اهتمامي، وإذا به يحمل أوراقا في جيبه، وهي وثائق بأسماء اولاده وبناته ال 23، من ثلاث نساء..
ثم رغب بإلقاء مزيد من معلومات عنه وعن حياته التي كانت مرفهة في بلد خليجي، وسفراته لسويسرا وغيرها..ولم اندهش أيضا، وقلت له بكلام خشن:
تستاهلوا.
تفاجأ الرجل الذي يبدو أنه (لعب على ألف دف ودف في حياته)، ونظر في عينيّ مباشرة، متسائلا:
ليش شو جريمتنا؟!.
فقلت له: جريمتكم أنكم خربتم بيتكم بأيديكم، ثم شرع ثانية في سردية ظلم النظام للشعب ..الخ، فأجبته:
ربما، لكن انتم المجرمون، ألا تتذكر أن احتجاجات الشعب المزعومة، كانت تنطلق أمام شاشات تلفزة، ومات أكثر من 100 عسكري سوري بأياد خفية غادرة، قبل أن يسيل دم مواطن سوري واحد؟.
فقال بلى، وحاول أن يستمر بالحديث، فقلت مترفقا به ومحاولا تغيير الموضوع:
وأنت جريمتك مضاعفة، حين تزوجت 3 نساء.
فإذا به جاهز أيضا لهذا الحديث، فأعدته للحديث الأول، وقال :
والله إنك بتحكي صح، بس ما قدرنا على ولادنا يا عمي، كانوا يطلعوا مع المظاهرات رغم محاولات منعنا لهم..
جيل ما بفهم ولا بسمع.
فوقفت عند هذه النتيجة، وأكدت:
نعم جيل؛ الله يعينه على حياته ومأساته، إنه كما الحيطان، بلا آذان، ولا عقل له، ولا ينظر إلى الأمام مطلقا..
ومنذ ان قام الرجل نادما على (تلويدته) باتجاهي، وصادر وحدتي، وأنا أشعر بالذنب من قسوة حديثي معه، ولم تغادرني صورته، لكن حديثي له بدأ يقفز (هواجسَ) في ذهني، كلما سمعت أو قرأت شيئا عن الإضرابات والاحتجاجات الدائرة في جنوبنا منذ ما قبل لقائي بالختيار السوري.. فجريمة السوريين بحق وطنهم تتكرس في ذهني، بعد كل نبأ عن احتجاجاتنا السلميّة.. و(الفلميّة).
دعونا من المغفلين، وفاقدي الوعي، الغاضبون، الذين يعميهم الغضب، فهم بؤساء، وفي الوقت نفسه، هم مشاريع مخرّبين لبلدهم وبيوتهم، مدمّرين لحيواتهم (فوق دمارها)، فالتجار بالأزمات كثر، ومن كل المستويات:
مرضى نفسيون، حد الجنون، وحاقدون، يتحدثون وكأن لديهم ثأرا عند الحكومة والدولة ورجال الأمن، ولا يريدون ان تصل للناس جملة واحدة محترمة، تبين أن في الدولة مسؤولا واحدا محترما.. فلا حديث عندهم غير أن الحكومة تسرق الناس، وأن سائر مسؤولي الدولة فاسدون، عملاء، والجيش والأمن يقوما بحمايتهم.. ويتعزز خطابهم عبر شياطين، قذفهم مرضهم خارج الحدود، فأصبحت مهنتهم ونظرتهم للبلد هي نظرة الشيطان نفسه، وهو نفس الشيطان الذي خرب سوريا، حين كان يتسلل ويقتل الشرطة، ثم تدخلت شياطين اكبر حجما وأكثر تنظيما و»مالاً»، فبدأت بتسريب السلاح للغاضبين من الشعب المبتلى، والذي جاءه الدور ليخرب بلده، ويشتت أهلها، وبين عشية وضحاها، أصبحت بلادهم مستودع سلاح وجريمة، وتشكلت فيها ميليشيات.. اشي يساري اشي يميني، اشي مخدرات اشي سلاح.. كل المخربين الحاقدين على سوريا، شكلوا لهم كيانات مدعومة بالسلاح والمال من الخارج!.
لا أريد التوسع بالحديث عن هؤلاء الأنجاس، الذين يتولون المنابر والشاشات، ويدخلون الى بيوت عزاء الشهداء، ويتحدثون باسم الجنوب أو باسم غيره، يشيطنون الأمن والدولة، وكل من يملك رأيا غير رأيهم وتفكيرهم المريض، وينزّهون حتى الشياطين عن الشر والجريمة، فيقدمون أنسب بيئة لمزيد من الفوضى.
رحم الله شهداء الأمن العام، العسكر الكرام، الذين ما بخلوا عن ريّ هذا التراب بدمهم، ليعيش الأردن وناسه وحتى حيواناته وكلابه.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عن بعد؛ وقبل أن يطرح السلام، قال (والله أحسن اشي تقعد لوحدك على التراب)، فإذا بالشخصية التي تخيلتها بعد متابعة تصرفاتها، تقف أمامي كنتيجة سريعة لتوقعاتي، واستعدت كلماته بسرعة، فوجدت بأنها لهجة أردنية متكلفة، وجاء في بالي استنتاجين عن هويته، لا ثالث لهما، وبعد أن جلس أمامي بلا استئذان، قلت له: منين انت الله يحييك، ولم أكن أعني الأخيرة فعلا، لأنني لم أكن أرغب بوجود أحد معي ولا حولي، واريد الحفاظ على عزلتي التي أسرّي بها عن نفسي، وأريح ذهني ولساني..
