الضابطة الأردنية.. هكذا استحلفت شاباً لعدم الانتحار من فوق جسر في عمّان

مدار الساعة ـ نشر في 2022/12/04 الساعة 19:40
مدار الساعة - إبراهيم السواعير - الحسّ الإنساني والأخوي لنشميّة من نشميّات الأمن العام دفعها إلى النداء الصارخ، واستحلاف شاب أقدم على الانتحار من فوق أحد الجسور بعمّان، أن يتمهّل وأن يعدّ للعشرة، وأن يمنح نفسه فرصة رؤية ما قبل وما بعد،.. هذا ما لمسه كلّ من شاهد أو تصفّح المقطع المثير لهذه النشميّة وهي تثني المواطن عن انتحاره فيعود عنه، لتجلس بعد معركة فكريّة عظيمة ورجاء متواصل أبلت فيه كلّ البلاء وأعطت صورةً مشرقة لدولة حضاريّة تعيش أرقى أخلاقيات المهنة وشرف الانتماء إلى العسكريّة الأردنيّة.
إنّه الخطّ الإنساني الذي يتواصل بيننا وبين إخواننا وأخواتنا من مرتّبات الأمن العام والجيش، وهنّ يؤكدنّ مقولة جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه وتوجيهاته، في موضوع تمكين المرأة وإعطائها فرصتها في العمل والمناصفة في التعب أيضًا.. في هذه الحياة.
كان الخوف يتملّكنا نحن خلف الشاشات، فكيف بمن عاشت التجربة وخاضت ظرفًا من أصعب الظروف على عاطفة إنسانيّة أحسّ بها قلب نشميّة نشأت على الخير وتعاليم حبّ الوطن والانتماء إليه؟!.. حقًّا لقد كانت لحظات حاسمة ظننا أنّنا سننعى هذا الشاب بعد ثوانٍ قليلة، ولكنّها إرادة الله وجهود هذه البطلة التي يجب أن تُكرّم، لكي نحافظ على روعة العمل الرسمي والإنساني، فالإنسانيّة دائمًا تتخلل أيّ وظيفة، رسميةً كانت أم غير ذلك.
حقًا، لقد كان وجود الناس وثناؤهم عليها وهي تلتقط أنفاسها بعد ذلك، وتمسح دموعها من الفرح، وتحمد الله بأنّها منعت روحًا بريئةً من أن تُزهق، وأعادت إنسانًا موته خسارة على أهله وعائلته وعلى الوطن، خسارة على عائلة تبكي هذا الفتى الذي لو فكّر قليلًا لعلم أنّ كلّ الهموم تهون أمام مراجعة الذات والإحساس بالآخرين وأهميّة البداية من جديد، وأنّه لا شيء يستحق أن يتغلّب على قوّة الإرادة الإنسانيّة أو يهزمها، فهي سرّ البقاء واستمرار العطاء والضامن لبقاء الأنفاس تسبّح الله وتشارك في المسؤوليات وتفرح بجمال الحياة.
نفتخر كثيرًا، وهذا الشاب على شفا مسافة بعيدة، بنداء النشميّة وبجانبها امرأة أصيلة شاركتها النداء الصارخ بكلّ معاني الأمومة والإحساس بالمسؤولية والخوف مما سيترتب على ذلك، فقد كان وصف "والله انك نشميّة"، "الله يعطيكِ العافية"، يملأ قلوبنا بالاعتزاز قبل أن يملأ الأرجاء بالثناء.
هذا الحسّ إنّما يعزز الصورة المعروفة عنّا وعن أمان بلدنا وروعة التعامل الوظيفي العسكري وكون النشامى هم أبناؤنا يحسّون بما نحسّ ويتألمون كما نتألّم، ويفرحون لأفراحنا، وهو ما جعل عربًا وأجانب يثقون بتآلف مجتمعنا ومشاركة المرأة الأردنيّة وحضورها الوطني في المؤسسة العسكريّة، فضلًا عن فاعليّتها في الوظائف والمسؤوليّات الأخرى في كلّ الحقول والمجالات.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/12/04 الساعة 19:40