وافرضوا أن الحكومة استقالت ..

ابراهيم عبدالمجيد القيسي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/12/18 الساعة 00:19

المواطن؛ البعيد عن النخبة، او البعيد عن المسؤولين العاملين، نعذره، حين يعبر عن همّه بطريقة مقبولة، فهو بالتأكيد، ليس صانع قرار، ولا يشارك باتخاذه، وحتى حين يتكلم، أو يتألم، فهو لا يملك الحقيقة، ولا تصله معلومة حقيقية عن الأداء السياسي العام، وبالتأكيد هو أبعد ما يكون عن المعلومة الاقتصادية والإدارية، التي تعتمدها الدولة في إدارة الشأن العام، فمثل هذا المواطن، لو طالب مثلا بإقالة وزير أو حكومة، فهو معذور، ولا يملك غير الكلام الذي يتناهى الى سمعه، ويتنامى في عقله ونفسه، فيعبر بطريقة بسيطة، غالبا لا تنال اهتمام الجميع لأنها غير موضوعية..

أما حين يبرز، بل يطل برأسه، نائب أو عين، أو مسؤول ما، ويطالب بإقالة حكومة، أو يهدد بطرح الثقة عنها، فهو بهذا يقفز قفزة بهلوانية، ويحاول تبرئة نفسه من إثم، ومن تقصير ما، يستغل الظرف، وحاول إلصاقه بالحكومة !!.

من قال إن الحكومات هي المسؤولة عن الأزمات المركبة، المزمنة؟.. إن تحدثنا بقانون ومسؤوليات، ومهمات، فالمسؤول الأول هم النواب، فهم من ارسلهم الشعب ينوبون عنه في الرقابة والتشريع، ولو قامت كل الأردن وانتقدت الحكومات، فالحقيقة أن كل الأردن، وكل الشعب، هو المسؤول الفعلي، لأنه ومنذ أكثر من 30 عاما، وهو يختار ممثليه الذين نسميهم سلطة تشريعية..

«الولولة»، وكل التعليلة الشعبوية التي يثيرها بعضهم، هي فصل آخر من فصول الشعوذة واللعب بالبيضة والحجر، وهي مكشوفة للناس، فإن كانت شعبية الحكومة بمقدار 50% مثلا، فإن شعبية مجلس النواب لن تبلغ ربعها..

افرضوا جدلا؛ بان الحكومة استقالت اليوم، فما الفتح الوطني والسياسي، الذي تحقق؟.. هل مجيء حكومة جديدة سيحل المشكلة الاقتصادية؟ هل ستكتشف وتستخرج بحور نفط؟

إن أقصى ما يمكن أن تفعله الحكومات هو الاقتراض، فهو أكثر عمل يعطي أثرا فوريا على الحياة العامة، لكنه تأثير مخادع، يزيد من مشكلتنا ولا يحلها، وأعتقد بأن هذه الحكومة هي أقل الحكومات اقتراضا نسبة لحجم الأزمات وعجز الموازنات، فتغيير حكومة لم ترتكب خطأ واضحا، هو شعوذة وعمل غير موضوعي، فكل المشاكل المستعصية كما قلنا سابقا، ليست من عمل هذه الحكومة، بل هي جاءت «لترقّع» ما فتّقته حكومات قبلها، كانت تسعى لطول العمر في الدوار الرابع، من خلال الاقتراض وترحيل الأزمات، وتستطيع هذه الحكومة أن تكذب عليكم وعلى المستقبل، ويمكنها ترحيل المشاكل للحكومة التي تليها، وإنني متأكد بأن الحكومة سوف تقدم استقالتها لو كان البديل الترحيل والمماطلة وشراء الشعبويات، بالإقتراض والكذب والاحتيال السياسي.

المشاكل الاقتصادية مستعصية، وقديمة، ولا يمكن أن نجد لها حلولا سحرية، وعلى الجانب الآخر، المواطن أيضا «واقع»، ولا يستطيع مجاراة الحياة ومتطلباتها وأعبائها، والوضع غير بسيط.. ولا أدعي معرفة حل، ولا أزعم بأن هناك فسادا وسرقة للمال العام، وأن عوائد مشتقات البترول يتم السطو عليها.. هذه رواية «ثورجية»، وفيها ظلم كبير للدولة، وإن احتجنا أن نتأكد منها أو نحقق فيها، فالمفروض أن عندنا مجلس نواب، هذا عمله..

على أي حال، لو كان مطلب الناس تغيير مسؤولين، لكان المطلب حل مجلس النواب قبل استقالة الحكومة.

مدار الساعة ـ نشر في 2022/12/18 الساعة 00:19