اختتام فعاليات الموسم الثقافي الأربعين لمجمع اللغة العربية (صور)
مدار الساعة -انطلقت فعاليات الموسم الثقافي الأربعين لمجمع اللغة العربية الأردني يوم الخميس الحادي والعشرين من جمادى الأولى عام ١٤٤٤هـ، الموافق للخامس عشر من كانون الأول ٢٠٢٢م، الذي حمل عنوان "اللغة العربية والتواصل الحضاري"، حيث تضمنت الجلسة الأولى التي ترأسها الأستاذ الدكتور علي محافظة، عرضًا لثلاثة أبحاث: الأول بعنوان "الدور المأمول من اللغة العربية في تعزيز التواصل الإيجابي بين الحضارات"، قدمه عضو المجمع الأستاذ الدكتور إبراهيم بدران، والثاني بعنوان "دور اللغة العربية في نشر الحضارة العربية الإسلامية في العالم المعاصر"، قدمه عضو المجمع الأستاذ الدكتور فتحي ملكاوي، والثالث بعنوان "الترجمة إبداعًا، ألمنة النصوص العربية في الشعر الألماني في القرن التاسع عشر"، قدمه الأستاذ الدكتور زياد الزعبي، أستاذ النقد الأدبي في جامعة اليرموك.
وأشار الدكتور بدران في بحثه إلى أن العلاقة بين الثقافة والحضارة علاقة جدلية عالية الديناميكية، وأن تبادل المعارف والبيانات أو التواصل المعرفي بين المجتمعات محرك رئيسي في التواصل الحضاري، مشيرًا إلى الازدهار الحضاري الذي شهدته المنطقة العربية من خلال ترجمة الأعمال من العربية إلى اللغات اللاتينية والإسبانية، ودور اللغة العربية الرائد في نقل المعارف والعلوم والفلسفة إلى أوروبا، داعيًا إلى العمل على تفعيل اللغة لتكون منظومةً من منظومات التواصل الإيجابي مع الحضارات الأخرى المعاصرة.
وتحدّث الدكتور ملكاوي في بحثه عن ظاهرة التواصل الحضاري بين المجتمعات البشرية، وأثره العميق في فكر الشعوب وثقافتها، متطرّقًا إلى علاقة اللغة العربية باللغات الأخرى، وطرق إبراز أهميتها في التواصل الحضاري، مشيرًا إلى المحتوى العربي في الشابكة العالمية، وبرامج تدريس العربية للناطقين بغيرها، والترجمة من العربية وإليها، مختتمًا بالحديث عن التحديات التي تواجه اللغة العربية، وحضورها التواصلي في العالم المعاصر.
وأشار الدكتور الزعبي في بحثه إلى ظاهرة رحلة الأدب العربي إلى الآداب الأوروبية واستقبالها فيها على صور وأشكال مختلفة متعددة، وتحدّث عن ألمنة النصوص العربية، وهي النصوص التي تمثلتها نخبة من الشعراء الألمان في القرن التاسع عشر، وعمدت إما إلى ترجمتها ترجمة حرة، أو إلى نقلها إلى اللغة الألمانية مع الاحتفاظ الكامل ببنيتها النصية والدلالية دون تغيير ذي بال، مما جعل بعض هذه النصوص أقرب إلى الترجمة منها إلى المحاكاة أو المضاهاة.
وتضمنت الجلسة الثانية التي ترأسها عضو المجمع الأستاذ الدكتور محمد عصفور، عرضًا لثلاثة أبحاث: الأول قدمه الأستاذ الدكتور موسى ربابعة من جامعة اليرموك بعنوان "جهود المستشرق الألماني المعاصر "توماس باور" في نشر الحضارة العربية الإسلامية"، والثاني قدمه الأستاذ الدكتور عمر الغول مدير مكتبة الحسين بن طلال في جامعة اليرموك بعنوان "دور اللغة العربية في نقل الفكر اليوناني: البرديات أنموذجًا"، والثالث قدمه الأستاذ الدكتور عبدالكريم جرادات أستاذ اللغة الفارسية في جامعة آل البيت بعنوان "دور اللغة العربية في نشر الحضارة الإسلامية في آسيا: إيران أنموذجًا".
