ركود سوق العقارات شعوذة أيضاً
أعمال الشعوذة واللصوصية التي ألقى الأمن العام على أصحابها ليست جديدة، ولكن الجديد هو في شعوذة وطلاسم سوق العقار، ففيما مضى من أعوام سابقة كان سوق العقارات هو إنبوب المالية العامة للخزينة اعتمادا على الرسوم والضرائب المتأتية عن البيوعات في سوق العقارات، ورغم التلاعب بنسب الضريبة على العقار فإن الطرفين الشاري والبائع سيقبلون بالغبن الأصغر، ولكن ما يجري اليوم حسب المقارنات ما بين سنوات ماضية ارتفعت فيها أسعار العقارات لحد الجنون وما وصل اليه الحال اليوم، نرى أن عباقرة تفخيخ السوق العقاري سيضيعون على الخزينة العامة عشرات ملايين الدنانير، وهذا لم يأت صدفة بل هو اختراع لا يمكن إلا أن يكون المفكرّ العظيم قد بيت النيّة لوقف التعاملات السوقية تماما.
الذي حدث منذ عامين وأكثر قيام دائرة الأراضي والمساحة بالخروج عن كافة معايير الإنصاف، حيث قررت فجأة رفع أسعار العقارات جملة واحدة، وحطمت السقوف السعرية الأدنى، بحيث تم الإيعاز للمقدرين الرسميين برفع ما يسمى القيّم الإدارية، أي رفع قيمة العقار بشكل غير حقيقي، ولم يؤخذ بعين الاعتبار تصنيف قطع الأراضي ممتازة الموقع عن القطع الوعرة أو البعيدة عن كل الخدمات، وفجأة يجد صاحب الأرض الذي يعلم مسبقا سعر التقدير لأرضه أو عقاره قد ارتفع الضعف بشكل عشوائي.
وهذا ما دفع العديد ممن اشتكى وطالبوا بحل عادل بالنسبة للرسوم والتقديرات، حيث فاجأوني بالقيم التقديرية الجديدة والضريبة عليها، ومنهم من قال إن سعر دونم السكن كان يحوم حول الخمسين ألف دينار قد وصل تقديره الى الضعف، أي مئة الف دينار، وكثير من أصحاب العقارات وتجار الأراضي باتوا يتحملون خسائر فادحة، وهذا ما جعل التداولات شراءً وبيعاً في أدنى مستوياته منذ أعوام.
أحياناً نجد أن بعض المسؤولين في المؤسسات مفصولون تماما عن الواقع، ليس بعدم فهمهم لواقع الحال وحسب، بل إنهم ينظرون الى الأفراد وكأنهم غنيمة، فلو رأينا كيف تتم محاسبة أمانة عمان وبلديات المدن الكبرى لأصحاب العقارات والمولات والمحال التجارية الكبيرة بناء على المساحات مهما كانت ضيقة جدا، لوجدنا الظلم والتعسف بتطبيق قوانين جباية ليس لها أي معيار، فترى أن عقار ما يتكبد صاحبه عشرات آلاف الدنانير رغم أن المساحة أو المحل فارغ، يقابله مكان آخر يخفض فيه التقدير حسب نظرة المقدرين، وفي نهاية العام تطارد الفرق المالية أصحاب المحال أو العقارات بغرامات ليس لها أي سلطان، سوى أن الموظف يتلقى التعليمات، ورغم خلو المباني فإن ضرائب المسقفات والمعارف تبقى سيفاً مسلطاً، ولا يقدم لها أكثر من تعبيد شوارع كل عشر سنوات مرة واحدة.
ولو نظر اي مسؤول الى إحدى الحكومات السابقة عندما قررت تخفيض نسبة بيع العقار الى النصف، لعرف كم من الواردات المالية التي تحصلت عليها الخزينة ودعمت حركة البيع والشراء وتحريك الأسواق، ففي النهاية أي رقم يدفعه المواطن سيبقى يدور في عجلة السوق.
في المقابل يتمتع أصحاب الشركات العقارية الكبرى بامتيازات لا يمتلكها صاحب منزل متواضع، فكثير من الشركات العقارية بدأت منذ سنوات شراء مساحات أراض زراعية شاسعة حول العاصمة عمان، وأقامت عليها بنايات وفلل للسكن، خاصة وان بعض الشركات يتم منحها تفضيلات لتقسيم الدونمات الى النصف أو الربع، فيما مالكو الأرض الأصليون الذين ينتظرون إنهاء معاملات الإفراز لأراضيهم التي قد تأخذ سنوات عديدة.
Royal430@hotmail.com