قال لي: من الجولان.. فقلت له يعني يهودي، فضحك الشايب وقال لأ أنا سوري...
وشرع يتلو قصته وقصة المعاناة السورية، رغم عدم طلبي ولا اهتمامي، وإذا به يحمل أوراقا في جيبه، وهي وثائق بأسماء اولاده وبناته ال 23، من ثلاث نساء..
ثم رغب بإلقاء مزيد من معلومات عنه وعن حياته التي كانت مرفهة في بلد خليجي، وسفراته لسويسرا وغيرها..ولم اندهش أيضا، وقلت له بكلام خشن:
تستاهلوا.
تفاجأ الرجل الذي يبدو أنه (لعب على ألف دف ودف في حياته)، ونظر في عينيّ مباشرة، متسائلا:
ليش شو جريمتنا؟!.
فقلت له: جريمتكم أنكم خربتم بيتكم بأيديكم، ثم شرع ثانية في سردية ظلم النظام للشعب ..الخ، فأجبته:
ربما، لكن انتم المجرمون، ألا تتذكر أن احتجاجات الشعب المزعومة، كانت تنطلق أمام شاشات تلفزة، ومات أكثر من 100 عسكري سوري بأياد خفية غادرة، قبل أن يسيل دم مواطن سوري واحد؟.
فقال بلى، وحاول أن يستمر بالحديث، فقلت مترفقا به ومحاولا تغيير الموضوع:
وأنت جريمتك مضاعفة، حين تزوجت 3 نساء.
فإذا به جاهز أيضا لهذا الحديث، فأعدته للحديث الأول، وقال :
والله إنك بتحكي صح، بس ما قدرنا على ولادنا يا عمي، كانوا يطلعوا مع المظاهرات رغم محاولات منعنا لهم..
جيل ما بفهم ولا بسمع.
فوقفت عند هذه النتيجة، وأكدت:
نعم جيل؛ الله يعينه على حياته ومأساته، إنه كما الحيطان، بلا آذان، ولا عقل له، ولا ينظر إلى الأمام مطلقا..
ومنذ ان قام الرجل نادما على (تلويدته) باتجاهي، وصادر وحدتي، وأنا أشعر بالذنب من قسوة حديثي معه، ولم تغادرني صورته، لكن حديثي له بدأ يقفز (هواجسَ) في ذهني، كلما سمعت أو قرأت شيئا عن الإضرابات والاحتجاجات الدائرة في جنوبنا منذ ما قبل لقائي بالختيار السوري.. فجريمة السوريين بحق وطنهم تتكرس في ذهني، بعد كل نبأ عن احتجاجاتنا السلميّة.. و(الفلميّة).
دعونا من المغفلين، وفاقدي الوعي، الغاضبون، الذين يعميهم الغضب، فهم بؤساء، وفي الوقت نفسه، هم مشاريع مخرّبين لبلدهم وبيوتهم، مدمّرين لحيواتهم (فوق دمارها)، فالتجار بالأزمات كثر، ومن كل المستويات:
مرضى نفسيون، حد الجنون، وحاقدون، يتحدثون وكأن لديهم ثأرا عند الحكومة والدولة ورجال الأمن، ولا يريدون ان تصل للناس جملة واحدة محترمة، تبين أن في الدولة مسؤولا واحدا محترما.. فلا حديث عندهم غير أن الحكومة تسرق الناس، وأن سائر مسؤولي الدولة فاسدون، عملاء، والجيش والأمن يقوما بحمايتهم.. ويتعزز خطابهم عبر شياطين، قذفهم مرضهم خارج الحدود، فأصبحت مهنتهم ونظرتهم للبلد هي نظرة الشيطان نفسه، وهو نفس الشيطان الذي خرب سوريا، حين كان يتسلل ويقتل الشرطة، ثم تدخلت شياطين اكبر حجما وأكثر تنظيما و»مالاً»، فبدأت بتسريب السلاح للغاضبين من الشعب المبتلى، والذي جاءه الدور ليخرب بلده، ويشتت أهلها، وبين عشية وضحاها، أصبحت بلادهم مستودع سلاح وجريمة، وتشكلت فيها ميليشيات.. اشي يساري اشي يميني، اشي مخدرات اشي سلاح.. كل المخربين الحاقدين على سوريا، شكلوا لهم كيانات مدعومة بالسلاح والمال من الخارج!.
لا أريد التوسع بالحديث عن هؤلاء الأنجاس، الذين يتولون المنابر والشاشات، ويدخلون الى بيوت عزاء الشهداء، ويتحدثون باسم الجنوب أو باسم غيره، يشيطنون الأمن والدولة، وكل من يملك رأيا غير رأيهم وتفكيرهم المريض، وينزّهون حتى الشياطين عن الشر والجريمة، فيقدمون أنسب بيئة لمزيد من الفوضى.
رحم الله شهداء الأمن العام، العسكر الكرام، الذين ما بخلوا عن ريّ هذا التراب بدمهم، ليعيش الأردن وناسه وحتى حيواناته وكلابه.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/12/21 الساعة 02:53