وقد تطرّق الدكتور الربابعة في بحثه إلى عدة محطات، منها: ارتباط الاستشراق في بداياته الأولى بالدراسات اللاهوتية، واكتشاف العالم الإسلامي من منظور الرؤية الرومانسية التي ترى في الشرق والعالم العربي عالمًا من الدهشة والسحر، والكم الهائل من الدراسات الجديدة التي تقف من الإسلام موقف الآداب، حيث يتمظهر ذلك من خلال الدراسات التي جاءت بعد كتابة إدوارد سعيد لـ "الاستشراق".
وتحدّث الدكتور عمر الغول في بحثه عن العلاقة بين العربية واليونانية التي تكشّفت من خلال بعض النصوص اليونانية والألفاظ التي اكتشفت في إحدى الكنائس البيزنطية ضمن أرشيف للبرديّات اليونانية في بترا عام١٩٩٣م، وبيّنت مراحل من تاريخ العربية فيها .
وأشار الدكتور جرادات في بحثه إلى أهمية اللغة العربية وفضلها الكبير في إثراء لغات العالم الإسلامية، وبخاصة اللغة الفارسية التي تعد ثاني أكبر لغة إسلامية بعد العربية، والأكثر ارتباطًا بها، فقد دخلتها الحروف العربية جميعها من الألف إلى الياء، والكثير من الألفاظ العربية والمصطلحات الدينية، فضلًا عن التأثر العميق بأدب العرب بكل تفاصيله، والانكباب على تقليده والسير على نهجه.
وأوصى الباحثون بجملة من التوصيات أبرزها:
1. وضع برنامج محدد يتم التوافق فيه مع مجامع اللغة العربية، وتشارك فيه وزارة الثقافة والتربية والتعليم العالي؛ لزيادة المحتوى الرقمي باللغة العربية على الشابكة إلى 3% خلال السنوات الخمس القادمة.
2. دعوة الكتاب والمؤلفين والفنانين للتأليف والكتابة والتعبير الفني عن المعالم الحضارية في كل بلد عربي ورصد موازنة خاصة لذلك.
3. التوسّع في أعمال الترجمة من العربية وإليها في كل ماله علاقة بالتصنيع والسياحة والعلوم والتكنولوجيا.
4. وضع معايير أو مؤشرات رقمية (indicators) لِتَعَرُّفِ وضع اللغة العربية في المجتمع في المراحل الدراسية المختلفة.
5. الاهتمام بالمراكز التي تدرس اللغة العربية للناطقين بغيرها من حيث البرامج والكتب.
6. توافق المجمع مع المؤسسات الإعلامية للالتزام باللغة العربية السليمة، ومع مصدري السلع لتقديم أي مشورة تتعلق بالمواد المكتوبة على تلك السلع.
7. وضع المصطلحات والاختصارات والرموز العلمية المتوافق عليها على محركات البحث على الشابكة.
8. إعداد تقرير دوري عربي سنوي عن حال العربية، في أحد مجالات الرصد والتحليل الآتية: التشريعات والتعليم المدرسي والجامعي، والبحوث والدراسات الأساسية، والإعلام التقليدي والرقمي وغيره. على أن يكون التقرير العربي المشترك نتيجةً لتقارير فرعية وطنية.
9. اتخاذ الإجراءات الإدارية والتشريعية لحصر المسؤولية عن برامج تعليم العربية للناطقين بغيرها في جهة واحدة، تكون قادرة على معالجة الخلل والقصور والفوضى، وعلى توظيف الخبرات المتنوعة في هذه البرامج.
10. العمل على إنشاء وحدات بحثية في كليات الآداب تعنى بالدراسات الاستشراقية، والنهوض بترجمتها.
11. ضرورة الالتفات إلى النصوص اليونانية المكتوبة قبل الإسلام، وفي الفترة الإسلامية المبكرة، وفي مقدمتها البرديات.
12. الاهتمام بلغات العالم الإسلامي، خاصة الفارسية، من خلالِ تأسيسِ برامجَ أكاديميةٍ جامعيةٍ، تعنى بتدريس أدبها وثقافتها، وبالترجمة منها وإليها.
13. تشكيل لجنة من مجامع اللغة في الوطن العربي، للتواصل مع المكتبات الإيرانية، وتزويد اللجنة بنسخ رقمية عن المخطوطات العربية ذات الأهمية للتراث العربي والإسلامي والإنساني؛ لتحقيقها وتهيئتها للنشر.