أبو جعفر
مدار الساعة ـ نشر في 2022/12/13 الساعة 04:03
اتذكر زمن نذير رشيد (أبو جعفر), حين كنا في بداية مشوارنا الصحفي, ونجرؤ مرة في الشهر على زيارة وزارة الداخلية, كان يأتي ممتطيا المرسيدس الصهباء.. وحين يدخل من الممر لا تسمع أنفاسا ولا حتى وشوشات, الكل يصمت..
ذات مرة كنت في مكتبه وأخبره السكرتير بأني من (شيحان), وأريد تصريحا صحفيا, ناداني إلى باب المكتب وقال: (تعال جاي عمو), ثم سألني: (أنت بدك اصرحلك؟).. أجبته: (باشا أنا جاي بس اسلم عليك واكحل عيوني بشوفتك)... سلمت وهربت مباشرة, كان له (وهرة غريبة)... هل يجرؤ من هو مثلي في ذلك الزمن على أخذ تصريح من نذير رشيد؟
(أبو جعفر) يختلف عن الجميع, لدرجة أن كأس الشاي كانت ترتجف في يده, وكلمة (اشحطوه) لم تكن تكلف شيئا.. ولم يكن صاحبها يهتم لشيء, هو الوزير الوحيد الذي ظل وفيا للشماغ.. سواء كان الصيف يلقي بحرارته, أو كان الشتاء يلقي بأمطاره.. لم يخلع الشماغ عن رأسه أبدا.. وكان يضع مسدس (سميث اند ويسن) على الخاصرة اليمنى, اقسم لو أن (بابلو أسكوبار) كان لدينا لقام نذير رشيد (بشحطه) ووضعه في زنزانة بالجويدة...
الزمن يتغير هذا صحيح, ولكن الرجولة لا تتغير.. نذير رشيد كان من جيل يفهم البناء الاجتماعي للناس, كان يستطيع أن يعرف من والدك ومن هم أخوالك, كان يعرف أين خدم والدك.. ومتى تقاعد, هو من جيل شاهد الحرب وشارك فيها وشاهد الدم والضحايا, والأهم أنه كان مشروع صريع أو شهيد.. وكان يصحو ولا يعرف هل ستأتيه الطلقة الغادرة, أم أن النهار سيمر..
أنا لا أكتب حنينا للماضي, لأني أعرف أن الماضي عبر ولن يعود.. ولكني أكتب وفاء لرجل علمنا أن نخاف, ونحسب حساب الكلمة والجملة, ولم يسمح لأحد يوما بالتجرؤ على الداخلية.. ولم يسمع لأحد يوما.. بأن يرفع صوته أمامه.
أنا لا اتحدث عن القمع والقبضة الحديدية, بل اتحدث عن صرامة الدولة.. وقوتها وهيبتها, وحين نستعيد تلك الصرامة, حتما ستتغير أشياء...
ماهي أخبار (ابو جعفر) يا ترى؟... بالطبع مازال شماغه شامخا بهيا.. وما زال صوته يهدر.. وأيامه ما زالت... وثيقة نخرجها للجيل الجديد كي نخبرهم عن الأردن الصارم القوي الصلب الكبير..
ذات مرة كنت في مكتبه وأخبره السكرتير بأني من (شيحان), وأريد تصريحا صحفيا, ناداني إلى باب المكتب وقال: (تعال جاي عمو), ثم سألني: (أنت بدك اصرحلك؟).. أجبته: (باشا أنا جاي بس اسلم عليك واكحل عيوني بشوفتك)... سلمت وهربت مباشرة, كان له (وهرة غريبة)... هل يجرؤ من هو مثلي في ذلك الزمن على أخذ تصريح من نذير رشيد؟
(أبو جعفر) يختلف عن الجميع, لدرجة أن كأس الشاي كانت ترتجف في يده, وكلمة (اشحطوه) لم تكن تكلف شيئا.. ولم يكن صاحبها يهتم لشيء, هو الوزير الوحيد الذي ظل وفيا للشماغ.. سواء كان الصيف يلقي بحرارته, أو كان الشتاء يلقي بأمطاره.. لم يخلع الشماغ عن رأسه أبدا.. وكان يضع مسدس (سميث اند ويسن) على الخاصرة اليمنى, اقسم لو أن (بابلو أسكوبار) كان لدينا لقام نذير رشيد (بشحطه) ووضعه في زنزانة بالجويدة...
الزمن يتغير هذا صحيح, ولكن الرجولة لا تتغير.. نذير رشيد كان من جيل يفهم البناء الاجتماعي للناس, كان يستطيع أن يعرف من والدك ومن هم أخوالك, كان يعرف أين خدم والدك.. ومتى تقاعد, هو من جيل شاهد الحرب وشارك فيها وشاهد الدم والضحايا, والأهم أنه كان مشروع صريع أو شهيد.. وكان يصحو ولا يعرف هل ستأتيه الطلقة الغادرة, أم أن النهار سيمر..
أنا لا أكتب حنينا للماضي, لأني أعرف أن الماضي عبر ولن يعود.. ولكني أكتب وفاء لرجل علمنا أن نخاف, ونحسب حساب الكلمة والجملة, ولم يسمح لأحد يوما بالتجرؤ على الداخلية.. ولم يسمع لأحد يوما.. بأن يرفع صوته أمامه.
أنا لا اتحدث عن القمع والقبضة الحديدية, بل اتحدث عن صرامة الدولة.. وقوتها وهيبتها, وحين نستعيد تلك الصرامة, حتما ستتغير أشياء...
ماهي أخبار (ابو جعفر) يا ترى؟... بالطبع مازال شماغه شامخا بهيا.. وما زال صوته يهدر.. وأيامه ما زالت... وثيقة نخرجها للجيل الجديد كي نخبرهم عن الأردن الصارم القوي الصلب الكبير..
مدار الساعة ـ نشر في 2022/12/13 الساعة 04:03